اتشحت السهرة الختامية للطبعة التاسعة من المهرجان الثقافي الدولي للإنشاد بقسنطينة ليلة أول أمس الجمعة، بألوان العلمين الفلسطيني والجزائري، حيث نشطت الفنانة سناء موسى الفقرة الأخيرة على إيقاع الصلح التاريخي للفصائل الفلسطينية الذي احتضنته الجزائر، كما عبرت خلالها عن تأثير قيم ثورة التحرير في النضال الفلسطيني في سبيل التحرر من الاحتلال الصهيوني.
واستقبل جمهور الحفل الختامي للمهرجان الثقافي الدولي للإنشاد الفنانة الفلسطينية سناء موسى وفرقتها القسنطينية بالأهزوجة المأثورة التي تعبر بها جماهير الجزائريين عن دعمها الدائم للقضية الفلسطينية “فلسطين الشهداء”، حيث لم تستطع الفنانة كبح دموعها ومواراة تأثرها من هتافات الجمهور التي استمرت لبضع دقائق، قبل أن تؤكد أنها تشعر بعمق العلاقة بين الشعبين الجزائري والفلسطيني كلما استقبلها الجمهور بهذه الأهزوجة في الحفلات التي تحييها في الجزائر، معتبرة أنها “تشعر أن الوجع الفلسطيني يزول كلما سمعت هذا النشيد”. وتحدثت الفنانة عن تزامن حفلتها مع مصالحة الفصائل الفلسطينية التي تحققت بجهود الجزائر ورعايتها وتوجت بـ”إعلان الجزائر”، حيث قالت أنها تحققت “بجهد نقدره ونثمنه عاليا من الجزائريين ومن الجزائر ومن دولة الجزائر بصلح الإخوة في فلسطين”.
ووصفت الفنانة سناء موسى هذا الحدث الكبير بأنه “لمّ لجرح الفلسطينيين الذي نزف طويلا وعذبنا في فلسطين وفي كل العالم العربي”، بينما جددت شكرها للجزائر. ولم تتوقف الفنانة عن التعبير عن العلاقة الوطيدة بين الشعبين، حيث قالت إن الفلسطينيين يقتدون بالنموذج الجزائري، وأضافت “مهما كان الوضع صعبا بالنسبة لنا سنتذكر دائما نموذج الجزائر التي دفعت دما ثمينا بمليون ونصف المليون شهيد وفي مدة أطول مما عانينا حتى الآن... لذلك نحن نحافظ على الأمل في التحرر مثلما تحررت الجزائر وانتزعت حريتها... كذلك سننتزع حريتنا نحن أيضا”.
وقدمت الفنانة خلال فقرتها أغاني صوفية فلسطينية من تراث الزاويتين الرفاعية والنقشبندية، إلى جانب أغاني وطنية من التراث الفلسطيني الشعبي، حيث أوضحت أن الشعب الفلسطيني قد خصص عبر العصور رصيدا موسيقيا شعبيا لمختلف مناسبات الحياة الاجتماعية، مثل أغاني العقد التي يُحتفى من خلالها ببناء البيوت، وأغاني السامر والساحل والبداوة والكلكلة والزجل بكل أنواعه، مثل المربع والمخمس والمثمن والميجانا والعتابا والسبعاوية والمحوربة وغيرها من القوالب.
وأضافت الفنانة أن إحياء هذا التراث يصب في إبراز فكرة محورية، مفادها أن الشعب الفلسطيني الذي ينتج تراثا “بهذا التنوع هو شعب متجذر في أرضه، أرض كنعان، منذ آلاف السنين”. وقدمت سناء موسى أغنية “طلّت البارودة والسبع ما طل” وأغاني شعبية أخرى، بينما تميزت السهرة باحتفائها مع الجمهور الذي امتلأت به مقاعد المسرح بالثورة التحريرية من خلال استعادة نشيد “من جبالنا”، حيث أعادتها ثلاث مرات رفقة الجمهور الذي ردد جميع كلماتها معها، حتى أنهم وقفوا خلال الأداء، كما أبدوا تفاعلا كبيرا معها. وقد اختتمت سناء موسى التي أسدلت ستار الطبعة التاسعة من المهرجان الثقافي الدولي للإنشاد برفع العلمين الفلسطيني والجزائري عاليا على ركح مسرح محمد الطاهر فرقاني بقسنطينة.
وتخلّلت السهرة الختامية من المهرجان تكريمات لمختلف الأساتذة والشعراء الذين قدموا محاضرات وجلسات إلقاءٍ شعريّ طيلة أيّام المهرجان، على غرار الباحث والشاعر البروفيسور عبد الله حمّادي، فضلا عن المساهمين في تنظيم المهرجان، في حين نشطت الفقرةَ الأولى من السهرة الختامية فرقة “أصول” لولاية تيارت التي قدمت وصلات غنائية متنوعة، مزجت بين ألوان الأداء المشرقية والجزائرية، خصوصا الأغنية الأخيرة التي اتسمت بمسحة من موسيقى “التيندي” التي ولدت من أعماق الصحراء الجزائرية.
سامي حبّاطي