تعمل لجنة ولائية متعددة القطاعات منذ أسبوع، على معالجة مشكلة تسرب للوقود إلى منازل سكان بحي الصنوبر، المعروف باسم «الشالي»، حيث تم الغلق المؤقت لمحطتي بنزين واقعتين أعلى الحي للتأكد من خزاناتها الأرضية، بعد الاشتباه في كونهما مصدر الوقود، في وقت يشكو فيه المواطنون من انتشار الرائحة داخل بيوتهم.
وزرنا طريق الصنوبر نهاية الأسبوع الماضي، حيث وجدنا مداخل محطتي البنزين التابعتين لمؤسسة «نفطال» والممنوحتين لخواص في جانب التسيير مغلقتين بالبراميل المعدنية الضخمة وخاليتين من الحركة الكثيفة التي اعتاد السائقون عليها في المرفقين، لنتوجه بعد ذلك إلى سكنات حي الصنوبر الواقعة أسفلها مباشرة في منحدر يفضي إلى حي ابن تليس. وأوضح لنا مواطنون من الحي أن المياه تتسرب أسفل مساكنهم منذ فترة طويلة ويُعتقد أنها مياه جوفية، مثلما قالوا، إلا أنهم لاحظوا رائحة نفّاذة لوقود المركبات فيها خلال الأيام الماضية، إلى درجة صاروا معها لا يحتملون التواجد داخل منازلهم، خصوصا خلال الساعات المسائية عندما يتم غلق النوافذ والأبواب، كما أكدوا أن التّسرّبات المُسجّلة لا علاقة لها بشبكة المياه الصالحة للشّرب.
وأضاف المعنيّون أنّ بعض السكان قد اضطروا إلى مغادرة المنازل، على غرار شيخٍ أكدوا لنا أنه صار يبيت في مسكن ابنته بعيدا عن الحي بسبب عجزه عن احتمال الرائحة، في حين قال شاب إنه نقل شقيقه إلى المستشفى، أين تم وصله بقناع الأوكسجين بعد إصابته بصعوبة تنفسية جراء استنشاقه للرائحة لوقت طويل. وذكر السكان أيضا أن المياه التي تحمل الرائحة تتسرب من تحت بلاطات الأرضيات للغرف والجدران في بعض المنازل، فضلا عن تجمعها في الجهة الخارجية لمنازل أخرى، بينما تنتشر الرائحة في بعض البيوت دون ظهورها على سطح الأرضية.
ودخلنا أحد المساكن المعنية بالمشكلة مع صاحبه، حيث وجدنا سيدة جالسة على مقعد بجبيرة على ساقها المكسورة، لتؤكد لنا أنّها سقطت على الأرضية بسبب انزلاق قدمها نتيجة وجود المياه المذكورة، قبل أن تضيف أن الرائحة خانقة ولا تُحتمل، في حين لاحظنا أن رائحة الوقود تُزكم الأنوف داخل البيت، حتى أننا شعرنا بحُرقةٍ في الحلق مِنها. وقد أرانا صاحبُ البيتِ تسرّب المياه من جدارِ إحدى الغرف، فضلا عن تسرّبها على الأرضيّة، وظهور آثارها تحت بلاطات الأرضية. وقادنا صاحب البيت إلى سطح المنزل أيضا، ليرينا من شرفة السطح بركة مياه كبيرة نسبيا ومتجمّعة بجوار الجدار الخارجي للمسكن.
ورغم أننا كنا نتواجد على السطح عاليا، إلا أن الرائحة كانت تتسرب من الأسفل إلى أنوفنا، في حين قام أحد سكان الحي الذين رافقونا مع صاحب البيت بتعليق خرقةِ قماشٍ بحبل طويلٍ وغطسها في البركة، ثم أعاد رفعها، حيث لاحظنا رائحة قوية للوقود منبعثة منها، كما أوضح لنا أن أعوان الحماية المدنية الذين تدخلوا مع ممثلي مختلف الجهات المعنية بمجرد إعلامهم بالمشكلة قد قاموا بنفس الأمر لمعاينة وجود رائحة الوقود فيها. ودخلنا منزلا ثانيا يقع في نقطة أكثر انحدارا من الحي ولاحظنا أن رائحة الوقود فيه أقوى، فضلا عن أنّ المياه المتسربة على الأرضية كانت أكثر انتشارا، ليؤكد لنا ساكن بالمنزل أنهم صاروا يتجنبون التواجد في الغرفة التي دخلنا إليها بسبب المشكلة، ولا يبيتون فيها أبدا.
وعلمنا في المكان أن ممثلي مختلف الجهات الوصية قد استجابوا للسكّان بمجرد تلقيهم لشكواهم بخصوص الرائحة، حيث قام مسؤولو المندوبية البلدية «التوت» المعنيون بالتنقل إلى المكان وتبليغ مختلف المديريات المعنية بتعليمات مباشرة من رئيس البلدية، فضلا عن أن الجهات المكلفة بمتابعة الأمر قد اجتمعت في المندوبية مرتين لدراسة الأمر.
من جهته، أكد مدير الطاقة لولاية قسنطينة، صالح غجّاتي، في تصريح للنصر، أن لجنة تنسقها مديرية الطاقة قد تشكلت لمتابعة المشكلة، حيث تضم الحماية المدنية ومديرية الموارد المائية وبلدية قسنطينة ومؤسسة «نفطال» ومديرية البيئة وممثلين عن مديرية الأمن الوطني والدرك الوطني، حيث تنقلت إلى الموقع لمعاينة الأمر، فضلا عن معاينتها لسكنات المواطنين.
وأضاف المسؤول أن المحطتين المذكورتين تحتويان معا على أحد عشر خزان وقود تحت أرضي، حيث أوضح أنه قد تقرر غلقهما مؤقتا إلى غاية رصد مصدر التسرب، مضيفا أن الخزانات المذكورة قد شُمّعت، وستتم معاينة منسوبها بعد مرور 72 ساعة للتأكد من وجود تسرب منها من عدمه في حال تراجع المنسوب، بعد أن تم قياسه قبل غلقها. وأضاف نفس المصدر أن اللجنة قد طلبت من البلدية إزالة الأحراش المنتشرة بمحيط السكنات في الحي المذكور وتصريف المياه المعنية بالمشكلة.
سامي.ح