نـدرة الخشـب ترفع تكاليـف بنـاء المساكـن في قسنطينــة
رفعت الندرة في مادة الخشب، تكاليف إنجاز البنايات الفردية والمشاريع السكنية على مستوى ولاية قسنطينة، بعد تضاعف أسعار المواد الأولية في سوق الجملة، كما التهب سعر الأثاث المنزلي بمحلات التجزئة، في حين اضطر عدد كبير من النجارين إلى غلق ورشاتهم والتوقف عن العمل بسبب المشكلة.
واشتكى لنا نجارون بحامة بوزيان من تفاقم مشكلة ندرة الأخشاب في سوق الجملة، حيث أوضح لنا صاحب ورشة و أحد أقدم ممارسي هذه المهنة، بأن أكثر من ثلاثة تجار جملة توقفوا عن النشاط بعد أن كان يتعامل معهم طيلة السنوات الماضية، مشيرا إلى أن آخرهم يملك مستودعا لبيع مواد البناء على مستوى الكيلومتر الرابع، لكنه توقف عن بيع الخشب بسبب الندرة، وصار نشاطه يقتصر على تجارة الحديد المخصص للبناء فقط.
و يُرجح من تحدثنا إليهم بأن تكاليف البناء سترتفع كثيرا خلال الفترات القادمة بسبب زيادة سعر الخشب، التي تجاوزت الضعف، فقد قفز ثمن أحد أنواع الخشب الأبيض من 250 دينارا للمتر إلى أزيد من 400، ما دفعه إلى التوقف عن استعماله في صناعة إطارات الأبواب والأسرّة الخاصة بغرف النوم.
مليونا سنتيم لإنجاز
باب خشبي
وأضاف نفس المصدر بأن زيادة تجاوزت النصف سُجّلت في سعر المتر من “خشب الشمال” ذي النوعية المتوسطة و المستعمل بكثرة في صناعة أبواب المنازل وإطاراتها، خصوصا في عمارات المشاريع العمومية والبنايات الفردية، حيث قفز من 500 دينار إلى أكثر من ألف، ما جعل سعر إطارات الأبواب يتراوح ما بين 8 آلاف إلى عشرة آلاف دينار، وهي تعادل تكلفة الباب كاملا قبل وقوع الندرة، في حين قال محدثنا إن ثمن باب المنزل يصل اليوم إلى ما بين 18 ألف إلى 20 ألف دينار، مشيرا إلى عدم وجود كمية كافية من الخشب لتلبية الطلب.
وأشار تاجر أثاث بوسط مدينة قسنطينة، إلى أن المشكلة تسببت في غلاء أسعار الأثاث بسوق التجزئة ما أدى إلى حالة ركود، حيث انخفض معدل نشاط محله كثيرا رغم موقعه الجيد، كما أن الأسعار ترتفع بسرعة بحسب نفس المصدر، الذي قال إنه تفاجأ بأن سعر بعض السلع قد ارتفع في سوق الجملة بأكثر من 5 آلاف دينار في أقل من شهر، فيما لم يستبعد أن يقوم بتغيير نشاط متجره في حال استمرار الوضعية الحالية.
واعتبر المعنيون بأن المتضرر الأول من المشكلة هم عمال ورشات صناعة الأثاث، فبلدية حامة بوزيان لوحدها تحصي أزيد من 500 ورشة تُوظف كل منها 4 عمال على الأقل، في حين أوضحوا لنا بأن العشرات منهم قد وجدوا أنفسهم بطالين بسبب غلق الكثير من الورشات خلال الأشهر القليلة الماضية فقط، كما اضطر آخرون إلى تغيير النشاط، لدرجة أن البعض منهم صاروا يستغلون شاحناتهم في نقل البضائع مقابل أجر، بعد أن كانوا يستعملونها في وقت سابق لنقل أثاثهم وتوزيعه على تجار التجزئة. وأفاد النجارون بأن المشاريع السكنية التي تعاقدوا مع المستفيدين منها من أجل إنهاء الأشغال النهائية التي تعتمد على الخشب، قد عرفت تأخرا بسبب ندرة المادة الأولية. وسبق للنصر أن تطرقت إلى موضوع ندرة المادة الأولية الخاصة بالنجارين خلال شهر جويلية الماضي، حيث لم تكن الزيادات في سعر المتر الواحد من الخشب المستعمل بكثرة قد تجاوزت عتبة المائة دينار آنذاك، في حين ذكر لنا النجارون بأن أصل المشكلة يعود إلى تقليص عدد الرخص الممنوحة لمستوردي مادة الخشب على المستوى الوطني، في إطار إجراءات التقشف التي اتخذتها الحكومة لمواجهة الأزمة الناجمة عن انهيار أسعار البترول منذ ثلاث سنوات، مشيرين إلى أن ولاية قسنطينة ليست المتضررة الوحيدة لكنها واحدة من الأقطاب في صناعة الأثاث، كما أن نشاط كبار تجار الخشب بالجملة على مستوى مدينة العلمة بسطيف وغيرها من النقاط التي يعتبرها النجارون المورد الأول للمواد الأولية، قد تراجع خلال الآونة الأخيرة. وأفاد مصدر من اتحاد التجار والحرفيين الجزائريين بقسنطينة، بأن بلدية حامة بوزيان مهددة بفقدان منزلتها كقطب وطني في صناعة الأثاث والنجارة بسبب مشكلة ندرة الخشب، حيث قال إن عددا كبيرا من سكانها، وخصوصا من فئة الشباب، قد تحولوا إلى ممارسة هذا النشاط الحرفي في السنوات الأخيرة، وقد يحالون على البطالة في حال استمرار الركود.
سامي.ح