تُطوّق المحطّات الموازية للنّاقلين غير الشّرعيّين بمدينة قسنطينة محطّات سيّارات الأجرة، حيث تعلو المنافسة بين الفئتين على النّشاط وسط تراجع للحركيّة بسبب ارتفاع التّسعيرة، في حين يطالب اتّحاد سائقي الأجرة السّلطات الولائيّة بالتّرخيص لهم بحمل ثلاثة ركّاب.
وتجوّلنا بين عدّة محطات لسيّارات الأجرة في مدينة قسنطينة، حيث انطلقنا من مدخل حيّ بوالصّوف، أين توجد محطّة موازية للنّاقلين غير الشّرعيّين عند الطّريق المؤدّية إلى حيّ «الزّاوش»، لكنّنا لم نلاحظ فيها أيّا منهم بسبب تزامن مرورنا مع تواجد عناصر الأمن، في حين تواجدت مجموعة منهم، مباشرةً، خلف محطّة سيّارات الأجرة عند مخرج الحي.
وقد كانت عدّة سيّارات مركونة في رتلٍ واحد، حيث أخبرنا مواطنون أنّها للنّاقلين غير الشّرعيّين، في حين وجدنا مجموعةً منهم جالسين بالقرب من المركبات في انتظار قدوم ركّاب، كما أوضح لنا سائقو سيّارات أجرة أنّهم اعتادوا على تواجدهم، منبهين إلى أنّ البعض منهم يعملون على خطوطٍ غير الخطّ الذي ينقلون إليه.
أمّا بوسط المدينة، فقد لاحظنا عددا معتبرا من النّاقلين غير الشّرعيّين المحيطين بمحطّة «عوينة الفول» لسيّارات الأجرة، والتي تنطلق منها الخطوط نحو بلدية حامّة بوزيّان وحيّ جبلي أحمد و»المنية» وغيرهما، في حين يُسجَّل تواجدُ عددٍ منهم خلال نفس الفترة من السّاعات النّهاريّة على مستوى مدخل شارع رحماني عاشور، المعروف باسم «باردو»، وينشطون على الخطّ المؤدّي إلى الخروب وعلي منجلي. وسجّلت الفترة الأخيرة تزايدًا في عدد سيّارات «الفرود» أسفل محوّل المركبات المُؤدّي من الطّريق المحاذي لحيّ التّوت إلى سيدي مبروك، حيث لاحظنا تواجد أكثر من عشرةٍ منهم فضلا عن شخص يؤدّي دور رئيس المحطّة ويقوم بتسجيل النّاقلين الذين ينشطون نحو الخروب وماسينيسا على ورقة، فضلا عن بعض ممّن ينشطون على خطّ علي منجلي.
شجارات تتكرر
وأكّد لنا سائقو سيّارات أجرةٍ أنّ الموقع المذكور لا يضمّ محطّة قانونيّة مخصّصة لهم، في حين يوجد موقفٌ قانونيّ للحافلات التي تعمل على خطّ الخروب، كما ذكروا أنّ النّاقلين غير الشّرعيّين كانوا يركنون سيّاراتهم على الجهة السّفلى بالقرب من عيادة التّوت ويصعدون إلى الجهة العليا من المكان من أجل دعوة المارّة ومنتظري الحافلات إلى الوُجهات التي يعملون إليها، لكنّهم أخذوا يقرّبون مركباتهم إلى الرّصيف المحاذي للمحطّة تدريجيّا، حتّى صار لا يخلو من عشرِ سيّارات على الأقل طيلة ساعات النّهار، كما أنّ العدد يرتفع بشكل أكبر خلال أوقات الذّروة المتزامنةِ مع بداية مواعيد الدّوام ونهايتها.
ويتواصلُ نشاط النّاقلين غير الشّرعيين نحو المقاطعة الإداريّة علي منجلي والخروب بالقرب من نقطة الدّوران «برازيليا» في حيّ عبد السّلام دقسي، حيث لاحظنا في الموقع أنّ طابور السيّارات يتضمّن سائقي الأجرة القانونيّين وغير القانونيّين معًا، فضلا عن سيّارات «الرّاديو». أمّا في الفترات المسائيّة، فإنّ أعدادَ النّاقلين غير الشّرعيّين تتزايد بشكل كبير؛ خصوصا في المحطّة الرّابطة بين وسط المدينة والمقاطعة الإداريّة علي منجلي، التي تشهد حالة فوضى بسبب الهتافات المتنافسة بين سائقي الأجرة والنّاقلين غير الشّرعيّين بُغية الظّفر بالرّكاب. وقد لاحظنا أن بعض سائقي «الفرود» يعمدون إلى التّقدّم مشيًا إلى غاية محيط دار الثّقافة محمّد العيد الخليفة والهتاف بوجهاتهم من أجل ملءِ مقاعدهم قبل وصول الرّكاب إلى محطّة سيّارات الأجرة. ويقوم أصحاب مركبات «الفرود» بنفس السّلوكيّات بالقرب من محطّة سيّارات الأجرة الخاصّة بخطوط وسط المدينة نحو الأحياء الشّرقيّة، مثل الأمير عبد القادر ودقسي، ما يتسبّب في وقوع الشّجارات أحيانا بينهم وبين سائقي الأجرة، فضلا عن بعض الشّجارات مع المواطنين الذين يمتعضون من سلوك النّاقلين بسُؤالهم عن وُجهتهم بمجرّد المرور بالقرب منهم. وقد تحدّثنا إلى بعض سائقي الأجرة غير الشّرعيّين عن الأسباب التي تدفعهم إلى ممارسة هذا النّشاط، حيث أوضح بعضهم أنّ الحاجة هي ما تدفعهم رغم ممارستهم لأنشطة مهنيّة أخرى، في حين يستعمل بعض الشّباب سيّارات آبائهم أو أمّهاتهم في النّقل غير الشرعيّ من أجل تحصيل مصاريفهم، مثلما أكّدوا لنا.
ويتصادف تزايد أعداد سيّارات النّاقلين غير الشّرعيّين مع ما يواجهه أصحاب سيّارات الأجرة من تناقصِ حركيّة الرّكاب بسبب تبعات جائحة كورونا، مثلما يؤكّدون لنا، حيث لاحظنا في بعض المحطّات طوابير طويلة من سيّارات سائقي الأجرة الذين ينتظرون دورهم لنقل الرّكاب نحو عدّة وجهات بنظام «المقعد»، لكنّ من تحدّثنا إليهم أكّدوا لنا أنّ انتظارهم يطولُ كثيرًا في أغلب الأحيان، بسبب العدد الكبير للمركبات، ويمكن أن يستمرّ لساعتين، رغم أنّ الإجراءات الوقائيّة ما زالت مُطبّقة وتمنعهم من حمل أكثر من راكبيْن.
وأكّد رئيس المكتب الولائي للاتّحاد الوطني لسائقي سيّارات الأجرة، محمّد محسن، مُشكلةَ الرّكود المسجّل مؤخّرا، خصوصا مع بداية شهر رمضان، في حين قال أنّ جميع محطّات سيّارات الأجرة صارت محاطةً بمحطّاتٍ موازيةٍ للنّاقلين غير القانونيّين. وعزا نفس المصدر الرّكود المُسجّل في النّشاط إلى اعتماد نظام الرّاكبيْن فقط في إطار تدابير الوقاية من كورونا، حيث ارتفعت تسعيرة النّقل بحسبه، ما دفع بالمواطنين إلى استعمال الحافلات و وسائل أخرى أقلّ تكلفةً، خصوصًا على خطوط مثل علي منجلي، في حين أكّد أنّ مكتب الاتّحاد قد أودع خلال الشّهر الجاري طلبًا ثانيا لوالي قسنطينة وطرح نفس الأمر على مدير النّقل؛ من أجل التّرخيص لسيّارات الأجرة بحمل ثلاثة ركّاب حتّى تنخفض التّسعيرة.
وأوضح محدّثنا أنّ عدد سيّارات الأجرة للنّقل الحضري التي تنشط عبر الولاية يقارب الأربعة آلاف، بما فيها سيّارات الرّاديو، في حين نبّه أنّ سيّارات الأجرة لما بين الولايات تحمل الرّكاب في المقعد الأمامي المجاور للسّائق لمسافاتٍ بعيدة، بينما لا يستطيع سائق الأجرة الحضريّ حمل راكبٍ على المقعد المجاورِ له حاليا. ويُذكر أنّ حصيلة مديريّة الأمن الوطنيّ لولاية قسنطينة، التي كُشف عنها الشّهرَ الماضي، قد حملت مؤشّرات على تضاعف نشاط الناقلين غير الشرعيين بحوالي ثلاث مرّات خلال العام الماضي، مقارنة بعام 2019، حيث سجّلت المديريّة حوالي 1800 مخالفةٍ في مجال نقل المُسافرين دون رخصة.
سامي.ح