تجتمع المتناقضات بحي العيفور بأقصى جنوب مدينة قسنطينة، حيث تعيش العشرات من العائلات وسط ظروف صعبة في غياب التهيئة والخدمات، رغم أن المكان يقع داخل نسيج حضري على مرمى حجر من مطار محمد بوضياف الدولي، فهو يفتقد إلى التهيئة والطرقات والإنارة، ما جعل السكان يوجهون نداء استغاثة إلى السلطات من أجل الالتفاتة إليهم، فيما يؤكد رئيس البلدية التكفل بالحي من خلال تفعيل نظام الإنارة العمومية قريبا والربط بشبكات الصرف الصحي، ضمن مشروع الميزانية السنوية المقبلة.
ويقع حي العيفور والذي يسمى أيضا طريق عين الباي 6، بالمحور المؤدي إلى مطار محمد بوضياف الدولي، حيث أن مدخله يقابل حديقة 20 أوت التي يقصدها المئات من المواطنين يوميا، في حين أن الكثيرين يجهلون أن في الجهة المقابلة يوجد تجمع سكني أنشئ منذ قرابة 80 سنة لكنه ظل ضحية الإهمال والنسيان، فسكان المكان، يؤكدون أن البنايات الأولى قد أنجزت قبل حي زواغي بمختلف تجمعاته العمرانية.
عند وصولنا إلى الحي الواقع إلى الجهة الجنوبية للمدينة والذي يعد آخر تجمع عمراني حضري لمدينة قسنطينة، لم نجد أي علامة تدل إلى الدخول إليه فمدخله عبارة عن طريق مهيأة جزئيا تم إنجازها قبل سنوات من المؤسسة المكلفة بإنجاز الترامواي من أجل الوصول إلى قاعدة الحياة الموجودة بأعلى تلة بالمكان، كما لاحظنا انعدام موقف للحافلات، في حين كانت كل الطرقات الداخلية مهترئة فهي عبارة عن ممرات ترابية تتحول إلى كتل من الأوحال بعد التساقطات المطرية.
ويؤكد رئيس جمعية الحي، محمد عياد، بأنه تمت مراسلة السلطات المحلية مرارا من أجل الالتفاتة إلى الحي لكن دون جدوى، فزيارتها للمكان تقتصر على معاينة حديقة 20 أوت والطريق المؤدي إلى المطار، لتبقى الزيارة الوحيدة للحي من طرف الوالي الأسبق، الذي وجه تعليمات بالتكفل بانشغالات السكان في إطار مناطق الظل لكن توجيهاته ظلت مجرد حبر على ورق.
شبكات صرف غير مطابقة وتهيئة منعدمة
وقد اطلعنا على المراسلات العديدة لجمعية الحي، التي رفعت مطالب تتعلق بتعبيد الطرقات وتهيئة التجمعات السكنية بشكل عام، كما أكدت على ضرورة إنجاز شبكات الصرف الصحي، فالموجودة حاليا عبارة عن قنوات قديمة أنجزت بطريقة تقليدية من طرف قاطني الحي لتكون النتيجة إثر التوسع العمراني، أعطاب وانفجارات متكررة تمتنع شركة «سياكو» عن إصلاحها لعدم مطابقتها لمعايير الإنجاز، بما بات يهدد بمخاطر بيئية وصحية.
وقد ساهم مشروع الترامواي في فك العزلة جزئيا عن السكان، حيث تم إنشاء نقطة توقف بالمكان مما خفف من معاناة التنقل إلى وسط المدينة أو إلى علي منجلي، لكن جمعية الحي تؤكد بأنها تحولت إلى مكان للاعتداءات، بسبب عدم وجود حراسة دائمة ونقص الأمن، علما أنه قد سجلت حوادث سرقات كوابل الترامواي في العديد من المناسبات.
ولاحظنا في تجولنا بالحي، وضع مصابيح إنارة عمومية في الأعمدة الإسمنتية الكهربائية القديمة، لكن السكان أكدوا بأنها مجرد ديكور، إذ لم تشتعل يوما واحدا منذ وضعها، فالحي يغرق في الظلام الدامس، كما تحدثوا عن أخطار الطريق الاجتنابي الذي تمر منه المركبات بسرعة كبيرة، مطالبين بضرورة وضع ممهلات.ورغم تسجيل البلدية على عاتقها في سنة 2021 مشروع في إطار مخططات التنمية البلدية لإنجاز معبر علوي رصد له مبلغ 2.4 مليار سنتيم، حتى يسهل حركة تنقل التلاميذ إلى المدارس، غير أن العملية ظلت مجرد حبر على ورق، إذ أن عدم وجود معبر على الطريق السريع يعرض الأطفال إلى أخطار يومية، قبل أن تؤكد جمعية الحي على ضرورة بعث هذه العملية في أقرب الآجال.
مشاريع واعدة دون بنى تحتية
ويحوز جل السكان على دفاتر عقارية لسكناتهم، حيث طلبوا تسويتها وأودعوا ملفات لدى المصالح المختصة منذ سنة 2016، إلا أنه لم يتم التكفل بها رغم توصيات السلطات العليا للبلاد التي أقرت قوانين في هذا الشأن، كما وقفنا على توسع محيط التحصيصات الفوضوية بالحي بما يجعله بؤرة للبناء الفوضوي مستقبلا.
ويؤكد رئيس الجمعية، أن الأوعية العقارية لإنجاز ملعب جواري متوفرة وقد اقترحت أرضية لكن كل المشاريع من هذا النوع حولت إلى أحياء مجاورة، فيما لاحظنا أن نظام تصريف المياه الخاص بالترامواي، قد أنجز بشكل عشوائي إذ تصب مياه الأمطار مباشرة في الحي ثم تنهمر نحو الطريق المؤدي إلى المطار، ما يتسبب دائما في عرقلة حركة المرور.وقد شرعت السلطات الولائية، في استغلال وعاء عقاري يتربع على 13 هكتارا، إذ انطلقت الدراسات الطبوغرافية لإنشاء تجمع إداري لإنشاء مقر للولاية والدائرة فضلا عن مقر أمن ولائي، كما وطن مشروع إنجاز مستشفى للاستعجالات بطاقة استيعاب 120 سريرا، غير أن سكان الحي يؤكدون أن الأولوية تكمن في إنشاء البنى التحتية والمرافق الأساسية أولا قبل الشروع في تجسيد هذه المشاريع، فيما يطالب شباب المنطقة في الأولوية بالتوظيف في هذه المرافق.واعترف رئيس بلدية قسنطينة شراف بن ساري، في اتصال بنا، بعدم استفادة حي العيفور من أي مشاريع، لكنه أكد أن نظام الإنارة العمومية الذي تم وضعه مؤخرا، سيتم إطلاقه بشكل عاجل كما أشار إلى وجود مشروع سابق لإنجاز شبكة التطهير خصص له أزيد من 7 ملايير سنتيم وذلك على عاتق مديرية الموارد المائية، لكنه أشار إلى أن البلدية ستتكفل على عاتقها في إطار مشروع الميزانية الأولية للعام المقبل بهذه العملية بعد إجراء دراسة تقنية للموقع، قبل أن يؤكد بأن البلدية ستتكفل تدريجيا بالحي وتلبي جل مطالب سكانه.
لقمان/ق