يعاني سكان عمارة «بيكاسو» بحي محمد لوصيف في وسط مدينة قسنطينة، من تسربات المياه القذرة منذ سنوات، حيث يشاهدون تفاقمها بشكل يومي بسبب اهتراء قنوات الصرف الصحي، كما تسجل أرضية حظيرة المركبات ومحيط مدخل العمارة انضغاطات للتربة وتشققات، فضلا عن انهيار الجدار المحيط بالمدرسة الابتدائية الواقعة بجوار مساكنهم، بينما تسعى المصالح التقنية للبلدية لإيجاد حل للمشكلة.
وتعتبر عمارة «بيكاسو» من أقدم البنايات السكنية الواقعة بمحيط مدينة قسنطينة القديمة، حيث تقع على المحور المحيط بالمستشفى الجامعي ابن باديس، فضلا عن أنها من أكبر العمارات في الحيز المذكور، لكن أعضاء جمعية حي محمد لوصيف الذين التقينا بهم خلال زيارة للمكان، أوضحوا لنا أن التحاق السكان بها بدأ منذ سنة 1958، حيث تضم 198 شقة، يقطنها المئات من الأفراد، حيث يقارب عددهم الألف نسمة، بحسب السكان. وأشار محدثونا أيضا إلى أن قنوات الصرف الصحي لم تجدد منذ إنشاء العمارة، لكنهم لم يسجلوا مشاكل تسربات إلا خلال السنوات الخمس الأخيرة، حيث لفتوا إلى أنها تتفاقم يوميا بشكل مربك.
ولاحظنا بمجرد وصولنا إلى المكان انبعاث روائح كريهة ونموا عشوائيا للأعشاب بسبب جريان مياه الصرف الصحي على امتداد مجاري صرف مياه الأمطار والرصيف الواقع على المنحدر المفضي من مدخل العمارة إلى شارع شيهاني بشير، في حين وضع السكان ألواحا خشبية وقطعا معدنية على مدخل السلالم الرئيسية المؤدية إلى حظيرة المركبات في العمارة من أجل المرور فوق المياه القذرة التي لا تتوقف عن التسرب من شقوق تشكلت في السلالم وأسفل جدار الدعم الحجري المحيط بالعمارة. ونبه السكان إلى توسع في الهوة بين أحد أجزاء جدار الدعم الحجري معتبرين أن السبب هو مياه الصرف الصحي التي أصبحت تهدده.
أما في الجهة العليا من الساحة المحاذية للعمارة، فقد أكد لنا أعضاء جمعية الحي أن جارا لهم، يقطن بالطابق الأرضي، يعاني من تسرب مياه الصرف إلى داخل شقته، في حين أشاروا إلى وجود 18 بالوعة لصرف المياه أصبحت ممتلئة بالمياه القذرة، كما لاحظنا وجود العديد من علامات انضغاط تربة الأرضية الإسفلتية والرقع الخرسانية التي أنجزها السكان على امتداد الرصيف الملاصق لمداخل العمارة، حيث أكدوا أن نقاط تقعر الأرضية، التي لاحظنا تشققات كبيرة في بعضها إلى غاية الرصيف، مسجلة فوق شبكة الصرف الصحي المهترئة، في حين يلاحظ على مستوى طريق المركبات القريب من العمارة وجود بالوعتين مسدودتين بالأتربة.
وتعرف الطريق الخاصة بالمركبات في الحظيرة أيضا انزياحا على حافتها المطلة على منحدر ترابي، في حين أشار السكان إلى أن المشكلة الأكبر تكمن في انهيار الجدار المحيط بالمدرسة الابتدائية فاطمة لوصيف خلال بداية فصل الصيف بعد انتهاء الموسم الدراسي، حيث التقينا بشخص مسن جالسا بالقرب من مدخلها وسألناه عن حارسها ليرد علينا بأن الجدار المحيط بالمؤسسة منهار، ولم يعد الدخول إليها يتطلب الولوج عبر البوابة الرئيسية، في حين لاحظنا أن الجدار لم يسقط بشكل كلي، إلا أن الجزء الأكبر منه وقع على المنحدر الترابي، فيما ما يزال جزء آخر مائل بشكل خطير، ويهدد بسحب كل أجزاء الإحاطة إلى الأرض.
وحذر السكان من خطورة بقاء الجدار على هذه الحال مع اقتراب الدخول المدرسي، خصوصا أن الأطفال يلهون بالقرب منه، حيث طالبوا بإصلاحه، كما لاحظنا أن المدرسة ما تزال تحتوي على الأميونت، في وقت تحمل فيه أساسات القواعد السفلى للجدار آثار تعرية من الأتربة التي بدا أن مستواها قد انخفض كثيرا. وتنقل صباح الجمعة نائب رئيس بلدية قسنطينة المكلف بالعمران والإنجازات، عبد الحكيم لفوالة، رفقة ممثل مديرية الموارد المائية لولاية قسنطينة لمعاينة المشكلة والاستماع لانشغالات قاطني العمارة، حيث أوضح لنا أن التقديرات الأولية لممثل المديرية تشير إلى ضرورة إنجاز عملية تجديد للقنوات بحوالي 300 مليون سنتيم من أجل إعادة الاعتبار للشبكة.
سامي.ح
