تفوز الرواية الجزائرية بالبوكر وهذا لأوّل مرة في تاريخ الجائزة العربية العريقة، إذ اِختارت «الديوان الإسبرطي»، للروائي عبد الوهاب عيساوي، وبهذا يكون عيساوي أوّل جزائري يفوز بالجائزة. الإعلان عن اِسم الفائز جرى أمس الثلاثاء، عن طريق بث اِلكتروني من الموقع الرسمي للجائزة، قرأ فيه رئيس اللجنة بيان التتويج، إذ اِرتأت هيئة الجائزة أن تلغي حفل توزيع الجوائز في أبو ظبي وتعوضه بإعلان اِسم الفائز اِلكترونيًا، وهذا نتيجة الأوضاع التي يشهدها العالم بسبب وباء كورونا.
وقد أعلن محسن جاسم الموسوي رئيس لجنة تحكيم الجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر»، عن طريق تقنية الفيديو، عن فوز رواية «الديوان الإسبرطي» للكاتب عبد الوهاب عيساوي بالدورة الثالثة عشر 2020. وقد اُختيرت الرواية من قِبل لجنة التحكيم باِعتبارها أفضل عمل روائي نُشر بين جويلية 2018 وجوان 2019.
الرواية الصادرة عن دار ميم، ترصد حيوات خمس شخصيات تتشابك في فضاء زمني ما بين عام 1815 إلى 1833، في مدينة المحروسة، الجزائر. أولها الصحفي ديبون الّذي جاء في ركاب الحملة على الجزائر كمراسل صحفي، وكافيار الّذي كان جنديًا في جيش نابليون ليجد نفسه أسيراً في الجزائر، ثم مخططا للحملة. ثلاث شخصيات جزائرية تتباين مواقفها من الوجود العثماني في الجزائر، وكما تختلف في طريقة التعامل مع الفرنسيين، يميل اِبن ميار إلى السياسة كوسيلة لبناء العلاقات مع بني عثمان، وحتّى الفرنسيين، بينما لحمّة السلّاوي وجهة نظر أخرى، الثورة هي الوسيلة الوحيدة للتغيير. أمّا الشخصية الخامسة فهي دوجة، المعلقة بين كلّ هؤلاء، تنظر إلى تحوّلات المحروسة ولكنّها لا تستطيع إلاّ أن تكون جزءا منها، مرغمة لأنّه من يعيش في المحروسة ليس عليه إلاّ أن يسير وفق شروطها أو عليه الرحيل.
وقال محسن الموسوي، عن الرواية في بيان الجائزة: «تتميز رواية الديوان الإسبرطي بجودة أسلوبية عالية وتعددية صوتية تتيح للقارئ أن يتمعن في تاريخ اِحتلال الجزائر روائياً ومن خلاله تاريخ صراعات منطقة المتوسط كاملة، كلّ ذلك برؤى متقاطعة ومصالح متباينة تجسدها الشخصيات الروائية، إنّ الرواية دعوة القارئ إلى فهم ملابسات الاِحتلال وكيف تتشكل المقاومة بأشكال مختلفة ومتنامية لمواجهته. هذه الرواية بنظامها السردي التاريخي العميق لا تسكن الماضي بل تجعل القارئ يطل على الراهن القائم ويُسائله».
و بدوره، قال ياسر سليمان، رئيس مجلس أمناء الجائزة العالمية للرواية العربية: «تسحرك رواية الديوان الإسبرطي باِستنهاضها للتاريخ بأبعاده السياسية و الاِجتماعية؛ لخدمة العمل الروائي الّذي يتجاوز هذا التاريخ برمزيته، وبتداخل رُؤى القص وأصواتها من وجهات نظر متقاطعة تدعو إلى التأمل والتفكر و المراجعة. وتتابع شخوصها الخمسة بمساراتها المتضاربة. وتسير في شوارع الجزائر المحروسة ومرسيليا وباريس وكأنّك تعاينها بنفسك في زمن مضى ولم تنقطع مآلاته. وتحتك بالتركي والأوروبي والعربي وغيرهم من الأقوام متعاطفًا وساخطًا في آن واحد. كلّ ذلك في اِنسياب روائي أخاذ، لا يدعك تترك الرواية حتّى تصل إلى نهايتها بشغف يطلب المزيد. لقد أبدع عبد الوهاب عيساوي في هذا كله، ويكفي هذا القارئ أنّه اِلتقى السلاوي و دوجة في ثنايا الديوان، ولهث في أثرهما في ثنايا تاريخ ينبض بالمعاني».
للإشارة، عبد الوهاب عيساوي روائي من مواليد 1985 بالجلفة، الجزائر. تخرج من جامعة زيّان عاشور، ولاية الجلفة، مهندس دولة إلكتروميكانيك ويعمل كمهندس صيانة. فازت روايته الأولى «سينما جاكوب» بالجائزة الأولى للرواية في مسابقة رئيس الجمهورية عام 2012، وفي العام 2015، حصل على جائزة آسيا جبار للرواية التي تعتبر أكبر جائزة للرواية في الجزائر، عن رواية «سييرا دي مويرتي»، أبطالها من الشيوعيين الإسبان الذين خسروا الحرب الأهلية وسيقوا إلى معتقلات في شمال إفريقيا. في العام 2016، شارك في «ندوة» الجائزة العالمية للرواية العربية (ورشة إبداع للكُتّاب الشباب الموهوبين). فازت روايته «الدوائر و الأبواب» بجائزة سعاد الصباح للرواية 2017. فاز بجائزة كتارا للرواية غير المنشورة 2017 عن عمله «سفر أعمال المنسيين».
نــــوّارة لحـــرش