أكد أمس متدخلون في الملتقى الوطني حول ازدواجية العلاقة بين الهجرة غير الشرعية و الجريمة المنظمة، الذي احتضنته كلية الحقوق بجامعة قسنطينة 1، أن الجزائر نجحت في غلق الكثير من منافذ نشاط الشبكات الإجرامية، الناشطة عبر حدودها و الدول المجاورة لها، في تهريب البشر و تشجيع الهجرة غير الشرعية، و ما يترتب عنها من جرائم أخرى، كتهريب المخدرات بكل أنواعها و الاتجار بالأعضاء البشرية.
و ترى الدكتورة صليحة كبابي، من كلية العلوم السياسية بجامعة صالح بوبنيدر، أن الجزائر نجحت إلى حد كبير، في إغلاق العديد من قنوات نشاط الشبكات الإجرامية المختصة في تهجير الأشخاص و الاتجار بهم، من خلال إستراتيجيات العمل المجسدة على أرض الواقع، في التعامل مع المهاجرين غير الشرعيين، خاصة الأفارقة، مثل تجميعهم في مراكز خاصة، ثم إعادتهم إلى بلدانهم. هذه الإجراءات الميدانية ساهمت، بشكل واضح، في كسر نشاط المنظمات الإجرامية الناشطة على الحدود الجزائرية، و كذا دول الجوار، خاصة أنها تعتبر الجزائر قناة عبور هامة لحركة نشاطها، بتهريب و تهجير الأفراد.
الجائحة أدت إلى تراجع ظاهرة الهجرة غير الشرعية
المتدخلة قالت في حديثها للنصر، إن الجزائر سجلت تراجعا في أرقام الهجرة غير الشرعية خلال فترة الحجر، جراء الجائحة، لكن هذه الأرقام سرعان ما عادت إلى الارتفاع، مباشرة بعد استقرار الوضع الصحي، بسبب التراخي و إغفال المراقبة، و التركيز على الأمن الصحي، وهو حال كل دول العالم، ما ساعد هذه الشبكات خلال تلك الفترة، على توسيع نشاطاتها الإجرامية التي تشمل العديد من الجرائم، في مقدمتها الهجرة غير الشرعية و الجريمة المنظمة العابرة للقارات، حيث ساهمت شساعة الجزائر، في حركة التنقلات غير الشرعية للأشخاص، لكن سرعان ما استدركت بلادنا الوضع، من خلال ضبط قنوات الهجرة و مكافحة هذه الجرائم بعدة طرق و أساليب، و غلق كل المنافذ، رغم تهاون دول الجوار في التعامل مع الظاهرة .
من جانبه أكد أستاذ القانون الدولي وليد قارة، من كلية العلوم السياسية جامعة صالح بوبنيدر قسنطينة 3، على ضرورة وضع قانون خاص بمنع تهريب المهاجرين و مكافحة الهجرة غير الشرعية، و توحيد العقوبات و الوصف الإجرامي للأفعال المشكلة لتهريب الأشخاص و الهجرة غير الشرعية.
و أضاف المتدخل أنه رغم الحزمة القانونية التي سنها المشرع الجزائري في معالجة و محاربة ظاهرتي الهجرة غير الشرعية وتهريب البشر، هناك ثغرات في النصوص المنظمة لهاتين الجريمتين، مع وجود تداخل بينهما ، فلولا وجود الهجرة غير الشرعية و وجود أشخاص يرغبون في الهجرة بصورة غير قانونية، لما استمر نشاط هذه الجماعات الإجرامية، حسب رأيه.
لهذا من الضروري،كما قال، تجريم فعل المغادرة بصورة غير شرعية ، لأن المهاجر في هذه الحالة، هو جاني لتعامله مع جهات إجرامية، و يمكن اعتباره شريكا، لهذا فمن الضروري إعادة النظر في الجانب التشريعي المعاقب لجريمة الهجرة غير الشرعية، و تهريب المهاجرين.
عدم استقرار الوضع الأمني ساهم في تنامي الجريمة العابرة للقارات
أكد رئيس مخبر الدراسات و الأبحاث حول المغرب و المتوسط الدكتور عزوز كرودن، في مداخلته خلال الملتقى أن الجزائر، كغيرها من الدول، ليست في مأمن من نشاط الشبكات الإجرامية، التي يتزايد عددها و امتدادها الجغرافي، خاصة في ظل الأوضاع السياسية التي تعيشها الكثير من دول إفريقيا، و الدول المجاورة للجزائر، و عدم استقرار الوضع الأمني، الذي ساهم بشكل كبير في تنامي الجريمة العابرة للقارات، بشكل مخيف و لافت للانتباه، حيث حولت الكثير من هذه الشبكات الجزائر إلى محطة عبور لها، رغم جهودها الحثيثة لضمان استقرار الأوضاع على حدودها، و التصدي لكل أنواع الجريمة، خاصة تلك التي تمس مباشرة سلامة و أمن الأشخاص، كالهجرة غير الشرعية و الاتجار بالأشخاص.
و أضاف الدكتور كرودون، أن خطر هذه الشبكات، يمتد إلى كل دول العالم، ما يستدعي تكثيف جهود التعاون الدولي على كل المستويات الأمنية و القضائية، مؤكدا أن الجزائر التي تعاني بشكل واضح من خطر هذه الشبكات الإجرامية، جراء عدم استقرار الوضع الأمني على طول الساحل، كانت من الدول السباقة إلى تطبيق بنود الاتفاقيات التي نصت عليها منظمة الأمم المتحدة في محاربة الجريمة بكل أنواعها، بما فيها الهجرة غير الشرعية، التي أصبحت تهدد استقرار الدول المستقبلة، و حتى الدول الأم، بعدما جعلت منها المنظمات الإجرامية و الإرهابية معابر و نقاط نشاط لها. أما الأستاذة بكلية الحقوق و رئيسة اللجنة التنظيمية للملتقى ريم بوطبجة، فأكدت أن اختيار موضوع ازدواجية الهجرة غير الشرعية و الجريمة المنظمة، جاء نتيجة مستجدات، تفرضها الساحة الوطنية و المحلية، في ظل تنامي خطر مافيا الهجرة غير الشرعية و المتاجرة بالبشر، بأساليب و طرق متعددة و متطورة من أجل تحقيق الربح المادي، مقابل مآسي إنسانية تجلت في قوارب الموت في البحر الأبيض المتوسط، إضافة إلى أشكال إجرامية أخرى ذات صلة، كالاتجار بالبشر و المخدرات و الإرهاب و التطرف، نجمت عنها ازدواجية في العلاقة بين الجريمة المنظمة و الهجرة غير الشرعية، و هو عنوان الملتقى.
وهيبة عزيون