الشـاعر الداودي بو السلـة يصـدر "نـور سمــاوي"
أصدر مؤخرا ابن ميلة الشاعر الداودي بو السلة مجموعة شعرية تحت عنوان «نور سماوي» ، عن دار النشر الفرنسية «لو ليز بلو»، و تعد ثالث مجموعة في رصيده، بعد كل من «تدفق على الضفاف» و «على دروب السعادة» و هو معروف بكتابة الشعر بلغة موليير، لأنه يتقنها أكثر من اللغة العربية، و يتمنى، كما أكد في زيارته للنصر، أن تحظى بالترجمة المناسبة، لكي تتسع دائرة مقروئية و متابعة إبداعاته بين الفئات الشابة ببلادنا.
الشاعر و هو عضو في رابطة أهل القلم، لم تتح له بعد الفرصة، للتعريف بمجموعاته عبر كافة أرجاء الوطن، لكنه استطاع أن يحقق شهرة لا بأس بها، كما قال للنصر، في فرنسا ، حيث أصدر كتيباته الثلاثة، و بولايته و بعض ولايات الشرق الجزائري، لأنه واظب على المشاركة في ملتقيات و تظاهرات أدبية و شعرية، و أوضح بأنه بصدد كتابة مجموعة رابعة .
و قد أصدر مجموعة «نور سماوي» في طبعة أنيقة عن منشورات دار «لو ليز بلو» الباريسية و تتكون من 67 صفحة تضم 58 قصيدة، تتميز بلغة شاعرية رقيقة و بسيطة ، تتدفق بين حروفها شلالات من الأحاسيس التي لا تلبث أن تسافر بالقارئ إلى «نور سماوي مشرق الابتسامة، يستمد الطاقة من الروح، فيبدد الضباب. أثير مثير يعطر درب الحياة . الحب ، السلام، الفضيلة، و كذا القيم الإنسانية الجماعية، منابع السعادة في عجائب الأفكار التي تأتي لتفتح عواطف الداودي بو السلة على ضفاف سد بني هارون ، مكان للإلهام و الابتهاج» ، كما جاء في غلاف الكتيب، الذي زين بصورة تجسد عناق الشفق و الغيم و الشجر الباسق، بالمنطقة ذات المنظر الطبيعية الخلابة.
و يبدأ الشاعر مجموعته بقصيدة «قبل الشروق» فيصف تلك الفترة التي تفصل الفجر عن طلوع النهار و الصمت الذي يسودها ، و يجعله يحتار و يتنازل عن أفكاره و انشغالاته و رغباته اللامتناهية التي تقوده إلى الندم و المشاكل التي يعجز عن حلها. و تمتطي القصائد هدير أمواج المشاعر المضطربة و الغاضبة أحيانا، و المكبوتة الصرخات أخرى، لترتطم بضفاف بني هارون تارة و بالنور السماوي الخافت أخرى، فتجد عدة عناوين أخرى «هروب»، «مصير حلم»، «كلماتك»، «العصفور الجريح»، البارحة كان الطقس جميلا»، «الخريف»، «السيدة الطبيعة»، ذكريات» «يحدثونني عن السعادة» و غيرها، و لا يلبث القارئ أن يجد نفسه يقتفي أثر المربي و المصلح الاجتماعي بين مجموعة أخرى من القصائد التربوية و التوعوية و التحسيسية الاجتماعية و الدينية، على غرار « العبودية» التي يندد من خلالها بالميز العنصري و يؤكد بأن جميع البشر متساويين و لا فرق بينهما إلا بالتقوى و الفضيلة ، و «السيجارة» التي تعد بمثابة ثورة ضد التبعية لخيوط دخان قاتلة، و تنديد بآفة التدخين، و «آه النساء» التي تعد انحناءة تقدير و عرفان لنصف المجتمع و كذا قصيدة «على أبواب السلام» التي يتغنى بها بالسلم و السلام و عمق الإيمان، فالدوادي بوالسلة كان معلما، ثم مفتشا في الطور الابتدائي، من مواليد سنة 1957 بولاية ميلة، و قد قال لنا بأن انشغالاته المهنية لم تكن تسمح له بتفجير موهبته الشعرية، فأجل الأمر إلى مرحلة التقاعد، حيث بدأ نظم و كتابة القصائد في سنة 2016 ، مؤكدا بأنه يكتب لجميع الناس، ليجد كل من يقرأ أشعاره أحاسيسه و ذكرياته و انشغالاته فيها.
و عرج الشاعر على التراث ، فكتب قصيدة «أهاليل «، ليخلد طابعا يعانق عمق الصحراء و الأصالة و كتب «الهوية» ليعلن عن تشبثه بالأصالة و هوية الأجداد و عاداتهم و تقاليدهم.و غيرها، و قال لنا الداودي بوالسلة بأنه خصص جزءا من قصائده لمحطات تاريخية كالثورة التحريرية و أخرى اجتماعية، كما قدم، على طريقته، أجمل القصائد التي نالت إعجابه ، على غرار قصائد لنزار قباني و محمود درويش و غيرهما، إلى جانب قصائد من عمق تراثنا مثل «البوغي»، كما استلهم بعض أشعاره من مسرحيات عالمية.
و بخصوص سؤالنا عن عدم نشره مجموعاته بالجزائر، رد الشاعر بأنه اتصل بدور نشر جزائرية لهذا الغرض في 2017 ، فاصطدم بعدة عراقيل و صعوبات، فاضطر للاتصال بدار نشر فرنسية، فطلبت منه إرسال مسودة لتطلع عليها لجنة القراءة، و بعد ذلك أرسلت إليه عقدا ليمضيه و نشرت المجموعة بعد ثلاثة أشهر، ما شجعه على مواصلة النشر بفرنسا، و تم تسجيله في المكتبة الوطنية الفرنسية.
و أضاف المتحدث بأنه وزع الكميات المحدودة التي اقتناها على أصدقائه و في مؤسسات ثقافية و مكتبات وطنية، مشيرا إلى أنه بصدد تحضير مجموعة شعرية جديدة سيشارك بها في اليوم العالمي للفرانكفونية الذي سيحتفى به في العاصمة في يوم 24 أكتوبر المقبل.
إلهام طالب