حذرت مجموعة من الفلاحين و الأمين الولائي لإتحاد الفلاحين بولاية برج بوعريريج، يوم أمس، من تهديد استمرار النزيف الحاد الذي لحق بشعبة تربية الأبقار الحلوب، التي أضحت مهددة بالزوال في حال استمرار الوضع على ما هو عليه، في ظل استحسانها و تفضيلها للذبح من طرف الجزارين لبيع لحومها، و كذا من قبل المواطنين لنحرها في عيد الأضحى، لإنخفاض أسعارها مقارنة برؤوس المواشي و العجول، بالإضافة إلى توجه الموالين إلى بيعها كحتمية فرضها الارتفاع «الفاحش» في أسعار تغذية الأنعام، ما دفعهم إلى مناشدة الوزارة الوصية بالتدخل العاجل و مطالبتها بتسقيف أسعار النخالة في حدود 1500 دينار، و الزيادة في سعر الحليب لتحقيق هامش ربح يسمح بحماية شعبة تربية الأبقار الحلوب من الزوال.
انخفاض أسعار أنثى الأبقار يسيل لعاب تجار اللحوم و المواطنين
تفضيل ذبح الأبقار الحلوب و خاصة البقرات الصغيرات «الريخة» فرضه حسب الأمين العام لإتحاد الفلاحين « ثابتي حملاوي « و الموالين الذين التقت بهم النصر بسوق المواشي، واقع و حسابات انخفاض أسعار الأبقار الصغيرة المعروفة باسم «الريخة « و البقرة الحلوب مقارنة برؤوس المواشي و العجول، و اعتبارات أخرى حتمت على أغلب الموالين و الفلاحين التوجه إلى بيع قطعان الأبقار كحتمية فرضتها الزيادات الكبيرة في أسعار حزم التبن و الكلأ و الأعلاف إلى درجة عجز الموالون فيها عن التوفيق بين المصاريف المترتبة عن شراء تغذية الأنعام و مداخيلهم المتمثلة في عائدات بيع العجول و مادة الحليب، قبل توجههم مؤخرا إلى إضافة الأبقار الحلوب لقائمة المبيعات.
و قد كان من المتعارف عليه الاحتفاظ بإناث الأبقار الصغيرة و استغلالها بحسبهم في زيادة الثروة الحيوانية و تدعيم شعبة تربية الأبقار الحلوب بولاية برج بوعريريج، خصوصا و أنهم قضوا تجربة قاسية خلال الشتاء الفارط، أين بلغ سعر حزمة التبن حدود الألف دينار فيما تجاوز سعر حزمة الكلأ الألف و 200 دينار، ناهيك عن ندرتها في السوق كانعكاس لسنوات الجفاف الفارطة و نقص محاصيل القمح و الشعير بمعظم ولايات الوطن، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الأعلاف إلى حوالي 04 آلاف دينار للقنطار الواحد و 2400 دينار لقنطار النخالة.
غلاء تغذية الأنعام يدفع الموالين إلى بيع أبقارهم و تغيير نشاطهم
تحذيرات تكررت على ألسنة عشرات الفلاحين و الموالين في حديثهم لجريدة النصر، التي تنقلت إلى سوق المواشي بمدينة البرج، ما جعلنا نحاول التعمق أكثر في هذه القضية التي أصبحت تشغل بال مربي الأبقار في ظل انكماش مداخيلهم و تراجع نشاطهم، أمام الغلاء الذي شهده سوق تغذية الأنعام منذ العام الفارط كانعكاس لسنوات الجفاف و انخفاض منتوج القمح و الشعير و المحاصيل الزراعية بصفة عامة، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الأعلاف و حزم التبن و الكلأ إلى مستويات قياسية، أضعفت المربين و أرهقتهم ماديا، في ظل العجز الكبير في الموازنة بين المداخيل و المصاريف التي يقول الفلاحون أنها تعادل ثمن نصف البقرة، و ذلك لتغذية بقرة واحدة في العام، ما دفع بأغلبهم إلى بيع قطعان أبقارهم بما فيها الأبقار الحلوب في ظل عجزهم عن شراء التغذية.
و قصد معرفة مزيد من التفاصيل حول هذه القضية اتصلنا بالأمين الولائي لإتحاد الفلاحين، أين نقل هو الآخر مخاوف الموالين، و أضاف عليها أن شعبة تربية الأبقار الحلوب مهددة بالزوال في هذه الولاية التي تعد من بين الولايات الرائدة في تربية الأبقار، و جمع و بيع الحليب، بحيث كانت تتوفر على 50 ألف رأس بقر و حوالي 22 ألف بقرة حلوب، مشيرا إلى نزيف قطعان الأبقار الحلوب و «الريخة» بوجه خاص، سيما خلال الأيام الأخيرة التي تزامنت مع إقبال العائلات و أرباب الأسر على شراء أضاحي العيد، و تفضيلهم نحر الأبقار على رؤوس المواشي و العجول، في ظل انخفاض أسعارها و توفرها بالأسواق، بالنظر إلى توجه الفلاحين إلى التخلص منها و بيعها تحت ضغط ارتفاع أسعار التغذية.
اتحاد الفلاحين: لتر الحليب يكلف 70 دينارا و لكنه يباع بـ 43 دج
و قال محدثنا أن الحصول على لتر واحد من الحليب أصبح يكلف الفلاح و المربي حوالي 70 دينارا، إذا ما تم احتساب تكلفة تغذية البقرة الواحدة في اليوم و المقارنة بين تكلفة التغذية و مردود الحليب في اليوم الواحد، في حين يبيع الموال حاليا اللتر الواحد من الحليب بحوالي 43 دينار، باحتساب السعر المحدد للدعم من طرف الدولة و المقدر بـ 12 دينار، مشيرا إلى تضرر الفلاحين و مطالبتهم برفع سعر اللتر الواحد من الحليب أو رفع سعر الدعم أو خفض أسعار تغذية الأنعام لتمكين الفلاح من تحقيق موازنة في ميزان الربح و الخسارة و كذا بين مصاريفه و مداخيله، في حال اهتمام الوزارة الوصية بتطوير شعبة تربية الأبقار الحلوب التي تتوجه بحسبه إلى الزوال و الاندثار لو استمر الوضع على ما هو عليه.
و ذكر الأمين الولائي لإتحاد الفلاحين أنه و بعد فترة قصيرة من انقضاء موسم الحصاد و الدرس، هذا العام سجل لهيب في أسعار تغذية الأبقار، حيث يتراوح سعر حزمة التبن بين 600 إلى 650 دينار، و 850 دينار لحزمة الكلأ الواحدة و أزيد من 2400 دينار سعر القنطار الواحد من النخالة في حين تتراوح أسعار الأعلاف المعالجة بين 4 ألاف إلى 5 ألاف دينار للقنطار الواحد، الأمر الذي دفع بالفلاحين إلى تغيير نشاطهم و التوجه نحو نشاطات أخرى مربحة .
سماسرة يفرضون زيادات كبيرة في أسعار الأضاحي
و قد شهد سوق المواشي المتواجد بالمخرج الشرقي الجنوبي لمدينة برج بوعريريج، حركية كثيفة و ازدحاما من قبل المتسوقين و كذا الموالين سواء بالجزء المخصص لبيع المواشي أو الجزء الأخر المخصص لبيع الأبقار، و عرف الأخير إقبالا كبيرا و حركية بيع واسعة، تجسدت في خروج العديد من المواطنين و هم يجرون رؤوس الأبقار التي اشتروها لنحرها في عيد الأضحى، خاصة الأبقار الصغيرة التي لم تلد بعد أو ما يعرف بتسمية «الريخة « و ذلك لأسعارها المقبولة مقارنة بما توفره من كميات لحم، بل و انخفاضها مقارنة بالأغنام و العجول، حيث تراوحت أسعارها بين 7 ملايين حتى 13 مليون سنتيم.
وعرفت أسعار الأغنام و الكباش بعض الاستقرار إذا ما قورنت بالسنوات الفارطة، مع تسجيل فارق طفيف فرضه السماسرة الذين انتشروا منذ الساعات الأولى بمحيط السوق، و قاموا بشراء قطعان المواشي من الموالين قبل دخولهم للسوق، ما فرض زيادات في أسعار الأضاحي بلغت بحسب الموالين حدود الخمسة آلاف دينار، مشيرين إلى أن السماسرة ألهبوا السوق، قبل أيام فقط من عيد الأضحى، و هو ما اعتبره المواطنون المقبلين على شراء الأضاحي بالتبريرات غير المنطقية من قبل الفلاحين بعد فرضهم لأسعار مرتفعة، في حين برر المربون هذه الزيادات فضلا عن دخول السماسرة و عبثهم بالأسعار بالارتفاع المسجل في تكاليف تربية المواشي، حيث بلغت أسعار الكباش المسمنة حوالي 07 ملايين سنتيم و لم تقل عن المليونين و 400 ألف سنتيم بالنسبة للنعاج فيما بدأت أسعار الخرفان و كذلك «العلوش « من مليونين و 800 ألف سنتيم فما فوق، ما دفع بعشرات المواطنين إلى تفضيل شراء الأبقار نظرا لتدني أسعارها مقارنة بلحوم الأغنام و كفاية كميات لحومها للعائلات الكبيرة، فضلا عن الهروب من الارتفاع الكبير المسجل في أسعار سوق الماشية .
و عرف الطلب على رؤوس الأبقار خصوصا الأنثى منها تزايدا، نظرا للأسعار المعقولة بحسب المتسوقين، حيث بلغ سعر البقرة الصغيرة «الريخة» و العجول بين 7 ملايين حتى 13 مليون سنتيم للرأس الواحد، حسب الوزن و نوعية التغذية.
و أرجع الكثير من الموالين لهيب الأسعار إلى ارتفاع تكاليف تغذية المواشي من الأعلاف و الكلأ و التبن، فضلا عن انعدام سياسة واضحة تحمي الفلاح الذي ينتهز الفرص لتحقيق أرباح و تغطية جزء هام من التكاليف التي تنجر عن رعايته لقطعان الماشية طيلة العام، هذا إلى جانب دور التجار و السماسرة في المزايدة.
و يرى بعض العارفين بخبايا سوق المواشي و الأبقار، أن لهيب الأسعار قد لا يستمر، و قد تتراجع الأسعار خلال الأيام القادمة خصوصا مع اقتراب موعد عيد الأضحى، و حجتهم في ذلك هو التراجع المسجل في الثروة النباتية بالولاية و كذا بما هو ملاحظ في أغلب ولايات الوطن، ما أدى إلى تسجيل عجز و ندرة في التغذية بما فيها حزم التبن و الكلأ و الأعلاف، ناهيك عن ارتفاع أسعارها إلى أعلى المستويات، ما سيجعل الموالين في ضغط مع اقتراب موعد عيد الأضحى و يدفعهم إلى محاولة التخلص من أكبر عدد من رؤوس الماشية لتجنب تبعات تكاليف توفير الأكل و الأعلاف في حال بقائها لديهم، خصوصا فيما يتعلق بالكباش. و تبقى هذه الآراء مجرد تخمينات قد تدفع ببعض المواطنين كذلك إلى الاكتواء بغلاء الأضاحي قبل أيام معدودات من عيد الأضحى تحت ضغط توفير الأضحية لأفراد العائلة مهما كان ثمنها.
ع.بوعبدالله