عيـــون السعـــد.. قريـــة تـــنام على المــــياه الجوفيــــة و سكانــــها عطــــــشى!
يعاني سكان قرية عيون السعد الواقعة على مسافة كيلومترات من بلدية ديدوش مراد بقسنطينة، من مشاكل كثيرة يطالبون السلطات بالتدخل لحلها، ففرع البريد لم يعمل منذ إنجازه، فيما تتقاسم عديد العائلات منزلا بهذه القرية الاشتراكية المشيدة منذ عقود، كما لا يزال البناء الريفي و شبكة الطرقات و النقل و المياه الشروب، من أهم الانشغالات المطروحة من طرف عائلات المنطقة.
الوصول إلى قرية عيون السعد ليس سهلا، لوجود حافلة أو اثنتين فقط لنقل السكان البالغ عددهم حوالي ألف نسمة، حيث قال لنا سائق أثناء نقلنا إلى المكان، إنه لولا سيارات النقل غير الشرعي «الفرود»، لما تمكن قاطنو القرية وما جاورها من قضاء حاجياتهم اليومية، خصوصا في فصل الشتاء و لدى تساقط الأمطار والثلوج، إذ غالبا ما يعتمدون على أنفسهم في جلب الحاجيات والمؤونة وغاز البوتان، رغم أن مشروع تعبيد طريق مختصر نحو وسط مدينة البلدية، كان ليجنبهم عناء سلك مسار طويل وبعيد عن المنطقة الحضرية.
ما يلفت الانتباه بمدخل قرية عيون السعد، هو وجود سكنات تعود إلى قرى العهد الاشتراكي ضمن برنامج الرئيس الراحل هواري بومدين، حيث لا يزال السكان يقطنونها مع اهتراء واضح للجدران والأسقف، و لم يخف أحد شباب المنطقة رغبته في الزواج بعدما بلغ سن الثلاثين، إلا أنه مضطر، كما قال، لمحو الفكرة من رأسه لرؤيته معاناة بقية إخوته بشكل يومي، وكيف تتقاسم أربع عائلات مع الأولاد والجد و الجدة مساحة لا تزيد عن 100 متر مربع، تحت أسقف يتسرب منه الماء شتاء، وجدران متشققة بفعل قدمها.
وطالب السكان في هذا الصدد برفع حصة إعانات البناء الريفي، نظرا لطبيعة المنطقة، مع إيجاد المزيد من الأوعية العقارية المناسبة لهذا النوع من البناءات، بدل منح الصيغة بشكل مكثف لسكان وسط المدينة وإهمال المناطق الريفية الحقيقية من الاستفادة، على حد تعبيرهم، كما دعوا إلى استكمال أشغال التهيئة الخارجية وتعبيد الطرقات لفائدة العدد الضئيل الذي استفاد من الدعم الريفي، فيما طالب قاطنو السكنات القديمة بمنحهم إعانات الترميم المقدرة بـ 20 مليون سنتيم.
الاحتطاب لمواجهة البرد
قاطنو القرية يؤكدون أيضا أن حوالي 150 منزلا لم يربط بعد بخدمة الغاز الطبيعي، رغم توصيل العدادات لعدد دون آخر، ما يضطرهم إلى الاحتطاب وشراء غاز البوتان، بسعر 250 دينارا للقارورة، وهو الأمر المستحيل شتاء بسبب تساقط الثلوج، مضيفين أنه لولا خدمة المواطنين لبعضهم البعض، من طرف أصحاب الشاحنات والجرارات، لما استطاعوا التزود بالغاز للتدفئة من وسط المدينة، حيث ذكر السكان أن مشروع الربط المعلن عنه منذ 2009 لم يتجسد بعد.أما المياه الصالحة للشرب، فهي منعدمة رغم مدّ الشبكة نحو المنازل، حيث أن خللا بالقناة الرئيسية الناقلة لهذه المادة الأساسية من الخزان نحو القرية، سبّب الإشكال، ليطول الوضع دون تدخل الجهات المعنية، فيما يلجأ سكان القرية التي يقول قاطنوها إنها تنام على المياه الجوفية، إلى نبع قادم من جبل «سليماني» للتزود بالماء، سواء للطهي أو الشرب وحتى الغسيل، وهو مورد شيدته عائلات المنطقة بسواعدها وأموالها الخاصة.سكان قرية عيون السعد رفعوا انشغالا آخر، يتمثل في اهتراء شبكة الطرقات الداخلية وعدم تعبيدها، مع أن الجزء الذي يربطها بالطريق البلدي معبد، ما جعل المواطنين يقومون في العديد من المرات بجمع تبرعات فيما بينهم وشراء مواد تساعد في التقليل من حدة الأوحال شتاء والغبار صيفا، وحتى يتمكن الأطفال المتمدرسون، على الأقل، من الخروج في الصباح الباكر للوصول إلى المدرسة الابتدائية الحوت عمر، الواقعة على بعد حوالي 4 كيلومترات، و ذلك بشكل لائق ودون اتساخ ملابسهم وأحذيتهم، كما تساءل المعنيون عن سبب وضع أعمدة الإنارة العمومية دون ربطها بالكهرباء، ما يجعل الحي يغرق في الظلام ليلا، و يحول دون الخروج من البيوت خوفا من الحيوانات الضالة.
فلاحون يطالبون بالدعم
التقينا بفئة أخرى من قاطني قرية عيون السعد وهم الفلاحون، الذين طالبوا بتوفير كامل الظروف الملائمة للعيش حتى يتمكنوا من الصبر على قساوة الطبيعة وممارسة نشاطهم الهامِّ اقتصاديا، خصوصا في الظروف الراهنة، في شاكلة الدعم الفلاحي والمزيد من الأراضي لاستصلاحها والعمل فيها، مضيفين أن السلطات طلبت منهم خلال سنوات الماضية، تغيير السكن والأراضي، لكنهم يؤكدون أنهم ألفوا العيش حيث ولد الكثير منهم أو من أولادهم، ولا مناص من دعمهم للبقاء في القرية، حيث يطالبون بفتح ممرات سهلة للوصول إلى أراضيهم، ومنحهم رخصة البناء بالقرب من المساحات الفلاحية والأراضي المستصلحة، زيادة على تشجيع المستثمرين للقدوم إلى عيون السعد وشراء المنتجات التي يريدونها، حتى تسهل تجارتهم أكثر.
رئيس بلدية ديدوش مراد، ورغم خروجه عن دائرة المسؤولية بالمجلس الشعبي البلدي مع الشروع في الحملة الخاصة بالانتخابات المحلية، إلا أنه أجاب على انشغالات سكان قرية عيون السعد و قال إن هناك مشروعا للربط بمياه الشرب، وإجراء بطاقة تقنية لخزان مائي بسعة 1000 لتر مكعب، خلال برنامج 2018، حيث خُصص المبلغ الكافي لإنجازه، إلى جانب بئر ارتوازي حتى يلبي الطلب، على أن توكل مهمة التسيير لمؤسسة «سياكو».أما عن تعبيد الطرقات، فقال «المير» إن الطريق الرئيسي داخل قرية عيون السعد معبد وتعرض للاهتراء جراء عملية إيصال شبكة الغاز وكذا الصرف الصحي، حيث سيتم التكفل بهذا المشروع بحلول العام 2018، مضيفا بخصوص مطلب الربط بالغاز الطبيعي أن هناك قناة قريبة عبر بني حميدان، إلا أن كلفة إنجازها كانت كبيرة جدا، وبإدخال برنامج الربط بهذه المادة الحيوية إلى قرية الرتبة، قرر الوالي تبني تجسيد الورشة بكلفة 22 مليار سنتيم لكلا القريتين.
فاتح خرفوشي