الجمعة 8 نوفمبر 2024 الموافق لـ 6 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

تُضخّ من مجمع مائي بـ "الهرية" و تحذيرات من كارثة بيئية و صحية:ميـاه ملوثـة تُستعمل في سقي محاصيل الخضر و الفواكه بقسنطينـة



تحوّل المجمع المائي الموجه للسقي ببلدية ابن باديس بقسنطينة، إلى أرض جافة تصب فيها مياه الصرف الصحي، ما أدى إلى نفوق أطنان من الأسماك و مئات الطيور، فقد بات الجلوس على ضفاف البحيرة التي كانت قبلة للزوار، أمرا منفرا، بسبب انتشار الروائح الكريهة، فيما توجه أصابع الاتهام للفلاحين الذي قضوا على مخزون الماء بسبب السقي العشوائي، كما يدق مواطنون ناقوس الخطر، نتيجة المياه الملوثة التي استعملت في ري مئات الهكتارات من الخضر و الفواكه.

يُعدّ المجمع المائي المُوجه للسقي و الواقع على بعد 2 كيلومتر من مقر بلدية ابن باديس، المعروفة محليا بـ «الهرية»، الأكبر على مستوى ولاية قسنطينة، إلى درجة أن الكثيرين يعتقدون بأنه سد، بحيث يمتد على مساحة 60 هكتارا، و تصل طاقة استيعابه لأكثر من مليون و 800 ألف متر مكعب، بعد أن أنشئ من طرف مؤسسة ألمانية كانت تعمل في المنطقة على تطوير بعض أنواع الأشجار، و قد بدأ استغلال المجمع سنة 1975، وكان يستعمل وقتها في سقي المشتلة، ليتحول مع مرور السنوات إلى مصدر سقي رئيسي لفلاحي البلدية، كما يُصنف المكان الذي يقع به، من المناطق الرطبة القليلة على مستوى الولاية، حيث يضم أنواعا عدة من أسماك المياه العذبة، و كذا الطيور المعششة و المهاجرة، و هي المعلومات التي أكدها فلاحون من المنطقة يملكون شهادات في تخصص الزراعة.
نفوق مئات الأسماك و الطيور
خلال زيارتنا للمنطقة، لم نكد نعثر على موقع المجمع المائي، الذي كان قبل وقت قريب، يظهر بصورة واضحة من على بعد مئات الأمتار، حيث تقلص بشكل كبير، و جفت معظم مساحته، كما تشققت الأرض بسبب ارتفاع درجة الحرارة، فيما انقسمت المياه إلى بركتين صغيرتين، اقتربنا بصعوبة من المكان و شاهدنا عددا هائلا من الأسماك النافقة تغطي سطح المياه، فيما كانت الرائحة المنبعثة منها لا تكاد تحتمل، و يبدو أن المياه الملوثة المتسربة من الأنبوب الرئيسي للصرف الصحي، إلى داخل المجمع المائي، هي سبب آخر للروائح الكريهة التي عكرت صفو المكان، و حسب تأكيد بعض سكان المنطقة فإن هذا التسرب، بدأ قبل حوالي 3 سنوات، أما في أرجاء البركة فتنتشر جثت الطيور، كطائر اللقلق و البط، و التي نفقت لأنها تتغذى على الأسماك الميتة و تسبح في مياه ملوثة أصبح لونها أخضر، و يشبه إلى حد بعيد مياه الصرف الصحي.
التقينا بعض مواطني المنطقة و عددا من الفلاحين، الذين كانوا في قمة الاستياء من الوضعية التي وصل إليها ما يعرف بـ «السد»، بين السكان المحليين، مؤكدين بأنه كان في وضعية طبيعية قبل أشهر قليلة فقط، غير أن انطلاق عملية السقي خلال شهر ماي الماضي، و بطريقة عشوائية  يغيب عنها التنظيم، حسب ما يؤكدون، أدى إلى النتيجة الحالية، حيث أوضحوا بأن محتواه أفرغ بسبب ضخ المياه لاستغلالها في السقي، و قد استُعمل لهذا الغرض 25 مضخة، حسب تأكيدهم، من بينها 3 مضخات كبيرة كانت تسحب المياه و تحولها إلى مجرى الوادي الذي يصل إلى منطقة بني يعقوب على بعد 8 كيلومترات، لتستعمل من قبل فلاحي هذه المنطقة، مؤكدين بأن مياه المجمع، وصلت إلى غاية إقليم ولاية قالمة، و قد لاحظنا أن مضخة و أنبوبا يبدو أنهما كانا يُستعملان في ضخ المياه من طرف الفلاحين، لا يزالان موجودين بالمكان.
محاصيل البطيخ و البطاطا الأكثر تضررا
الغريب في الأمر، حسب محدثينا، أنه و قبل انطلاق عملية السقي، قامت لجنة مختلطة مكونة من المصالح الفلاحية و الموارد المائية و التعاونية الفلاحية للسقي، بتحديد كمية المياه، و أعلنوا بأن منسوبها منخفض بالمقارنة مع السنوات الماضية، كما أصدروا قرارا بتقنين عملية السقي و منع ضخ المياه بمجرى الوادي، غير أن القرار لم ينفذ عند بداية السقي، حسب ما أوضحه محدثونا، الذين أكدوا بأن الري كان عشوائيا، و تواصل لأكثر من شهرين دون توقف، إلى غاية جفاف المجمع المائي و ظهور المياه الملوثة، التي كانت غير ظاهرة قبل ذلك.

الإشكال حسب محدثينا، لا يكمن فقط في أن المجمع تعرض للجفاف، بل في أن المحاصيل الزراعية الممتدة على 150 هكتارا من الأراضي و المزروعة بطاطا و فلفل و «جريوات» و خس و بطيخ أصفر و أحمر، قد سقيت من مياه ملوثة، و معظمها تم حصاده و بيعه، و حتى عندما أصبحت المياه ملوثة بنسبة 100 بالمئة، تواصل السقي من بعض الفلاحين، حيث توقفت العملية منذ أيام فقط، بعد تدخل مصالح الدرك الوطني، حسب ما أضافت مصادرنا، التي أكدت بأن المساحة التي كان يفترض سقيها هي 80 هكتارا فقط، أي نصف المساحة التي سقيت بالفعل، كما أوضحوا بأن الكثير من الفلاحين لم يجدوا ما يسقون به محاصيلهم التي تعرضت للتلف، بعد أن جف المجمع المائي و تلوثت مياهه بالكامل، و قد تحسر العديد من المواطنين على حالة المجمع المائي، الذي كان أيضا مكانا للاستجمام، حيث يستقطب المئات من الشباب و العائلات خلال فصلي الربيع و الصيف، فيما كان مصدرا لإطعام العديد من العائلات التي تصطاد الأسماك المتوفرة به.
تعاونية السقي توجه أصابع الاتهام للفلاحين
و يبدو أن الجفاف مس عدة مجمعات مائية موجهة للسقي على مستوى ولاية قسنطينة، و تسبب في خسائر مادية كبيرة للفلاحين الذين يعتمدون عليها في ري محاصيلهم، و هو ما أكده مصدر مسؤول بالتعاونية الفلاحية للسقي بقسنطينة، أوضح بأن فصل الشتاء الماضي عرف شحا في الأمطار، و سجل انخفاضا محسوسا على مستوى معظم المجمعات المائية بالولاية، و بعضها جف تماما، على غرار المجمعات الواقعة بعين عبيد و صالح دراجي و ابن زياد و عين سمارة، فيما انخفض منسوب مجمعات أخرى، بشكل كبير، بالنظر إلى كثافة السقي.
و فيما يخص المجمع المائي الواقع ببلدية ابن باديس، فقد أكد محدثنا أن جفافه يعود بالدرجة الأولى إلى عدم امتثال الفلاحين لتعليمات تعاونية السقي، موضحا أن هذه الأخيرة و بالتنسيق مع مصالح الفلاحة و الموارد المائية، قامت خلال شهر أفريل الماضي، بعد خرجة ميدانية إلى عين المكان، بتحديد منسوب المياه، و تحرير محضر بذلك عُلق عبر أرجاء البلدية، حيث منعت من خلاله الفلاحين الذين تقع أراضيهم خارج إقليم المجمع، من السقي، مؤكدا أنه يعني بذلك المزارعين الذين قاموا بغرس البطاطا، على بعد عدة كيلومترات، كما تضمن المحضر ضرورة تنسيق الفلاحين مع «لاكاسيد»، و هو ما لم يتم، حسبه، مؤكدا أن السقي تم بطريقة عشوائية، و بأن العديد من الفلاحين استغلوا مياه المجمع من دون دفع الاشتراكات، من جهة أخرى أوضح محدثنا أنه و خلال خرجة أخيرة إلى المجمع، تم الوقوف على تلوث المياه بالصرف الصحي، غير أن الاتصال بالجهات المعنية لم يجد نفعا، حيث لم يتدخلوا، حسبه، لإيجاد حل مناسب، أو وقف التسرب.
روبورتاج: عبد الرزاق مشاطي

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com