طاولات بيع الأسلـحة البيضـاء تغــــزو الشــــوارع عشية العيد
تغزو شوارع قسنطينة خلال الأيام الجارية، طاولات التجارة الفوضوية التي يعرض أصحابها السّكاكين من مختلف الأنواع ومستلزمات ذبح أضحية العيد، في حين تنتشر الخرفان والكباش وطاولات بيع الكلأ في الكثير من النقاط. وفي جولة بأحياء المدينة الجديدة علي منجلي، لاحظنا بأن العديد من الشباب قاموا بنصب طاولات التّجارة الفوضويّة مستغلين اقتراب عيد الأضحى في عدّة نقاط، ومحتلين المساحات العمومية المحيطة بالعمارات وحيّزا من الأرصفة، كما قام بعضهم بوضع أكواخ للتجارة الفوضوية.
وقد انطلقنا من الوحدة الجوارية 14، أين لم نجد الكثير من طاولات بيع السكاكين، في مقابل عدد كبير من باعة الكلأ والفحم ومعدات إعداد الشواء وقد تقربنا من بعض الباعة فوجدنا بأن أسعار الكلأ تتراوح ما بين مائة و300 دينار بحسب حجم الحزمة، في حين تباع طاولات الشواء الصغيرة بأكثر من ألف دينار.
انتقلنا إلى الوحدة الجوارية 19، ولاحظنا فيها نفس المشكلة تقريبا، لكن بيع السكاكين المحظورة حيازتها وحملها من دون مبرر شرعي، كان موجودا بكثرة بالحي المعروف باسم 400 سكن في الجهة الشرقية من المدينة، كما أنّ بعض أصحاب محلّات بيع العقاقير والخردوات قد عمدوا إلى وضع طاولات بجوار محلاتهم لعرض السّكاكين ومستلزمات ذبح كبش العيد.
وقد وصل نشاط الباعة إلى غاية مدخل المدينة بالمكان المعروف باسم “كوسيدار”، حيث كان أحدهم يعرض أنواعا مختلفة من السكاكين والخناجر بعدة أحجام، فتقربنا منه وسألنا عن سعر السكين المعروفة باسم “12 سم” والمستعملة بكثرة في الشجارات، وأخبرنا بأن ثمنها 300 دينار، ثم عرض علينا سكينا أخرى تشبه الأولى لكنها أقل حجما وسعرا.
وقد وجدنا لدى أغلب الباعة خناجر أخرى محظورة، من المستعملة في الشجارات أيضا، على غرار السكين من نوع “أوكابي ثلاثة نجوم”، حيث عرضه علينا بسعر 750 دينارا محاولا إقناعنا بأنه من النوعية الأصلية، قبل أن يقدم لنا سكينا أخرى أقل حجما بسعر 250 دينارا.
ويعرض الباعة أيضا معدات أخرى لسلخ الأضحية وتعليق اللحم، مثل الحبال التي يتراوح سعرها بين 1200 دينار و200 دينار، بحسب طولها وسمكها، فيما أخبرنا أحد الشباب الذين يعرضون السكاكين بأن تجارته موسمية ولا يمارسها إلا في فترات عيد الأضحى، كما أوضح لنا بأن بعض سلعه مخزنة لديه منذ العام الماضي، معللا ذلك بـ “تراجع سعرها مقارنة بالسلع المعروضة لدى غيره”.
وتسجل أحياء قسنطينة نفس الظاهرة أيضا، ففي حي جنان الزيتون تظهر طاولات باعة كلأ المواشي، ويترك الكثير من السكان خرفانهم طليقة في المساحات الخلفية للعمارات. وقد لاحظنا نفس المشكلة بوسط المدينة، أين اختار الباعة شوارع المدينة القديمة من أجل عرض السكاكين والمستلزمات الأخرى، مثل الآلات المستعملة في نفخ جسم الأضحية لتيسير سلخها.
واستغل بعض الأشخاص اقتراب عيد الأضحى، من أجل وضع آلات لشحذ السكاكين مقابل مبالغ مالية بسيطة في الكثير من الأحياء، في حين اشتكى لنا مواطنون من باعة الكلأ، حيث قالوا “إنّهم يتسببون في تشويه منظر الأحياء السكنية فضلا عن المخلفات التي تبقى وراءهم بعد انقضاء العيد”.
وأبدى مواطنون آخرون استياءهم من بيع السكاكين في الطاولات بشكل عشوائي، لكون ذلك يسمح بالحصول على أدوات قد تتحول إلى أسلحة بيضاء في حال وقوع شجارات أو غيرها من السلوكيات. وانتقد محدثونا أيضا ترك الخرفان ترعى في المساحات الخضراء بالأحياء السكنية بشكل عشوائي طيلة أيام قبل العيد، في حين يؤكد أصحاب الطاولات بأنهم لا يملكون مصادر أخرى للدخل، ما يجعلهم يلجأون إلى هذا النوع من التجارة في مواسم الأعياد. من جهة أخرى، تحول عيد الأضحى في أحياء من المدينة إلى فرصة لبعض الشباب من أجل تنظيم منازلات الكباش، رغم ما يتسبب به ذلك من تعذيب للحيوانات، كما أنّ آخرين يحوّلونها إلى منافسات للقمار، خصوصا وأن الكثير منهم يربون الكِباش ويدرّبونها على التناطح في أحياء سكنية على غرار “سيلوك” وفضيلة سعدان منذ عدة أشهر، لتحضيرها لهذا الموسم، مستغلين في ذلك المساحات الخضراء والفضاء العمومي من الأحياء.
سامي.ح