أعيد، يوم أمس الأول الخميس، افتتاح جامع «سيدي عبد الله بن جعفر اليعدلي»، بعد ترميمه، في ذكرى الاحتفالات بعيد اندلاع ثورة التحرير الجزائرية المجيدة، حيث احتفل أهالي قرية تادشيرت ببلدية تفرق بولاية برج بوعريريج، باعادة الروح لهذا الصرح الديني، بعد خضوعه لعملية ترميم من قبل مختصين، راعت الجوانب التقنية والهندسة المعمارية للمنطقة .
ويعود تاريخ انجاز هذا المعلم التاريخي، حسب ما أكده أعيان المنطقة وعلى رأسهم نصر الدين دعدوش، للنصر، إلى القرن السادس عشر وقد عمد أهل المنطقة والخيرون المساهمون في عملية الترميم، إلى اختيار ذكرى الفاتح من نوفمبر لإعادة افتتاحه، ليصبح شاهدا على صمود المنطقة وتاريخها الغني.
وقد استقطب افتتاح هذا المعلم الديني والتاريخي حضورا لافتا للمواطنين من أهل المنطقة ومن خارجها، فضلا عن شخصيات وباحثين في التاريخ، على غرار مدير الثقافة ومدير جامعة محمد البشير الابراهيمي، وأساتذة مطلعين على تاريخ المنطقة، الذين أكدوا في مداخلاتهم على أن هذا الجامع «سيدي عبد الله اليعدلي» لم يكن مجرد مكان للعبادة بل كان ملاذا للثوار وقلعة ومنارة لنشر العلم وتعاليم الدين الحنيف، للحفاظ على الهوية والمرجعية الدينية الوسطية المعتدلة، خلال الحقبة الاستعمارية، ومركزا لتعليم القرآن وغرس القيم الدينية والتوعية الوطنية، فقد لعب دورا محوريا في إذكاء روح المقاومة والتضحية بين أبناء المنطقة، وتعزيز الوحدة الوطنية بين أفرادها.
الاستنجاد بمختصين لترميم الجامع بالطابع الاسلامي المغاربي
وأكد خلال حفل الافتتاح أعيان المنطقة، ومن بينهم مصطفى بوفرماش على أن عملية إعادة تأهيل وترميم الجامع تمت وفقا للمعايير المعمول بها، من خلال إطلاق دراسة والاستنجاد بمختصين سبق لهم وأن شاركوا في عملية الترميم الواسعة لأحياء القصبة العريقة بالجزائر العاصمة، ما أكسبهم تجربة في ترميم مثل هذه البنايات العتيقة، مع الحفاظ على الطابع المعماري الإسلامي الأصلي للجامع، فقد تم الإبقاء على الأعمدة الحجرية التي تعود إلى العهد الروماني والدعامات الخشبية العتيقة في الأسقف واستخدام مواد البناء الأصلية والحرص على الاحتفاظ بأدق التفاصيل المعمارية والهندسة المغاربية الأصلية لهذا الصرح الديني، من خلال الأقواس وهندسة النوافذ والأبواب، فضلا عن تجنب التوسعة والابقاء على المساحة الأصلية للجامع ليبقى معلما أثريا شاهدا على تاريخ المنطقة.
وقد شهد هذا المعلم التاريخي والأثري عملية إعادة تأهيل وترميم، على عاتق الخيرين من أبناء القرية وفقا للمعايير المعمول بها لدى المصالح المختصة وتحت إشراف من مكتب دراسات مختص ومعتمد، حيث تمت المحافظة على المواد العتيقة والإبقاء على الطابع المعماري الاسلامي واستعمال مواد البناء الأصلية.
وأشار بعض المتدخلين وعلى رأسهم أستاذ التاريخ بوعزة بوضرساية، أن إحياء هذا المعلم التاريخي في ذكرى الفاتح من نوفمبر، يعد مجسدا لتمسك أهالي منطقة تفرق وقرية تادشيرت بِتراثهم العريق واعتزازهم بتاريخهم الوطني والديني، فقد أكدت الاحتفالات على أن المحافظة على دينهم والتمسك به، أمام ألة التغريب الاستعمارية، كانت حليفا للمقاومة الوطنية.
وأبرز أهالي المنطقة من خلال الكلمة التي ألقاها رئيس البلدية نيابة عنهم، رسالة الوفاء والاعتزاز بجذورهم الممتدة منذ قرون وبهويتهم الوطنية والدينية، مؤكدين أن ذكرى ثورة التحرير ستبقى دائمًا حاضرة في قلوبهم، تحييها أفعالهم واحتفالاتهم لتستمر كرمز يتوارثه الأبناء عن الأجداد.
ويعد جامع «سيدي عبد الله اليعدلي» المتواجد في قرية تادشيرت ببلدية تفرق، من أقدم الجوامع والبنايات في منطقة الجعافرة، وشاهدا على تاريخها حيث يعود تاريخ تشييده إلى القرن السادس عشر ميلادي، على الطابع المعماري المغاربي المحلي، كما يعد رمزا لتاريخ المنطقة ولقوة صمود أهلها، إذ يجسد الرابط والتكامل بين الدين والوطنية في الذاكرة الجزائرية وقد أعيد إحياؤه في رسالة من أبناء المنطقة، كرمز للتاريخ وللمستقبل وكشهادة على تضحيات الشهداء والتزام الجيل الحالي بالاتحاد والتعاون لحمل مشعل الوطنية والتقدم.
ع/بوعبدالله