صدر مؤخرا عن دار النشر «ألفا دوك» مؤلفا من ثلاثة فصول، يوثق للأولياء الصالحين والكرامات في الجزائر، و هو ثمرة عمل استغرق سنوات بين البحث الميداني و النظري، و تم الانتهاء منه في جوان 2019 بفضل عزيمة باحثين يطمحون لمواصلة المسار، إلى غاية إصدار موسوعة وطنية خاصة بالأولياء الصالحين ببلادنا.
الفصل الأول من كتاب «معجم الأولياء و الكرامات» خاص بالولاية التي يقع فيها ضريح الولي و المفاهيم المرتبطة به من الجانب السوسيولوجي و الديني، أما الفصل الثاني فيتعلق بالمخيال الشعبي حول ظاهرة الأولياء والأضرحة والكرامات، وكل ما يتعلق بهذا الشق، ليكون الفصل الثالث خاصا بالتوزيع الجغرافي للأولياء والأضرحة، مع مونوغرافيا شبه معمقة، عن كل ولاية من الولايات التي زارها الباحثون، و قد استغرق العمل أكثر من سنة، في مسيرة البحث عن دار نشر تطبع المؤلف، إلى غاية التعاقد مع دار «ألفا دوك».
وقال أحد الباحثين وهو الأستاذ إبراهيم بن عرفة في اتصال مع النصر، أن فريق البحث لم يجد دعما لا ماديا ولا تقنيا، لإنجاز العمل، و يتطلع رغم ذلك لإنجاز موسوعة يتم فيها تدوين تراث الجزائر في هذا المجال، مبرزا أن فكرة الموضوع انبثقت من رغبة المجموعة للمشاركة في أحد مشاريع البحث مع مركز»كراسك وهران» سنة 2016، لكنها لم تتمكن من ذلك لأسباب متعددة، خاصة و أن عناصر مجموعة البحث، يتعذر عليهم التواجد في مكان واحد لتباعد أماكن إقاماتهم، فمحدثنا الدكتور بن عرفة إبراهيم من تبسة و الدكتور شماخي إسماعيل من تيارت، أما الأستاذ مقدم مبروك، فهو من وهران.
بينما المشرف على العمل الأستاذ الدكتور معتوق جمال فمن البليدة، وعليه تأخر تجسيد العمل ونشره، إلى غاية الشهر الجاري.
وأضاف الأستاذ بن عرفة أن المجموعة قررت إنجاز المعجم، وفق برنامج مضبوط يسهل تحرك كل باحث في إقليم جغرافي معين، و كانت البداية بجمع المادة العلمية نظريا وتم ذلك في ظرف وجيز لم يتعدى 6 أشهر،ثم انطلق العمل الميداني، كل حسب الوجهة التي يزورها أو سبق له و أن زارها و دامت الرحلات والتنقلات سنتين خلال 2018 و 2019
و أشار المتحدث إلى أنه هو شخصيا زار 40 ولاية، وفق منهجية التوزيع الجغرافي «شمال، جنوب، شرق، غرب وسط»، لكن مثلما أوضح، فإن الفريق لم يتمكن من القيام بالبحث الميداني في بعض الولايات، بالنظر للأحكام المسبقة عن الأولياء الصالحين في بعض المناطق، و قال بهذا الخصوص« بعض الأشخاص عند سؤالهم عن هذا الموضوع، يشعروننا وكأننا ارتكبنا جرما كبيرا»، مضيفا أن موضوع الأولياء تراث ثقافي متجذر في بلادنا وفي المخيال الشعبي الجزائري ولا يمكن لأحد نفيه أو دحضه.
وعليه نبه الأستاذ بن عرفة، أنه نظرا لتلك التصرفات، فلا غرابة أن يكون العمل منقوصا من بعض الولايات، وكذا بعض الأولياء الذين لم يتمكن الباحثون من الوصول إليهم، خاصة وأنهم لم يجدوا أية جهة تدعمهم أو توجههم، و رغم ذلك فقد تم إنجاز«مونوغرافيا» كل ولاية، كتعريف بولايات الوطن العريقة و تميزها السوسيوـ ثقافي وكذا أصالتها التاريخية.
كما أبرز محدثنا أنه خلال إنجاز العمل، خاصة في شقه الميداني، وجد الباحثون تشابها لبعض الأولياء بين مختلف ربوع الوطن، و أحيانا تكرارا للبعض الآخر، مما جعلهم يعتمدون على المقارنة و المصادر والدراسات السابقة، وكذا على روايات الأشخاص في بعض الأحيان. للتذكير، الكتاب جاء في 440 صفحة، وهو من إعداد الدكتور بن عرفة إبراهيم تخصص أنثروبولوجيا من جامعة باتنة، والدكتور شماخي موسى إسماعيل تخصص أنثروبولوجيا من جامعة قسنطينة، و الدكتور مقدم مبروك تخصص علم اجتماع من جامعة وهران، والأستاذ المشرف الدكتور معتوق جمال تخصص علم اجتماع جامعة البليدة.
بن ودان خيرة
