بادر أعضاء المقهى الثقافي بالمسيلة، بالتنسيق مع بلدية بن سرور و الشبكة الوطنية للمقاهي الثقافية و المكتبات الشعبية مؤخرا، إلى تنظيم عمليات تطوعية بالموقع الأثري « العرائس»، لتنظيفه، و كذا إعداد بطاقة للتعريف بالموقع الأثري، مع تنظيم نشاطات ثقافية و تكريم أدباء المنطقة، بهذا الموقع الأثري الذي يحتوي على رسومات صخرية و كهوف و مغارات على مساحة تتراوح ما بين 600 إلى 800 متر، تعود إلى 500 و 800 سنة قبل الميلاد.
ويعود أصل تسمية الموقع الأثري « العرائس »، المسجل ضمن قائمة الجرد الإضافي لولاية المسيلة، إلى وجود حجارتين ضخمتين على شكل امرأتين كل واحدة جالسة قبالة الأخرى، وهي منطقة غنية بالرسومات على الصخور وكانت مزارا للعرائس في العهد الروماني،و لم تبق منها إلا خطوط مبهمة بعدما طالتها أيادي المنحرفين الذين يترددون على المنطقة و جعلوا من الموقع الأثري مكانا لممارسة الرذيلة وتناول الخمور وبالرسم و كتابة أسمائهم بها، وغيرها من الأفعال المشينة بسبب جهلهم لأهميتها، في ظل غياب أي رقابة من المصالح المعنية بحماية المواقع الأثرية ،على اعتبار أنها محمية قانونا تضمها الخريطة الثقافية لولاية المسيلة.
توجد بالمنطقة مواقع أثرية أخرى، بها صخور عملاقة تتربع على مساحة تزيد عن 6 هكتارات بأعالي عين بلميلود على الطريق المؤدي، إلى وادي عين الشعير، فهناك مدينة مدفونة بحاجة إلى من ينقب عليها و يكشف أسرارها الدفينة و آثارها الرومانية و بهذا تعد بلدية بن سرور من البلديات الهامة بالولاية، لاحتوائها على كنوز دفينة تحتاج إلى استغلال من المختصين، لتجعل بذلك من المنطقة، محجا للسياح و الباحثين في علم التاريخ و الآثار.
قال محمد بتقة، إطار سابق بمديرية الثقافة لولاية المسيلة و رئيس جمعية طمنة للفعل الثقافي، مهتم بكل ما يتعلق بالتراث الثقافي بمنطقة الحضنة، إن هناك مطالب منذ سنوات طويلة بضرورة حماية موقع العرائس و المواقع الأثرية بالمسيلة و التدخل لحمايتها من المخربين ومن استغلال آثارها من قبل أصحاب النوايا السيئة، على اعتبار أنها توجد في حالة من الإهمال شبه الكلي من المصالح المعنية بحمايتها قانونا، و هذا حال جميع المواقع الأثرية بالولاية.
و أوضح أن جل هذه المواقع التي تعود إلى حقب تاريخية مختلفة من عمر الإنسان، إلى بطاقات تقنية و تعريفية، رغم أنها لا تتطلب، كما أضاف المتحدث جهدا كبيرا، من أجل تمكين زوار المواقع المذكورة من التعرف على تاريخ وأهمية هذه الأماكن، سواء بالنسبة لسكان المنطقة أو البلديات المجاورة وحتى الأجانب، تشجيعا للفعل السياحي مستقبلا الذي يعد من أبرز تحديات الدولة الجزائرية لتشجيع السياحة وجعلها موردا هاما من الموارد التي تعتمد عليها في مضاعفة مداخيل البلاد.
في ذات السياق قام أعضاء المقهى الثقافي، بتنظيم زيارة إلى موقع العرائس و تطوعوا لتنظيفه و إعداد بطاقة تقنية تعريفية ثانية، بعد إتلاف الأولى، و كذا تنظيم نشاط ثقافي متنوع و تكريم أدباء من منطقة بن سرور.
و أعرب هؤلاء الأعضاء عن أسفهم للحالة المزرية التي وجدوا عليها الموقع بعدما نالت منه العوامل الطبيعية و يد الإنسان وأصبح وكرا للرذيلة، فالموقع يفتقد لسياج أو حراسة لحمايته من عمليات التخريب و التشويه، حيث توجد به كتابات غرامية تافهة لبعض الشباب.
جدير بالذكر أن اكتشاف هذا الموقع الذي يبعد عن بلدية محمد بوضياف وادي الشعير سابقا، على مسافة حوالي 10 كلم، غرب مدينة بن سرور، كان على يد الراهب المسيحي ر . بويتو، كما جاء في مجلة ليبكا الفرنسية في عددها ليوم 10 مارس 1976 ، و تحتوي على مجموعة كبيرة من الصخور المتوسطة الحجم، من مخلفات العصر الحجري الحديث الذي عرف الإنسان خلاله الاستقرار بتربيته للحيوانات، بدل ملاحقتها و صيدها، إلى جانب تعلمه عدة حرف، كالزراعة وغيرها، فساعدته على الاستقرار أكثر، ومن ثم راح يدون تاريخه وحضارته بالشرق المعروفة في ذلك العصر، كالنقش والرسم على الصخور ، لكنها بتعرضها لعوامل الطبيعة وطول الزمن، لم يبق منها إلا القليل المبهم.
فارس قريشي