- فواصل - مجلة ثقافية تراهن على الاِستمرارية
صدر هذا الأسبوع العدد التّجريبيّ من مجلة «فواصِل» عن مؤسسة الشعب العمومية. وهي مجلة ثقافية، جاءت في وقت صدرت فيه بعض المجلات الخاصة والرسمية، لكنّها توقفت في أعدادها الأولى إن لم نقل في أعدادها التجريبية، بسبب بعض العراقيل. وربّما بسبب غياب الإرادة والطموح وسياسة واضحة تُرافق مشروع أي مجلة. إذ ظلت الجزائر تفتقر إلى مجلات أدبية وثقافية بالمعنى الواسع للكلمة مُتخصصة تُعنى بالمشهد أو الشأن الثقافي والأدبي. فهل جاءت «فواصل» لتسد الفراغ الّذي نعاني منه في هذا المجال؟ وهل فكرة تأسيسها هي أيضا محاولة للتأسيس لتقاليد المجلات الثقافية في بلادنا؟ المجلة في عددها التّجريبي، 100/100 محتوياتها ثقافية وطنية، شملت دراسات ومقالات فكرية وأدبية متنوعة، وملفات وحوارت وشخصيات.
مصطفى هميسي: إصدار المجلة من صميم دور الإعلام العمومي
النصر اِتصلت بالمدير العام لجريدة الشعب، الأستاذ مصطفى هميسي، وسألته عن فكرة إنشاء وإصدار مجلة شهرية تهتم بشؤون الثقافة. فكان رده: «في الحقيقة مهندس الفكرة والإنجاز هو الصحفي والأديب الخير شوّار، أنا توليت فقط الأمور الإدارية، وأخذت قرار الموافقة على إطلاق هذا المشروع، وكما قلتُ في اِفتتاحية العدد التّجريبيّ، إنّ (فواصل)، الصادرة عن مؤسسة عمومية وإعلام عمومي، هي خطوة أولى في حاجة لما يدعمها، وهو ما سنواصل العمل على تجسيده». مؤكدا من جهة أخرى على ضرورة عودة الإعلام العمومي إلى دوره المنوط به، إذ لا بدّ لمثل هذه المجلات والخدمات العمومية أن تلبي تطلعات ومتطلبات القارئ. فهذه المبادرات بإمكانها أن تسد الفراغ الرهيب الّذي يملأ الساحة الإعلامية التي تعاني ومنذ مدة من غياب مجلات ثقافية متخصصة، للأسف غابت مجلة ثقافة واختفت، وغيرها من المبادرات القليلة. لهذا نسعى من أجل اِستمرارية فواصل وتميزها، وهذا رهاننا الأكبر».
الأستاذ هميسي، أضاف: «اليوم نعمل في مناخ مُعقد، مناخ متأثر بشدة من الرداءة، والتيه الإعلامي، والتيه السياسي، ولهذا نفكر في مؤسسة الشعب أن نتبنى أدوات إعلامية جديدة، لأنّ المُتلقي في حاجة إليها وإلى كلّ ما هو جديد ومفيد ومتنوع، وقد بادرنا من قبل في إصدار مجلة (التنمية المحلية)، ومجلة (الاِقتصادي)، إنّنا كمؤسسة عمومية نحاول تقديم الأفضل دائمًا، ودعم الصحافة المُتخصصة والإعلام المتخصص، لهذا جاءت مجلة الاِقتصادي، ومجلة التنمية المحلية، وهذه أوّل مُبادرة في الصحافة الجزائرية، إذ لم يسبق لأي مؤسسة أن أفردت للجماعات المحلية مجلة أو جريدة، واليوم جاءت (فواصل)، المُتخصصة في الشأن الثقافي، ونحن بصدّد التحضير لمجلة أخرى، سنعلن عنها لاحقا. حاليًا كلّ المجلات الصادرة عن مؤسسة الشعب شهرية، لكن نسعى في القريب لأنّ تتحوّل إلى مجلات نصف شهرية، إذا ما توفرت لنا الوسائل والإمكانيات». هميسي، قال في ذات السياق. «لدينا في مؤسسة الشعب إستراتيجية نسعى من خلالها للعمل أكثر من أجل تقديم خدمة عمومية ذات نوعية وتميز. واليوم في برنامجنا الاِشتغال أكثر على تنمية الإعلام الإلكتروني وضمان الحضور الدائم. خاصةً وأنّ الإعلام الإلكتروني ينتشر بسرعة وبدأ يقضي على المقروئية، والعادات القرائية تغيرت وأصبح الهاتف الأداة الأساسية للتواصل وحتّى للقراءة».
الخير شوّار: مغامرة جديدة في الشكل والمضمون هاجسها الاِستمرارية والاِنتظام في الصدور
من جهته تحدث رئيس تحرير المجلة الخير شوار، عن «فواصل»، وعن هذه المغامرة الجديدة في مساره الصحفي، قائلاً: «المغامرة في بدايتها، ولئن كانت تُمثل اِمتداداً لمسيرة طويلة من الأحلام والخيبات في الصحافة الجزائرية والأجنبية والملاحق الثقافية التي أجهضتها الأحداث والتحوّلات الاِقتصادية للصحافة الخاصة، فإنّ هذه التجربة الجديدة تبدو مختلفة، فمن جهة هي تنتمي إلى القطاع العام ومن جهة أخرى شكل المجلّة الّذي يبدو عودة إلى ماض في زمن تكاد تنقرض فيه المجلات والدوريات لصالح صحافة إلكترونية تعاني آلام مخاض عسير وتعاني مشكلات أهما التمويل ونقص (عدد النقرات). إنّها مغامرة جديدة في الشكل والمضمون، هاجسها الاِستمرارية والاِنتظام في الصدور، لأنّ أحد أبرز أمراض المجلات الجزائرية هي النهاية التي لا تبتعد كثيراً عن البدايات مع مشكلات التوزيع التي تحتاج إلى كلام آخر».
شوّار وفي رده على سؤال النصر عن فكرة اِنفتاح المجلة مستقبلا على الثقافة العربية بحمولاتها ومختلف حساسياتها واتجاهاتها الفكرية والأدبية والنقدية، خاصة وأنّ المجلة في عددها التّجريبيّ كانت بنكهة جزائرية خالصة؟ قال: «أردنا للاِنطلاقة أن تكون جزائرية من حيث الأسماء ومن حيث القضايا المطروحة، لأنّنا لسنا في جزيرة معزولة عن العالم، فمع الأعداد القادمة سننفتح على قضايا الثقافة والفكر في المنطقة المغاربية والعربية والعالمية قدر المستطاع، بدون إهمال الشأن الجزائري لأنّ القارئ الجزائري هو (القارئ المُفترض) كما يقول أهل النقد الأدبيّ».
وحول موضوع اِفتقار الجزائر إلى مجلات أدبية وثقافية بالمعنى الواسع للكلمة، مُتخصّصة تُعنى بالمشهد أو الشأن الثقافي والأدبي. وهل بإمكان «فواصل» أن تسد هذا الفراغ؟ وهل فكرة تأسيسها هي أيضا محاولة للتأسيس لتقاليد المجلات الثقافية؟ كان رد صاحب «حروف الضباب»: «عند بداية المغامرة وما قبلها، كنا ندرك أنّ الرهان صعب في مجال فشلت فيه كثير من التجارب التي حملت نوايا طيبة وكانت تُبشر بالكثير. التجربة تأتي في سياق تحاول فيه المؤسسة الأم (الشعب) مُواكبة التحوّلات التي يعرفها الإعلام في زمن الرقمية، بالاِستثمار في الصحافة الإلكترونية والصحافة المُتخصصة، وتُراهن على طرق غير تقليدية في التمويل والتوزيع من خلال اِتفاقيات مع مؤسسات عمومية كُبرى تُساهم بالاِشتراك وشراء أعداد مُعتبرة من النُسخ».
في الأخير خلُص شوّار، إلى القول «إنّها مغامرة تحاول أن ترسخ تجربة ثقافية جديدة، والعودة بشكلٍ جديد إلى زمن المجلات التي كانت تعرفها الجزائر في زمن مضى». نوّارة لحـــرش