تُشغّل عدة ورشات لإنجاز مشاريع سكنية عمومية و خاصة بولاية قسنطينة، مهاجرين من دول إفريقية مختلفة بشكل غير شرعي، حيث يتواجد أغلبهم في وضعية غير قانونية داخل الجزائر، بينما ضبطت المفتشية الولائية للعمل أتراكا يعملون بدون رخصة.
و تنقلنا إلى عدة ورشات إنجاز مرافق عمومية و عمارات بين بلديتي قسنطينة و علي منجلي، حيث كانت بدايتنا من مرفق عمومي يخضع لعملية تهيئة في إطار برنامج تظاهرة عاصمة الثقافة العربية المنقضية، أين لاحظنا بمجرد دخولنا المكان عددا كبيرا من المهاجرين القادمين من دول إفريقية مجاورة، يقومون بأشغال مختلفة، حيث تقربنا من أحدهم عندما كان يقوم بخلط الإسمنت والرمل لإعداد الخرسانة، و قد أفاد بأنه قادم من دولة مالي و يتواجد بقسنطينة منذ مدة من أجل العمل في الورشة، قبل أن نتركه و نتوجه إلى شابين آخرين، تبدو على واحد منهما ملامح الطفولة، بالرغم من تأكيده على أنه يشارف على دخول سن العشرين، فيما قال صديقه بأنه يبلغ من العمر 26 سنة.
و ذكر محدثانا بأنهما من دولة مالي أيضا و يبيتان منذ قدومهما إلى قسنطينة قبل ثلاثة أشهر، رفقة مجموعة أخرى من المهاجرين، بمشروع سكني في طور الانجاز، يقع بالقرب من المستشفى العسكري بعلي منجلي، مشيرين إلى أنهما يتقاضيان حوالي ألف إلى 1200 دج كأجرة عن اليوم الواحد من العمل، كما يتم، حسب تأكيدهما، دفع أجور العمال الأجانب في الورشة المذكورة، بشكل نصف شهري، فيما أكدوا لنا بأن المكلفين بالورشة يتكفلون بجانب إطعامهم، فضلا عن توجيههم لنا إلى أحد الجزائريين المتواجدين بالورشة بصفته مسؤولا عنهم، فيما لاحظنا أن عمال بناء جزائريين يعملون جنبا إلى جنب مع النازحين من دول إفريقية جنوبية، الذين توقفوا حوالي منتصف النهار عن العمل، عندما وصل صاحب شاحنة صغيرة وزع عليهم قطع خبز و كميات من الأطعمة السريعة التي كانت موضوعة داخل علب. محطتنا الثانية كانت بمشروع سكني تشرف على إنجازه مقاولة خاصة بأحد الأحياء المعروفة بقسنطينة، حيث وجدنا بالقرب من مدخله مجموعة من مهاجري دول جنوب الصحراء، متوجهين صوب محلات بيع المواد الغذائية خلال فترة الغذاء، أين أوضح لنا أحدهم بأنه قدم من مالي ثم تمنراست ليتوجه مباشرة إلى المشروع المذكور من أجل العمل به، بعد أن تدبّر له شخص يعرفه عملا به، مشيرا إلى أنه يتقاضى حوالي ألف دينار مقابل عمل يوم واحد في التجصيص الذي يختص فيه، بالرغم من أن نفس العمل يمكن أن يدر مبالغ مضاعفة على عامل جزائري، يعمل بشكل قانوني.
و أوضح محدثونا من المهاجرين الماليين، بأنهم لا يملكون عقودا أو رخصا للعمل، وتحدثوا عن وجود أعداد كبيرة منهم في ورشات البناء، وهو نفس الأمر الذي لاحظناه على مستوى ورشة بناء بالوحدة الجوارية 20 بعلي منجلي، علمنا بأنها مشروع لإنجاز مرفق تابع للجامعة، حيث كانت مجموعة من المهاجرين تقوم بمختلف الأعمال، على غرار رفع الأخشاب و تحضير الخرسانة، حتى أن اثنين منهم كانا متواجدين فوق سطح بناء يجري إنجازه، كما شد انتباهنا أن الجهات التي توظفهم زودتهم بمختلف أدوات الحماية و الوقاية، على غرار الخوذات و القفازات و البدلات، و هو نفس الملاحظ بمختلف الورشات بعلي منجلي أو قسنطينة.
و أفادت مصادر متطابقة من شركة أجنبية تشرف على عدد من مشاريع إنجاز السكنات الاجتماعية، بأنهم اعتادوا على العمل مع المهاجرين القادمين من دول إفريقية مختلفة، حيث قالوا أن المؤسسة المذكورة قامت بجلب عدد كبير منهم منذ حوالي سنة، و تقوم بنقلهم بين الورشات التابعة لها و الموزعة على عدة بلديات، في حال زيارة أعوان مفتشية العمل، كما توفر لهم المبيت و الإطعام، موضحة بأن شخصا من ولاية أخرى قام بجلبهم، فضلا عن أنهم يحملون جنسيات إفريقية مختلفة، على غرار المالية و النيجيرية و السينيغالية.
و أضافت نفس المصادر بأن معاملة مسؤولي الشركة للمهاجرين تختلف عن طريقة تعاملهم مع الجزائريين، كما يجبرونهم على العمل لحوالي 15 ساعة في اليوم الواحد، و يهضمون الكثير من حقوقهم، فضلا عن قطعهم النوم عليهم في بعض الأحيان و استدعائهم للعمل ليلا من أجل القيام ببعض المهام، على غرار تفريغ شحنات مواد البناء التي تصل الورشة، فيما قال سكان من الوحدة الجوارية 19 أنهم يلاحظون عددا كبيرا من مهاجري دول جنوب الصحراء يخرجون لتأدية صلاة الجمعة، انطلاقا من مشاريع إنجاز السكنات الواقعة بالقرب منهم.
مدير التشغيل: لم نقدم
أي تراخيص عمل للمهاجرين الأفارقة
مدير التشغيل لولاية قسنطينة ذكر بأن مصالحه لم تقدم أي تراخيص عمل للمهاجرين القادمين من دول إفريقية جنوبية مجاورة، مشيرا إلى أنه يتم إعداد محضر و إحالة المهاجر على العدالة مباشرة في حالة تسجيل قيامه بالعمل بدون رخصة، فيما أوضح مفتش العمل لولاية قسنطينة بأن مصالحه لم تسجل حالات تشغيل لمهاجرين أفارقة بشكل غير شرعي داخل و رشات البناء، على عكس العمال الأتراك، الذين ضبط بعضهم في وضعية عمل غير قانونية بورشات البناء، خلال السنة الجارية، و تم اتخاذ إجراءات ضدهم، حسب المسؤول.
وتشير أرقام رسمية، تحصلت عليها النصر ، بأن عدد الأجانب العاملين بولاية قسنطينة بشكل نظامي خلال السنة الماضية، قد بلغ 6953، يحملون جوازات سفر سارية المفعول، و نصبت منهم 3324 يد عاملة أجنبية و نفس الرقم من اليد العاملة المحلية، حيث توزع 6888 منهم على قطاع البناء و الأشغال العمومية، أي ما يعادل 99.06 بالمائة، فيما وجه 50 منهم إلى قطاع الصناعة و 15 إلى قطاع الخدمات، كما احتلت اليد العاملة الصينية المرتبة الأولى من حيث جنسية العمال، حيث بلغت نسبة 61.71 بالمائة، ليليهم مباشرة العمال الأتراك بنسبة 18.02 بالمائة، أما بقية الجنسيات فتشكل نسبة 20.26 بالمائة. كما سجلت مصالح ولاية قسنطينة، خلال السنة الماضية، زيادة في اليد العاملة الأجنبية بنسبة 33.96 بالمائة مقارنة بسنة 2014، أرجعت إلى ارتفاع عدد المشاريع بالولاية، فيما تجدر الإشارة إلى أن الجزائر شهدت في السنتين الماضيتين مدا بشريا كبيرا من اللاجئين الماليين على حدودها الجنوبية بسبب تصاعد العنف في بلدهم آنذاك، فضلا عن اغتنام نازحين نيجيريين فرصة فتح الجزائر حدودها أمام اللاجئين الماليين، من أجل الدخول إلى ترابها و التوزّع على عدة ولايات لممارسة التسول، الذي لم يوضع له حل نهائي بعد، رغم عمليات الترحيل الكثيرة التي تم تنظيمها من طرف وزارة التضامن بالتعاون مع الهلال الأحمر الجزائري.
سامي /ح