علم، نهاية الأسبوع، بأن قاضي التحقيق بالغرفة الجزائية الثانية بمحكمة أم البواقي الابتدائية، أمر بإيداع عون تحصيل بشركة الكهرباء و الغاز بأم البواقي، رهن الحبس المؤقت، مع الأمر بوضع عون تحصيل ثان تحت الرقابة القضائية، في قضية مازالت التحقيقات فيها مستمرة، على أن تشمل أزيد من 23 موظفا، بينهم إطارات و رؤساء
مصالح بذات الشركة.
القضية حققت فيها فصيلة الأبحاث و التحريات بالمجموعة الإقليمية للدرك الوطني بأم البواقي، عقب اكتشاف ثغرة مالية تقارب قيمتها مبدئيا 15 مليار سنتيم و التي نتجت بسبب تلاعب في الحسابات الداخلية للمؤسسة و تحريف لقاعدة البيانات الحسابية للشركة، باستغلال حداثة برنامج إلكتروني تم التوجه لاستعماله، مؤخرا، للقيام بعمليات اختلاس وفق طرق منظمة استمرت لأزيد من 5 سنوات كاملة.
قاضي التحقيق استمع في المرحلة الأولى لكل من عوني التحصيل و مدير المؤسسة و رئيس مصلحة التحصيل و رئيس قسم العلاقات التجارية الحالي و نفس رئيس المصلحة السابق، إضافة إلى رئيس قسم أنظمة الإعلام الآلي، على أن تشمل التحقيقات موظفين و إطارات بمصلحة المالية و المحاسبة.
و بحسب مصادر النصر، فإن القضية كانت محل تحقيقات أمنية من طرف فصيلة الأبحاث و التحريات للدرك الوطني و كانت قد انطلقت بتعليمة نيابية من نيابة محكمة أم البواقي الابتدائية، في أعقاب ورود معلومات للجهات القضائية عن حصول عمليات اختلاس منظمة للمال العام على مستوى شركة توزيع الكهرباء والغاز، انطلاقا من مطلع سنة 2016 و إلى غاية الأسابيع القليلة المنقضية، لينطلق عناصر فصيلة الأبحاث والتحريات في تحقيقاتهم، التي جاءت على مرحلتين، أولاها شملت التدقيق في كافة العمليات المحاسبية للشركة بمراجعة كل الوثائق وقاعدة البيانات الإلكترونية، وثانيها مباشرة عملية استماع واسعة لموظفين وإطارات بينهم رؤساء مصالح بداخل الشركة.
و أضافت مصادرنا، بأن التحقيقات الأمنية شملت نحو 23 موظفا بالشركة، ينتمون لجميع المصالح انطلاقا من مصلحة الخدمات العامة مرورا بمصلحة العلاقات الخارجية ثم مصلحة المستخدمين وكذا مصلحة المالية والمحاسبة ثم مصلحة تسيير نظام المعلوماتية وكذا مصلحة التفتيش والمراقبة، أين تم خلال فترة التحقيقات الأمنية اتخاذ قرار بتجريد 5 موظفين بينهم إطارات من جوازات سفرهم، في الوقت الذي اتخذت إدارة المؤسسة قرارا بمنع الموظفين الذين شملتهم التحقيقات الأمنية من الاستفادة من عطلهم السنوية، إلى غاية غلق الملف و كانت إدارة المؤسسة قد حركت هي الأخرى دعوى قضائية أمام نيابة محكمة أم البواقي الابتدائية، بعد أن انتهت في تحقيقاتها الداخلية لوجود ثغرة مالية تقدر تحديدا بمبلغ 14.9 مليار سنتيم، في انتظار ما ستخلص له الخبرة المالية القضائية التي أمر بإعدادها قاضي التحقيق، وكانت المديريتان الجهوية و العامة لشركة توزيع الكهرباء و الغاز، قد أوفدتا خلال الأسابيع القليلة المنقضية لجانا للتحقيق وتقصي الحقائق، أين وقفوا على وجود ثغرة حسابية بالمؤسسة و هي التي يعكف قاضي التحقيق على تحديد هوية المتسبب أو المتسببين فيها.
و أشارت مصادرنا، إلى أن المشتبه بتورطهم في إحداث هذه الثغرة، استغلوا لجوء المؤسسة لبرنامج إلكتروني جديد يعرف داخليا باسم «CRMS» و هو الذي تم اعتماده قبل سنة، بدلا من البرنامج الإلكتروني القديم الخاص بنظام تسيير الزبائن و الذي يطلق عليه اختصارا «SGC» و شملت الثغرة مبالغ استقبلتها المؤسسة فقط من زبائن الضغط المتوسط و يتعلق الأمر بأصحاب شركات و محاجر و غيرها.
و كان من بين الأسباب الأولى في اكتشاف الثغرة، هو صك بنكي تسلمته إدارة شركة توزيع الكهرباء و الغاز من فرع شركة جيكا للإسمنت بسيقوس في إطار تنسيق الاستهلاك و الذي يحتوي على قيمة مالية بـ9.4 ملايير سنتيم موجهة لتسديد مستحقات استهلاك الشركة من الطاقة، وهو المبلغ الذي لم يتم صبه إلكترونيا في البرنامج الجديد، وتم تحويله لتسوية أرقام في حسابات أخرى داخلية للشركة و حين اكتشاف هذا التلاعب في نظام المعلوماتية، تم التدقيق في جميع الصكوك التي تحول في البرنامج الإلكتروني الجديد لمصلحة المالية و المحاسبة و يتم تقييدها إلكترونيا عن طريق إدراج رقم سري يوجد فقط بين يدي موظفي المؤسسة الذي شملتهم التحقيقات، على غرار رئيسة القسم و رئيسة المصلحة و عون، و شملت التحقيقات كذلك عون تحصيل و آخر بقسم العلاقات التجارية و موظفة مكلفة بالدراسات بقسم المالية و المحاسبة و أخرى تشتغل عون تسيير بمصلحة المالية و غيرهم.
المعطيات الأولية أشارت إلى أن أحد أعوان قسم العلاقات التجارية، استعمل أرقاما سرية مخصصة فقط لكل موظف بمصلحتي المالية و العلاقات التجارية، لولوج البرنامج الجديد، أين اتهم بالتلاعب بالمعطيات المحاسبية وأخلط قاعدة البيانات و لم يتم اكتشاف الثغرة التي يقوم بإخفائها في كل مرة تستلم المصلحة صكوكا بنكية بمبالغ خيالية من شركات مختلفة تنشط بالولاية، حتى بعد أن دقق المحافظون و المدققون في حسابات الشركة، لأن التلاعب، حسب ما كشفته مصادرنا، تم بطرق احتيالية يصعب اكتشافها، فالغلاف المالي الذي تقدمت به شركة الإسمنت لتسوية مستحقات شركة توزيع الكهرباء و الغاز، حوّل لتسوية ثغرات بمبالغ تم التصرف فيها منذ سنة 2016.
و مست عمليات التلاعب المبالغ المرتبطة بمصلحة الزبائن الجدد و الأشغال التي تقوم بها المؤسسة على مستوى شركاتهم، كون التعامل معهم لا يتم كبقية الزبائن العاديين، فحتى عملية التسديد لا تتم بشباك المصلحة التجارية، بل تتم بالمصالحة المتواجدة بالجناح الإداري، ويكون تسديدهم شهريا بدل التسديد كل 3 أشهر و يتم ذلك صكا و ليس نقدا.
و تشير المعطيات التي بحوزتنا بأن التلاعب تم مباشرة بعد تقعد موظفة بقسم العلاقات التجارية سنة 2016، أين أخلفها عون مكتب انقطعت عنه اليوم جميع الأخبار و تسبب ذلك باستنجاد إدارة الشركة بمحضر قضائية لفتح مكتبه بقرار من محكمة أم البواقي الابتدائية، وتمت عملية جرد محتويات المكتب الذي شملته تحقيقات عناصر الدرك ويبقى العون المكلف به في حالة فرار بعد استفادته من عطل مرضية متكررة، وكانت محكمة أم البواقي قد عالجت خلال الأشهر القضية الماضية قضية اختلاس مبالغ مالية صغيرة، وجهت فيها أصابع الاتهام لبعض موظفي التحصيل وموظف بالصندوق بالوكالة التجارية وصدرت أحكام كانت محل استئناف بإدانة المتهمين بأحكام تفاوتت بين البراءة والحبس النافذ. أحمد ذيب