مستوى التعليم في الجزائر كان راقيا قبل دخول الاستعمار الفرنسي
قال مؤرخون و أساتذة باحثون من عدة جامعات جزائرية في الملتقى 23 للتاريخ و الآثار المنعقد بقالمة في نهاية الأسبوع ، بأن مستوى التعليم في الجزائر كان راقيا و مفيدا قبل دخول الاستعمار الفرنسي سنة 1830، مؤكدين بأن المساجد و مؤسسات التعليم الجزائرية كانت الهدف الأول للفرنسيين الذين عملوا كل ما في وسعهم لضرب المؤسسة الدينية و التعليمية الوطنية، و تفكيك وحدة الأمة و تدمير كل مقوماتها الاجتماعية و الدينية و التاريخية.
و تطرق الأساتذة محمد برقطان، محمد شرقي، رابح عيساوي، إسماعيل سامعي و عبد الله بن الشيخ و غيرهم من المتدخلين، إلى الوضع الجيد الذي كانت عليه المؤسسات الدينية و التعليمية بمنطقة قالمة و الشرق الجزائري عبر العصور، مؤكدين بأن قالمة و الشرق كله كانت منطقة علم محصنة بمؤسسات دينية أصيلة، و مع مرور الزمن و منذ فجر التاريخ، ظلت الحياة الاقتصادية و الاجتماعية تتطور باستمرار، حتى قبل قدوم الرومان و غيرهم من الأمم الأخرى التي وصلت إلى شمال إفريقيا، خاصة الجزائر، باعتبارها منطقة إستراتيجية محل أطماع الغزاة على مر التاريخ.
و لم يتردد كل الغزاة المتعاقبين على الجزائر، في استهداف مقومات السكان الأصليين، و هويتهم و تاريخهم، حتى يتمكنوا من السيطرة عليهم، و إخضاعهم للحضارات الجديدة التي أضاقت سكان المنطقة كل أشكال المسخ و العبودية، غير أن أثر الاستعمار الفرنسي كان أشد وقعا و تأثيرا، على قالمة و منطقة الشرق برمتها.
و قدم الباحث محمد شرقي وثائق من الأرشيف الفرنسي، تؤكد المدى الذي بلغه الحصار المضروب على مؤسسة التعليم الجزائرية و المساجد العتيقة التي كانت منارة للعلم و المقاومة، و تعد المدرسة الكتانية و هي بمثابة ملحقة لجامعة الزيتونة التونسية بالجزائر، و مدرسة التهذيب بوادي الزناتي و مدرسة الفتح بقالمة، و مؤسسات تعليمية أخرى بشرق البلاد ، الأكثر عرضة للمضايقة و الحصار، و كان كل الطبلة و المعلمين فيها، تحت المراقبة المستمرة التي تطورت في ما بعد إلى التصفية، و النفي و غلق هذه المنارات العلمية التي ظلت صامدة في وجه الاستعمار و تمد الحركة الوطنية بخزان من الرجال و الكفاءات الدينية و العلمية، التي وقفت بشجاعة في وجه مخططات العدو الرامية إلى تدمير هوية و مقومات الأمة الجزائرية.
الملتقى الذي نظمته جمعية التاريخ و المعالم الأثرية بقالمة منذ 23 عاما، و دام يومين كاملين، و تميز بتقديم الكثير من المداخلات التي تتحدث عن واقع التعليم بقالمة و الشرق الجزائري عبر الحقب الزمنية التي تعاقبت على الجزائر، و تخللت المداخلات الأكاديمية إلقاءات شعرية لشعراء من قالمة، بينهم رابح خلايفية، محمد برقطان، فريد بن زايش، السعيد بن زينب و أحمد عاشوري.
و استقطب ملتقى جمعية التاريخ و المعالم الأثرية التي يرأسها الدكتور إسماعيل سامعي، الكثير من الطلبة و أساتذة الجامعات الوطنية الذين يعتمدون على مجلة الجمعية، و البحوث و المحاضرات التي تقدم كل سنة، لإثراء رصيدهم المعرفي و إعداد مذكرات التخرج.
فريد.غ