ذكر مساعد وكيل جمهورية سابق بمحكمة القطب الجزائي المتخصص بقسنطينة، أن مختطفي الطفلين إبراهيم وهارون، «لم تكن لهما نية» في قتل الضحيتين، لكنهما "دُفعا" إلى ذلك بسبب “التهويل” الإعلامي، معترفا في المقابل بأنه قد كان لوسائل الإعلام الفضل في العثور على الرضيع “ليث” المختطف من المستشفى الجامعي.
و خلال يوم دراسي نُظم أمس بمجلس قضاء قسنطينة حول “الإعلام و القضاء”، قال السيد بوغابة عبد العزيز وكيل جمهورية لدى محكمة ميلة، الذي سبق له أن عمل كوكيل جمهورية مساعد بمحكمة القطب الجزائي المتخصص بقسنطينة، أن بعض وسائل الإعلام “تدفع” المجرمين لارتكاب جريمة أكثر خطورة، خاصة في قضايا الاختطاف أين يقوم الجاني بقتل الضحية بسبب “تهييج” الرأي العام، مقدما مثالا عن قضية اختطاف الطفلين ابراهيم و هارون قبل سنتين، حيث قال أن الجاني «لم تكن له نية» القتل في البداية، لكنه «حوصر و دُفع لارتكاب الجريمة»، نتيجة «التضخيم» و نشر «حقائق غير ثابتة» و «المساس بمشاعر الناس أكثر مما يجب»، لتكون وسائل الاعلام متسببة فيما حدث، حتى لو كان ما قامت به «عن حسن نية”.
بالمقابل أقر المتحدث في نقاشه مع الصحفيين حول هذه المسألة، أنه قد كان لوسائل الإعلام الفضل في العثور على الرضيع “ليث”، الذي اختطف العام الماضي من مصلحة التوليد بالمستشفى الجامعي، مضيفا بأن الإعلام كان شريكا و تابع “دون تضخيم” و بشكل “حثيث” سير التحقيقات الأمنية في القضية، فيما دعا السيد عبدلي محمد النائب العام بمجلس قضاء قسنطينة، إلى الكف عن الاعتقاد بأن العدالة تعيش صراعا مع الصحافة، لأن هدفهما، كما قال، واحد، و يتمثل في خدمة المواطن و الوطن و الوصول إلى الحقيقة، شرط الالتزام بالنزاهة و الموضوعية و الحياد، مؤكدا بأن هناك قضايا تحركت بناء على معلومات صحفية.
أما رئيس مجلس قضاء قسنطينة السيد دعلاش عبد الحكيم، فقد أكد على أن الصحافة و القضاء مكملان لبعضهما، و هدفهما الحفاظ على المصلحة العليا للبلاد و احترام قرينة البراءة، كاشفا بأن معظم القضايا التي يتابع فيها الصحفيون بتهمة القذف، تنتهي بانتفاء وجه الدعوى أو الحصول على البراءة، بعد اجتهاد المشرع الجزائري و البحث في «نية الإضرار”، ليضيف أن على القضاء التفتح على الصحافة، في حين وعد النائب العام في رده على انشغالات الصحفيين، بأنه من المحتمل تقديم طلب لوزارة العدل من أجل تنظيم دورة تكوينية لفائدة صحفيي الولاية “إن اقتضت الضرورة”.
من جهته ذكر العربي ونوغي المدير العام لجريدة “النصر”، أن الأخطاء واردة في العمل الإعلامي، لكن الصحفي يعاني، كما قال، من متابعته بتهمة القذف، حتى لو نقل التصريحات عن جمعية عامة أو محضر رسمي، متسائلا إن كانت جميع وسائل الإعلام تلتزم بتخصيص نسبة 2 بالمائة من ميزانيتها لتكوين الصحفيين.
و قد اغتنم الإعلاميون فرصة تنظيم هذا اللقاء الذي حضره القضاة بدائرة الاختصاص، للحديث عن هاجس الوقوع في جنحة القذف و اصطدام ذلك بحرية نشر المعلومة و السبق الصحفي، فيما تطرق قضاء و نواب عامون و وكلاء جمهورية و قانونيون في مداخلاتهم إلى عدة محاور، من بينها عرض السيد بوجمهة لطفي وكيل الجمهورية لدى محكمة قسنطينة، للاحتياطات التي على الصحفي اتخاذها في جلسات المحاكم، سيما بالنسبة للجلسات السرية، فيما فصل السيد حميدان الهادي قاضي التحقيق بالمحكمة ذاتها، في المنظور القانوني لجريمة القذف ببلادنا مقارنة بمصر و فرنسا.
ياسمين بوالجدري