شباب يحاكون حالة الفوضى و التفكك في المجتمع في عمل كوميدي
استمتع جمهور الخشبة و الفن الرابع بولاية برج بوعريريج، في نهاية الأسبوع ، بمتابعة العرض الشرفي الأول لمسرحية « الذبانة» من انتاج تعاونية كانفا للمسرح، و إخراج سفيان عطية، بدار الشباب الطاهر خليفي، أين أقيمت جسورا للتواصل بين الجمهور البرايجي المتعطش لمثل هذه العروض المسرحية و مجموعة من الشباب و الطلاب الجامعيين الذين استهوتهم الخشبة و تقمصوا أدوارهم باقتدار، ما مكنهم من طرق قلوب الحاضرين الذين بادلوهم التفاعل و التشجيع.
موضوع المسرحية لم يستقر على نص موحد و تنوع ،حسب الهدف المرجو من هذا العرض، الذي حاول من خلاله كاتب السيناريو، محاكاة تناقضات المجتمع و حالة الفوضى المتفشية في العلاقات و كذا في مختلف المؤسسات و الفعاليات المكونة للمجتمع.
و تجسدت حالة الفوضى و التفكك في صوت « الذبانة « التي تحل ضيفا في كل مشهد لإفساد صفو العلاقة و هدوئها و إثارة النعرات و الاختلافات، أين تتعالى أصوات الممثلين المسرحيين دون أن يتمكن المستمع من فرز صوت معين لفهم المعنى، حتى شخوص المسرحية لم يفهموا بعضهم البعض، حيث كان لكل واحد منهم رأي يصر على البوح به دون السماع لرأي الآخرين ما يطيل من عمر الخلاف و الفوضى .
و بدأت المسرحية بتداول الممثلين على خشبة المسرح متقمصين شخصيات مختلفة تعبر عن نفسها بإلقاء أبيات شعرية و أغان في مشاهد تشير إلى ذلك الاختلاف في الرؤى و الأفكار و حتى الطموح بين أفراد المجتمع، و تتطور أحداث المسرحية بدخول «الذبانة» و صوتها المثير للانتباه لتتصاعد حبكة السيناريو بعرض مشاهد حية عن المجتمع في شتى المجالات و ابراز صور عن العلاقات بين أفراد الأسرة، ممثلة في العلاقة التصادمية بين الزوج و زوجته و كذا العلاقة بين الابن و والده في مد و جزر دون الاستقرار على رأي واحد في ظل اختلاف القناعات و الأهداف و التنشئة بين مختلف الأجيال و كذا غلبة الجانب المادي على المبادئ.
في مشهد تحاول امرأة معاكسة الطبيب أمام جثة زوجها الذي توفي في حادث مرور، و ذلك الطبيب الذي يرفض في بادئ الأمر، و يقبل بعد ذلك بالزواج منها بعد علمه بالإرث الذي تركه زوجها، و تتطور أحداث المسرحية في مشاهد أخرى تمثل حالة الفوضى في المجتمع و الإهمال و اللامبالاة، مجسدة ركحيا في اهمال التلاميذ لدروسهم و تفوق العنصر الأنثوي، بالإضافة إلى الإهمال بالمستشفيات التي لا يعترف فيها الطاقم الطبي إلا بالوساطة و المحاباة و الترهيب لتقديم العلاج للمرضى، و غيرها من المشاهد المعبرة عن حالة التفكك و الفوضى بالمجتمع، و ينتهي العرض بتبليغ رسالة كحوصلة لموضوع المسرحية .
حسب رئيس تعاونية كانفا و مخرج المسرحية، سفيان عطية فإن هذا العرض الشرفي الأول للمسرحية، يمثل مجهود عام و نصف من التكوين و الدورات و الورشات التكوينية التي استفاد منها شخوص المسرحية و هم شبان في مقتبل العمر أغلبهم طلبة بجامعة محمد البشير الابراهيمي، و قد وجد هؤلاء الشباب ممن احتضنتهم تعاونية كانفا في المسرح فرصة لتفجير طاقاتهم الإبداعية، في هذا العرض الأول الذي مكنهم من ربط جسور مع الجمهور البرايجي الذي اكتظت به قاعة دار الشباب الطاهر خليفي، حيث كان هذا العرض بمثابة بطاقة فنية لما يكتنزونه من مواهب صقلت بدورات تكوينية، و لقيت قبولا من طرف الجمهور تجسد في التفاعل و التصفيقات الحارة في نهاية العرض الذي قدم في ثوب كوميدي أدخل الفرجة في نفوس العائلات البرايجية التي حضرت بقوة و لجمهور المسرح المتعطش لمثل هذه التظاهرات .
الجمهور تفاعل مع فكرة العرض إلى حد الغوص لمعرفة حقيقة هذه الفوضى و الاختلاف الذي شمل مجالات عدة و البحث عن مصدر و وجهة « الذبانة» التي تثير الاختلاف بين شخوص المسرحية، ليسدل الستار في الأخير على العرض المسرحي الذي أريد له أن ينتهي من قبل كاتبه بعرض نتيجة مفادها أن هذه الحشرة « الذبانة « لا تقتل لكنها تفسد الخاطر، و كذا بكونها لا تدخل إلا إلى الأماكن المتسخة و الأماكن التي توجد بها فجوات و ثغرات .
ع/بوعبدالله