أعاد الحريق الذي تعرض له محشر بلدية قسنطينة قبل أيام، الحديث عن الحالة التي يشهدها هذا المرفق من خلال استمرار تواجد عشرات المركبات المركونة منذ عقود، وانتشار الأعشاب والأشواك، و هي وضعية تبررها مصالح البلدية بصعوبة التصرف في المحجوزات خاصة وأن العديد منها محل قضايا في أورقة العدالة، إضافة إلى فشل عملية بيعها
في المزاد العلني، بينما يرتقب أن تجرى اليوم عملية إحصاء للسيارات المتضررة على إثر حريق الأربعاء الماضي، والتي ذكرت مصادرنا أن عددها قارب 200.
عادت النصر إلى المحشر الواقع بالمنطقة الصناعية «بالما»، بعد مرور أيام من نشوب الحريق، حيث لا تزال سيارات جديدة ذات ترقيم حديث مركونة عند مدخله، وسط الحشائش التي يفوق علوها ارتفاع المركبات، إضافة إلى أرضيتها الترابية المليئة بالأعشاب الضارة، فيما توجد السيارات التي تعرضت للاحتراق في الجانب السلفي من المحشر والمحاذي للأكواخ القصديرية، حيث يبلغ عددها حوالي 200، منها شاحنتان و حافلتان، و قد كانت جلها تالفة كليا و تحمل ترقيم قديم جدا، فيما تم إعلامنا أنها موجودة في ذلك المكان منذ تسعينيات القرن الماضي، بينما كانت قرابة 20 مركبة محترقة ذات ترقيم جديد.
ويتواجد المحشر البلدي الذي يضم قرابة 720 مركبة، في وضعية كارثية، وهو ما زاد في حجم الخسائر المادية التي لحقت بالمركبات، من خلال عدم تأمينه بجدار مرتفع، فيما أدت نوعية الأرضية المعشوشبة بالنباتات الضارة إلى اتساع الحريق، دون إغفال المسافة القريبة جدا التي تفصل بين السيارات، ما جعل من انتقال ألسنة اللهب سريعا وسهلا.
وأكدت مصادر مطلعة للنصر أن رؤساء بلدية قسنطينة السابقين رغبوا في تهيئة المحشر، بل أنهم خصصوا له مبالغ مالية بغية مباشرة المشروع، إلا أنهم اصطدموا باستحالة الشروع في الأشغال وسط ذلك الكم الهائل من المركبات، مما يتطلب نقلها خارج المحشر، في حين أنها مركونة في المرفق بقرار قضائي، و هو يستدعي الحصول على قرار من وكيل الجمهورية قبل تغييرها من مكانها.
وأضافت مصادرنا أن المحشر أغلق رسميا منذ 21 مارس من سنة 2014، حيث أصبح لا يستقبل أية مركبة تحجز من الجهاز الأمني في إطار المخالفات البسيطة، بسبب تشبعه، فيما تُستثنى من هذا الإجراء بعض السيارات التي تم حجزها مؤخرا في قضايا الإرهاب والسرقة والتزوير وخاصة المخدرات والمهلوسات، حيث غالبا ما تحول ملكيتها للبلدية قبل صدور حكم في هذا الخصوص، و الذي يأخذ وقتا طويلا.
و علمت النصر أن المركبات القديمة التي تتواجد في المحشر منذ 30 سنة، عرضت للبيع في مزاد علني لـ 3 أو 4 مرات، لكنها لم تبع نظرا لقدمها وعدم صلاحيتها، أما فيما يخص بعض المواطنين الذين احتجوا على احتراق سياراتهم قبل صدور أحكام نهائية من القضاء، فإن عددهم قليل جدا، لأن جل التي أتلفت هي ملك للبلدية، حسب مصادرنا التي أكدت أن ألسنة النار لم تصل إلى المحجوزات التي وضعت مؤخرا عند مدخل المحشر، و يتعلق الأمر بسيارات فارهة ومن علامات ألمانية على غرار "بي أم دابل يو" و"مرسيديس" و"فولغسفاغن".
وأكد مسؤول ببلدية قسنطينة، أن هذه الأخيرة اعتادت على تقليم الأشجار وقطع الأعشاب والنباتات الضارة في شهر جوان، ولكن ألسنة النيران كانت أسرع، فنشب الحريق قبل القيام بهذه العملية بأيام قليلة فقط حسبه، وأضاف مصدرنا أن أصحاب المركبات المحترقة سيعوضون من طرف إدارة المحشر، على اعتبار أنهم دفعوا أموالا مقابل تأمين السيارات قبل إدخالها.
وستتواجد بالمرفق، لجنة خاصة تتكون من خبراء في شركة التأمينات التابعة للمحشر وكذا مسؤولين من البلدية ورجال الأمن، صبيحة اليوم، من أجل إحصاء وجرد عدد المركبات التي تعرضت للاحتراق، على أن تقوم المصالح البلدية بإعداد ملفات بشكل فردي تخص كل حالة، من أجل التأكد إن كانت تستحق التعويض أو لا، كما ستتم دراسة الملفات وفق التقرير الأمني لرجال الشرطة، بما أن بعض السيارات احترقت أثناء أول حادثة في سنة 2011 وبعضها الآخر أتلفت بعدها بحوالي 4 سنوات. و أثار الحريق الذي أدى أيضا إلى إتلاف 6 أكواخ مجاورة، تساؤلات حول أسبابه الحقيقة، خاصة أن هذه الحادثة هي الثالثة من نوعها، في حين أن بيان الحماية المدنية ذكر بأن النيران بدأت من كوخ قصديري و امتدت إلى المحشر، فيما أكدت خلية الاتصال بمديرية الأمن الولائي أن التحقيق في القضية لا يزال متواصلا.
و لقد حاولت النصر الحصول على توضيحات من رئيس بلدية قسنطينة، حول الإجراءات التي تكون قد اتخِذت بعد الحريق، إلا أنه تعذر علينا الاتصال به.
حاتم/ب
