تسجل أسعار الملابس الجاهزة في مدينة قسنطينة ارتفاعا كبيرا مع اقتراب عيد الفطر، حيث تتجاوز كسوة طفل واحد بسلع ذات جودة متوسطة ما قيمته عشرة آلاف دينار، بينما يقدر تجار الزيادة في أسعار الأحذية المستوردة بما يقارب الثمانين بالمئة خلال السنتين الأخيرتين.
وتعرف محلات بيع الملابس الجاهزة بوسط مدينة قسنطينة إقبالا كبيرا في الثلث الأخير من شهر رمضان، خصوصا من طرف أرباب الأسر الساعين إلى اقتناء كسوة العيد لأبنائهم أو في المحلات التي تعرض ألبسة البالغين، حيث قصدنا محلا لبيع الأحذية؛ يؤكد بائعه أنه لا يعرض إلا «سلعة أصلية» ذات جودة عالية.
و وجدنا أن أسعار الأحذية فيه لا تقل عن 15 ألف دينار، بينما لا تقل أسعار أحذية الأطفال من الجنسين عن حوالي 6 آلاف دينار. قصدنا محلا ثانٍ يمثل «ماركة» أجنبية ويؤكد القائمون عليه أنه معتمد لتمثيل العلامة الأصلية، لكننا لاحظنا أن الأسعار فيه مرتفعة أيضا، ولا تقل عن 12 ألف دينار للحذاء مع احتساب الرسم على القيمة المضافة المدمج في فاتورة البيع.
ودخلنا محلا آخر لبيع أحذية، أكد لنا صاحبها أن جودتها متوسطة، حيث قال إنها مستوردة من الصين، معتبرا أن الأحذية المستوردة من تركيا ليست جيدة مثلما يروج لها باستثناء الكلاسيكية، في حين أشار إلى أن سلعه استوردت من قبل، كما أوضح أن «استيراد الألبسة الجاهزة لم يتوقف بصورة كلية»، بحسبه.
وقد لاحظنا وجود أحذية في المحل لا يتجاوز سعرها 4 آلاف دينار إلا بقليل، في حين تصل أخرى إلى حوالي مليون سنتيم، على غرار حذاء عرضه بسعر 8800 دينار، وأكد لنا أنه مستورد من الصين و»ذو جودة عالية».
وبلغت قيمة الألبسة الأخرى الخاصة بالبالغين أسعارا مرتفعة، حيث وجدنا في المحلات التي زرناها أن السراويل لا تقل عما بين 3500 وأكثر من 5 آلاف دينار، بينما يعرض بعض البائعين أنواعا أخرى أقل جودة أو مصنعة في ورشات محلية بحوالي 3 آلاف دينار أو أقل، مثلما لاحظناه لدى بائع في المدينة القديمة اجتمع حوله عدد كبير من الأشخاص، إلا أن جودتها متواضعة مثلما ذهب إليه شاب وجدناه يفحص الملابس المعروضة في الطاولة، مؤكدا أنه مضطر لاقتنائها بسبب سعرها المنخفض مقارنة بغيرها.
زيادات بحوالي 80 بالمئة في الأحذية المستوردة
وأكد لنا بائع ملابس جاهزة أن تكاليف الاستيراد قد ارتفعت منذ جائحة كوفيد-19، حيث أن قيمة بعض الملابس قد زادت بنسبة تقارب 80 بالمئة، فقفز اليوم سعر الحذاء الذي كان يعرضه بحوالي 5 آلاف دينار قبل سنتين، إلى حوالي 9 آلاف دينار، فيما وجدنا أن أحذية في محله تتجاوز المليون سنتيم. وذكر لنا تجار ملابس أن بعض السلع المعروضة في المحلات ظلت مكدسة منذ فترة الغلق خلال جائحة كورونا، التي كبدتهم خسائر كبيرة، جعلت البعض منهم عاجزين حتى عن دفع تكاليف كراء متاجرهم.
أما في محل آخر لبيع ألبسة الأطفال، فقد وجدنا أن القائمين عليه يعرضون أطقما من السترات والقمصان بسعر لا يقل عن حوالي 6 آلاف دينار، في حين كان أحد الزبائن يتذمر من الغلاء «الفاحش» على حد وصفه، قبل أن يخوض في جدل مع البائع الذي عزا المشكلة إلى «توقف الاستيراد» وتبعات جائحة كوفيد-19. وقد تحدثنا إلى البائع فقال أنه يعتقد بأن «الاستيراد لم يتوقف بشكل نهائي»، مضيفا أن «الأمر مؤقت» وهو ما تسبب في الارتفاع الكبير للأسعار، في حين أكد أن السلع الموجودة في المحل الذي يعمل به مستوردة من تركيا قبل شهر رمضان.
وتحدثنا إلى الزبون الذي اشتكى من ارتفاع الأسعار، فقال إن راتبه الشهري لا يتجاوز 40 ألف دينار، ومن غير المتاح بالنسبة إليه أن تكلفه كسوة العيد لابنه البالغ من العمر ثلاث سنوات أكثر من مليون سنتيم ونصف، أي ما يقارب 40 بالمئة من قيمة راتبه، حيث أشار إلى أن القميص والسترة يصل ثمنهما معا إلى 6 آلاف دينار، بالإضافة إلى سعر الحذاء الذي يقارب 6 آلاف دينار أيضا، كما تتجاوز السراويل ألفي دينار، مثلما لاحظناه في المحل.
وفي محل آخر، لاحظنا أن سعر كسوة خاصة بالأطفال الذين تجاوزوا 5 سنوات تقارب 9 آلاف دينار، حيث تضم سترة وقميصا وسروالا، كما نبهنا البائع إلى أنه يعرض نفس الطقم الخاص بالأطفال الأصغر سنا بسعر أقل بأربعمئة دينار.
وانتشرت طاولات الباعة الفوضويين الذين يعرضون ملابس الأطفال في شارعي ديدوش مراد و19 جوان بأسعار أقل مقارنة بما يسجل لدى المحلات الواقعة في الأحياء الأخرى، فقد وجدنا بائعا يعرض أحذية خاصة بالبنات بسعر 2300 دينار، كما لا تتجاوز الأثواب الخاصة بالرضع 4 آلاف دينار لدى بائع آخر بالقرب منه.
ورغم ما بدا من إقبال كبير على طاولات الباعة والمحلات في الشارعين المذكورين، إلا أن السلع المعروضة فيها لم تبد ذات جودة عالية، حيث تحدثنا إلى سيدة أكدت أنها تقصدها من أجل سعرها المنخفض فقط، في حين كان الباعة يحاولون الترويج لها على أنها جيدة و»تركية الصنع».
وتضم بعض محلات الملابس الجاهزة الموجودة في حي القصبة سلعا بأسعار أقل، على غرار الأحذية المصنوعة محليا، حيث أوضح لنا بائع أنها أنجزت بجلود محلية، في حين لاحظنا أن أثمانها معقولة إذ تتراوح عموما بين حوالي 3 إلى 5 آلاف دينار، إلا أن بعض زبائنها أكدوا لنا أن مشكلتها في التصاميم وضعف اللمسة النهائية عليها مقارنة بالأحذية الأجنبية الصنع، رغم جودتها العالية بفضل المواد المستعملة في صنعها وتوجه منتجيها إلى تحديث التصاميم لاستقطاب الزبائن الشباب، مثلما لاحظنا. وقال تاجر «إن الأحذية المحلية غير قادرة على تلبية الطلب المحلي من حيث الكمية والنوعية»، إلا أنّه شدد على جودتها.
سامي.ح