تخوض وزارة التجارة وترقية الصادرات حملة واسعة لتعميم الدفع الإلكتروني على جميع المتعاملين الاقتصاديين من بينهم التجار، وحددت تاريخ 31 ديسمبر المقبل كموعد للانطلاق في اعتماد هذه الوسيلة بشكل رسمي، كما تساهم بدورها منظمات حماية المستهلكين في توعية المواطن بجدوى المعاملات المالية الرقمية.
أكد الخبير الاقتصادي مراد كواشي "للنصر" بأن برنامج تعميم الدفع الإلكتروني على جميع المتعاملين الاقتصاديين الذي تعكف عليه وزارة التجارة، يعد خطوة هامة نحو ولوج عالم المعاملات المالية الرقمية، التي توفر الجهد والوقت معا، وتضمن للمواطن والمتعاملين على حد سواء القيام بالمبادلات التجارية في محيط آمن وشفاف.
وأوضح المتدخل بأن الدفع الإلكتروني من شأنه أن يساعد المواطن في الحصول على الخدمات التي يطلبها في أريحية تامة، كما أنه يؤدي إلى رفع نسبة الأمان خلال المعاملات التجارية، لأنها ستعفي الأفراد من حمل مبالغ معتبرة لاقتناء الحاجيات اليومية أو إتمام صفقات، كما يوفر الدفع الالكتروني الحماية من السرقة وضياع الأموال، لأن المواطن سيكتفي بحمل بطاقة بنكية أو بريدية معه بدل الأوراق النقدية.
كما تحقق عملية الدفع الإلكتروني الشفافية التامة في العمليات التجارية، من خلال معرفة مصادر الأموال التي تدور في السوق، وكذا وجهتها وحجم كتلها، فضلا عن التقليل من حجم السيولة المالية الزائدة في السوق، عبر إدراجها ضمن القنوات الرسمية، يقول المتحدث.
ويضيف الأستاذ كواشي بأن استعانة المواطنين بوسائل الدفع الإلكتروني يؤدي أيضا إلى تخفيف العبء على المراكز البريدية والبنوك في المناسبات الدينية الهامة والاجتماعية التي تزداد خلالها وتيرة الاستهلاك، وكذا الإقبال على الفضاءات التجارية المختلفة، التي تستعد بدورها لولوج عالم الدفع الإلكتروني أو الرقمي بتأطير من وزارة التجارة التي أطلقت العملية قبل حوالي أربع سنوات.
وينتظر أن تستفيد مختلف المؤسسات المالية والإدارات من اعتماد الوسائل الحديثة في المعاملات المالية، لكونها مطالبة بدورها بدخول عالم الرقمنة، لاسيما في ظل سعي السلطات العمومية لتحقيق التحول الرقمي في شتى القطاعات، مع الحرص على توفير الوسائل وتجنيد الخبرات والكفاءات المكلفة بتجسيد هذا المخطط الطموح.
وأكد بدوره الخبير الاقتصادي أبوبكر سلامي للنصر بأن اعتماد الدفع الإلكتروني وتعميمه في مجال الخدمات وفي اقتناء المواد الاستهلاكية أضحى أمرا حتميا، معتقدا بأننا تأخرنا نوعا ما في اعتماد هذه الوسيلة الحديثة في التعاملات المالية اليومية، لاسيما وأن القرار تم اتخاذه قبل ثلاث سنوات وما يزال قيد التجسيد.
وأضاف المصدر بأنه بموجب هذا الإجراء فإن المتعاملين الاقتصاديين وعامة التجار أصبحوا مطالبين بتوفير نهائيات للدفع الإلكتروني، مرجعا تأجيل تنفيذ البرنامج إلى تقاعس التجار عن توفير هذه الأجهزة، مما يدعو إلى مزيد من الصرامة لإجبار الجميع على اعتماد الدفع الإلكتروني لعدم تأجيله مرة أخرى.
ويستدعي تجسيد هذا البرنامج يضيف الأستاذ أبوبكر سلامي اقتناء عدد هام من نهائيات الدفع الإلكتروني لتحفيز التجار على اعتمادها، لاسيما وأن الكثير منهم يتهربون من ولوج عالم المعاملات المالية الرقمية بحجة نقص عدد الأجهزة المخصصة لذلك، فضلا عن ضرورة ضمان الربط بشبكة الهاتف النقال والأنترنيت.
وأوضح المصدر بأن الدفع الرقمي سيخفف الضغط على المراكز البريدية لسحب الأموال، كما يسهل عملية الاستهلاك على المواطنين، كما يضمن الرقابة على الأموال المتداولة في السوق، ويحقق بالتالي الرؤية الواضحة للعمليات المالية ويمنع السرقة والترويج للعملات المزورة والابتزاز، وشدد المصدر على ضرورة بلوغ المعدل العالمي في هذا المجال عن طريق فرض قوة القانون.
واقترح الأستاذ سلامي في هذا السياق إجبار التجار على اقتناء آلات الدفع الإلكتروني، وإلزامهم باستعمالها، مع فرض عقوبات صارمة على المخالفين للقانون، فضلا عن تنظيم حملات للتوعية بجدوى هذه الوسيلة بالنسبة للمواطنين والمتعاملين الاقتصاديين.
الدفع الإلكتروني يؤدي إلى امتصاص الكتلة النقدية المتداولة في السوق
وأضاف المصدر بأنه وجب القضاء على السوق الموازية وامتصاص الكتلة النقدية المتداولة في القطاع غير الرسمي، عبر التحفيز على استعمال الصكوك البنكية في تحويل الأموال وكذا الدفع الإلكتروني، وتطبيق هذا المبدأ على الجميع، باستثناء المناطق التي لا توجد بها تغطية بشبكة الأنترنيت والهواتف النقالة. ويؤكد الخبير الاقتصادي بأن الدفع النقدي مرض ينخر الاقتصاد الوطني، يجب القضاء عليه بتوفير الوسائل المادية والقانونية وتطبيق القانون بصرامة، وأضاف من جهته الناطق باسم المنظمة الوطنية لحماية المستهلكين فادي تميم بأن العمل قائم من قبل التنظيم لتحسيس المواطنين بجدوى الدفع الإلكتروني، معتقدا بأن الإجراء واجه مقاومة من بعض التجار بالتقاعس عن اقتناء نهائيات الدفع الإلكتروني، التي أصبح ضروريا توفيرها في المتاجر والصيدليات وجميع الفضاءات التجارية، باعتبارها من بين حقوق المستهلكين.
وأيد المتدخل بدوره التعامل بصرامة اكثر مع المتعاملين الاقتصاديين بهدف تحقيق الرقمنة الشاملة في مجال التعاملات المالية في أقرب الآجال، خاصة وأن هذا البرنامج تم طرحه في العام 2021 وما يزال قيد التجسيد بسبب تماطل التجار والمتعاملين في توفير وسائل الدفع الإلكتروني بحجة عدم توفرها في السوق، أو رفض المواطنين اعتمادها لصالح استعمال السيولة المالية.
لطيفة بلحاج