كشف أمس المخرج المسرحي الهادي قيرة في ندوة صحفية، احتضنها المقهى الثقافي حليمة تواتي بدار الثقافة مالك حداد بقسنطينة، عن مولوده الفني الجديد «خيطانا» الذي يقدم اليوم الأحد، عرضه الشرفي، و يجمع بين الفن التشكيلي و التمثيل و الموسيقى والرقصات التعبيرية، و يخلو من الحوار، لينقل معاناة بطلها، و هو فنان داخل مصحة عقلية.
حسب ذات المصدر فإن عرض «خيطانا» هو عبارة عن تمثيلية موسيقية، تجسدها ثماني شخصيات بين ممثلين و موسيقيين، يحاول من خلالها المخرج، الخروج من النمطية المسرحية التي أصبحت، كما قال، سائدة في الإنتاجات الحديثة، و ذلك لكسر الروتين الممل و بعث روح جديدة في العروض، لصنع الفرجة و إمتاع الجمهور، الذي هجر دور العرض، موضحا بأنها محاولة جديدة بالنسبة إليه في مجال العروض الصامتة التي تعتمد على عدة فنون لإيصال رسالة حبكها من خلال السيناريو الذي ألفه.
أشار صاحب العمل إلى أن العرض مدته ساعة، و يرتكز على اللوحات الفنية و الرقصات التعبيرية، و كذا تعابير الوجه، و يجسد الكوميديا السوداء، المثقلة بالمضامين و الرسائل، الموجهة للجمهور، الذي سيتمكن من فهمها و فك شفرتها من خلال إسقاطها على أرض الواقع، مضيفا بأن العرض مئة بالمئة شبابي، يضم فنانين تمكنوا من وضع بصمتهم الفنية في مستهل مسيرتهم، من خلال أدوار مسرحية ناجحة، في مقدمتهم الممثلة ملاك عابد في دور «خيطانا»، و مؤدي الدور الرئيسي الممثل هشام حداد في دور «الفنان» الذي ترتكز عليه قصة العرض، و كذا الفنان كريم بزاز، المشرف على التركيب الموسيقي، و هو جزء محوري في العرض.
العرض يدور، حسب المخرج، في مصحة عقلية تطل على شارع يضم فنانين يطربون العابرين و القاطنين به، بمقطوعاتهم الموسيقية، فتتحول كمصدر إلهام لأحد المقيمين في المصحة، و هو فنان تلقي به الظروف الصحية داخل إحدى الغرف، فتتحول من معتقل مظلم إلى عالم جميل، تضيئه ألحان فناني الشارع، كما تعيد موسيقى الفلامينكو نبض الفن لقلبه، فبمجرد سماعه عزف الآلات الموسيقية، يحمل ريشته و يسافر عبر لوحته إلى عالمه الخاص، مجسدا شخصية «خيطانا» الغجرية، لاعتقاده أن عالم الغجر، عالم نقي خال من الشوائب و التعقيدات و الطابوهات التي يرى أنها أصفاد تعرقل صفو حياته، فهو العالم الذي يصلح بالنسبة إليه للعيش.
و يتحول مضمون اللوحة التي تحمل شخصية وهمية و هي «خيطانا الغجرية»، إلى شخصية واقعية تولد من رحم معاناة داخل المصحة، و يحاول الفنان السفر معها إلى عالمها الذي يعتقد بأنه جميل، غير أنه يصطدم بمطبات و بعالم لا يخلو من الشوائب و الأخطار، فيعيش صراعا فكريا و يدخل في رحلة بحث عن أشخاص لاحتوائه، و يغرق في دوامة تقوده إلى التفكير في الانتحار.
و أشار المخرج في ختام الندوة، بأنه و قبل مباشرة كتابة تفاصيل سيناريو العمل، قام بدراسة ميدانية دقيقة بمصحة جبل الوحش للأمراض العقلية بقسنطينة، لمعرفة طبيعة العلاقة التي تجمع الطاقم الطبي بالمرضى المقيمين، لوضع سيناريو دقيق، يتماشى مع واقع هذه الفضاءات الصحية.
للتذكير ، هذا العمل من إنتاج دار الثقافة مالك حداد بقسنطينة،و يقدم عرضه الشرفي مساء اليوم الأحد على الساعة الرابعة مساء بالدار، بمناسبة اليوم العالمي للمسرح.
أ بوقرن