آلة العود تتصدر مشهد السهرة الرابعة من مهرجان "ديما جاز"
تصدر العود الشرقي مشهد السهرة الرابعة من مهرجان «ديما جاز» أول أمس بقسنطينة، حيث قدمت فرقة «أسترال فايبز كونسبيراسي» مجموعة من المعزوفات ذات البعد الصوفي، لتخلفها فرقة «ديو عود» بمزيج من الأنغام الإفريقية والمشرقية مع الإلكترو.
وانطلقت السهرة بفرقة «أسترال فايبز كونسبيراسي» الجزائرية، حيث اعتلى عازفوها الأربعة ركح المسرح وانطلقوا في أداء أول مقطوعة موسيقية تستوحي موضوعها الفني من الطابع الصحراوي، خصوصا عند انطلاقها بعزف محمد عمايدية لآلة الغومبري ذات الأنغام العميقة القادرة على ملء الفراغات الصوتية بفضل اهتزازاتها الطويلة إلى جانب الفلوت الجانبي، بعزف رامي مالوف، وإيقاعات الدرامز بعزف يونس كاتي وعود أسامة بسيسة، الذي تولى مهمة التعريف بأسماء المقاطع المختلفة التي تقدمها الفرقة لجمهور «ديما جاز» الذين عمرت بوجودهم أغلب مقاعد المسرح إلى غاية الطوابق العليا، حيث ذكر عند نهاية المعزوفة الأولى أن اسمها «سفر».
وانتقلت الفرقة إلى الموضوع الموسيقي الثاني تحت عنوان «تناسخ الأرواح»، أين يمتزج الطابع المشرقي بالطابع الموسيقي الشرقي ويمنح الأنغام بعدا صوفيا لتليها بعد ذلك معزوفة «تجاوز»، ثم يتوقف عازف العود عند اسم المعزوفة الرابعة التي قال «إنها مهداة لروح مولانا جلال الدين الرومي»، حيث اغترفت فيها المجموعة شذراتٍ من الموسيقى الفارسية، في حين يلاحظ أن عازف الفلوت الجانبي اعتمد على آلته لمحاكاة الناي العربي والمقاطع المركبة من المقامات المشرقية، خصوصا في مقطوعة «تجاوز» أين يتسيّد إلى جانب العود الشرقي الإطار الموسيقي لينسحب الغمبري والدرمز إلى الخلفية في الجزء الثاني من المعزوفة.
وأنهت الفرقة فقرتها بمعزوفتي «شوق» و»غنائم الحبّ»، حيث تمكنت مجموعة «أسترال فايبز كونسبيراسي» من هز أجساد قسم واسع من الجمهور تفاعلوا بالرقص والهتافات، في حين لاحظنا أن عازف العود يستعمل أصابعه لعزف الأوتار عوضا عن الريشة مثلما جرى عليه التقليد، وقد منح هذا الخيار الأنغام صوتا مُختنقًا دون أن يجعلها في وضعية اغتراب عن باقي الآلات. وقد صرح لنا العازف عند نهاية العرض أنها طريقته في العزف بأصابعه مؤكدا لنا أنه كان يعزف على آلة الغيتار سابقا، ليضيف أنه يعزف بالريشة على العود لكنه لا يتحكم فيه مثلما يعزف بأصابعه.
ونبّه محدّثنا أن مشروع الفرقة تأسس في 2016، في حين أصدرت أول ألبوم العام الماضي، حيث أوضح لنا أن أول حفل أحيته الفرقة كان في وهران بمناسبة صدور الألبوم، في حين يمثل ظهورها في «ديما جاز» أول مشاركة رسمية في مهرجان. أما بخصوص اختيار الثيمات الموسيقية للمعزوفات، فقال أن جميعها مترابطة، مشيرا إلى أنها تقدم تصورا موسيقيا عن العلاقة بين الإنسان والكون في مختلف حالاته الانفعالية مثل الكره والحب والبهجة.
وخلف الثنائي مهدي هداب والتونسي الفرنسي جان بيار سماجة الفرقةَ الأولى على الركح، حيث تمكنا من شحن المشاعر الصاخبة لدى الجمهور الذي استجاب بالرقص وهتافات الإعجاب، رغم أن صخب الإلكترو والإيقاعات القوية للمعزوفات قد غطى على صوت عود جان بيار سماجة في بعض المفاصل لكن دون إخلال بسلاسة الهيكل الموسيقى لها، على عكس عود مهدي هدّاب الإلكتروني ذي الأنغام القوية الذي فرض حضوره. واستعاد الموسيقيان بعض المقاطع الشهيرة، من بينها موسيقى فيلم «غيتار جوني»، في حين أديا معزوفة مستوحاة من الموسيقى الأندلسية، ليؤكد هداب أن قسنطينة عاصمة المالوف، ثم يمتدح هذه الموسيقى العربية الأندلسية وتراث المدينة.ويستمد الثنائي أنغامهما الموسيقية من جذورهما الإفريقية وتراث الموسيقى المشرقية، مثلما يلاحظ في بعض الاستخبارات المقتطعة خصوصا من طرف سماجة، في حين يذكر أن الفرقة سجلت أيضا في سنة 2006 مع الفنان اليمني عبد اللطيف يعقوب. وقد نظمت جلسة بيع بالإهداء لمجموعة من أسطوانات الثنائي بعد انقضاء فقرتهما الموسيقية. سامي حبّاطي