يعيش أكثر من سبعين فردا بحي الأمير عبد القادر بقسنطينة، مهددين بخطر الموت الذي قد يتسبب فيه انهيار بنايتهم الآيلة للسقوط في أية لحظة، بعد تدهور وضعيتها وظهور تشققات كبيرة على جدرانها، فضلا عن تحرك
جزء منها من مكانه.
وتقطن 14 عائلة بالبناية رقم 16 من حي الأمير عبد القادر، المعروف سابقا باسم “فوبورغ لامي”، حيث تنقلنا إلى المنزل للاطلاع على وضعية المعنيين، الذين احتجوا أمام ديوان والي قسنطينة عشية عيد الفطر للمطالبة بترحيلهم إلى سكنات بعد أن صار بقاؤهم في البناية المذكورة لا يطاق على حد تعبيرهم، فرغم ما لاحظناه من حالة سيئة لجدران المنزل ولمحيطه الخارجي، إلا أن السكان أكدوا لنا أن مشكلتهم الأساسية تكمن في تآكل العمارة نتيجة تقدم عمرها واهتراء أساساتها وأعمدتها، ما جعلها تسير كل يوم نحو السقوط مهددة حياتهم وحياة أطفالهم، فضلا عن أن العيش بداخلها صار صعبا عليهم، فكلما هطلت الأمطار “تفيض” الغرف بالمياه.
وأطلعنا سكان العائلات الثلاث المقيمة بالمنزل على بعض الأعمدة، التي لاحظنا أن الهياكل الحديدية الخاصة بها قد ظهرت بعد أن تعرت من الخرسانة، بسبب الرطوبة وتآكل المادة المصنوعة منها، بينما تفككت الحزم التي تربطها ما أدى إلى بروز تشققات متفاوتة الحجم عليها، خصوصا على مستوى الطابق السفلي الذي يضم مدخل البناية، حيث عزا أحد السكان الأمر إلى تركز ثقل طوابق البناية الأربعة على الطابق السفلي، الذي يتطلب الدخول إليه هبوط أربعة أدراج صغيرة، ما يعني أن مستواه أدنى من مستوى الرصيف.
وحاول السكان تدارك المشكلة بأن دعموا رواق الطابق السفلي بالأخشاب المستعملة في البناء والمعروفة باسم “المادري”، لكن ذلك كان دون جدوى بحسب محدثينا، فـ”قِدم البناية لا يحتمل مزيدا من الاستغلال”، مثلما قالوا، كما أشاروا إلى أن المشكلة في تحرك المنزل من مكانه بحوالي 15 سنتيمترا مثلما كشفت عنه الخبرة التقنية التي أجريت منذ فترة من طرف مصالح البلدية وأعوان الحماية المدنية، الذين أعدوا محضرا عن وضعية المنزل بعد أن استنجد بهم السكان وطالبوا بتدخلهم، لكن المشكلة لم تحل إلى غاية اليوم بحسب نفس المصادر.
وفاة فتاة سقطت من أعلى
سلالم البناية
وأخبرنا المعنيون أن ابنة أحد القاطنين بالبناية قد توفيت منذ فترة بعد سقوطها من أعلى السلالم، التي صعدنا عليها وشعرنا أنها a تحت أقدامنا، بينما كانت تتبعنا مجموعة من الأطفال من أبناء شاغلي البناية وقد كانوا يلهون داخل البيت، في حين أوضح لنا القاطنون أنهم أصيبوا بعدة أمراض تنفسية جراء استنشاق الأتربة والرطوبة المرتفعة داخل المنزل، ومنهم من توفي على غرار مراهق يقطن بإحدى الغرف وأصيب بمرض تنفسي قاده إلى الوفاة بالإضافة إلى ابنة أحد المقيمين بالدار، توفيت وهي رضيعة جراء إصابتها بمرض تنفسي أيضا، كما روى لنا والدها.
ويسجل في المكان انعدام لسياج حماية على حواف السلالم التي تؤدي إلى غاية الطابق الأخير، وقد نبه علينا السكان بضرورة الحذر أثناء الصعود خشية السقوط، بينما لاحظنا أن المعنيين يتوزعون في المنزل داخل غرف صغيرة تضم بعضها المطبخ إلى جانب غرفة الجلوس والنوم معا دون وجود نافذة فيها، في حين تتداخل شبكات الصرف داخل “الشقق” وكثيرا ما تتسرب منها المياه وتخرج منها جرذان ضخمة.
من جهة أخرى، يشترك سكان البناية في مرحاض واحد بني إلى جانب باب البناية، حيث وصف المعنيون وضعيتهم بأنها “كارثية” وطالبوا من السلطات المحلية وضع حل لهم، مشيرين إلى أنهم أودعوا ملفات طلب سكنات اجتماعية ولم تستفد من بينهم إلا أسرتان، بالإضافة إلى أسرة أخرى أدرجت في آخر قائمة للسكن العمومي الإيجاري.
ونبه محدثونا إلى أن أعوان شركة توزيع الكهرباء والغاز “قد تقربوا من شاغلي البناية قبيل رمضان من أجل قطع الغاز عنها بسبب وضعيتها الآيلة للسقوط”، حيث لم يخف المعنيون أن خطرا كبيرا يكتنف البناية بسبب القنوات غير المحمية بداخلها في حال انهيارها وقد يتسبب الأمر في كارثة، فيما أكدوا لنا أن المنزل غير مدعوم جيدا، خصوصا وأنه بني بطريقة تقليدية، دون وجود بنية تحتية، مثلما صرح به السكان. وتجدر الإشارة إلى أن القاطنين بالمنزل أبناء عمومة ينتمون لثلاث عائلات، تشغل المكان منذ تاريخ بنائه.
سامي.ح