الخميس 21 نوفمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

في أول ملتقى حول الترجمة الإعلامية بجامعة قسنطينة 3 : باحثون يدعون لاحترام خصوصيات العربية في صياغة المصطلحات الجديدة


ناقش أمس، باحثون في الترجمة والإعلام وعلم الاجتماع الترجمة الإعلامية بجامعة صالح بوبنيدر بقسنطينة، إشكاليات ترجمة المصطلحات وتحكم الإيديولوجيا في العملية الترجمية وأثر اللغة الإعلامية في إحداث التغيرات الدلالية.
ونشط باحثون من جامعة صالح بوبنيدر وجامعات وطنية أخرى أول ملتقى تحتضنه كلية علوم الإعلام والاتصال والسمعي البصري حول "الترجمة الإعلامية في الجزائر"، حيث قسم إلى أربع جلسات قُدمت فيها ثلاثون مداخلة. وتطرق المتدخلون في الجلسة الأولى إلى عدة إشكاليات، على غرار "ترجمة المصطلحات السياسية في العمل الإعلامي" و"خصوصية النص وتأثيرات اللغة" في دراسة مسألة المترجم في مواجهة النص الصحفي، بالإضافة إلى "عوائق الترجمة الإعلامية باللغة العربية في العصر الرقمي"، حيث حضرنا جانبا من النقاش الذي أعقب المداخلات، حيث دار فيه جدل حول ترجمة الشعر العربي إلى اللغات الأخرى.
وذكر البروفيسور عبد الحميد بوشوشة الذي ترأس الجلسة أن الأيديولوجيا والعقائد من العوامل التي تتحكم في الترجمة الإعلامية بصورة خاصة، والكتابات الصحفية بصورة عامة، مشيرا إلى أن هذه العوامل تبقى مهيمنة حتى في وجود حرية للتعبير والصحافة. وأوضح البروفيسور في حديث مع النصر، أن الباحث والمترجم لا يمكنه أن يتجرد من العوامل المذكورة، مشيرا إلى أن سياسة الوسيلة الإعلامية تلعب دورا أيضا.
جدل حول استحالة ترجمة الشعر العربي للغات الأجنبية
وعلقت البروفيسور لمياء مسيلي، رئيسة الملتقى، على تدخل لطالبة الدكتوراه وئام صاحب من جامعة 22 أوت 1955 بسكيكدة حول استحالة ترجمة الشعر العربي، بالسؤال حول نسب القصور في ترجمة الشعر العربي إلى الترجمة في حد ذاتها؟ أم اللغة المترجم إليها؟ حيث اعتبرت أن الرأي الأكثر صوابا ينبغي أن يركز على نقص الجهود في اللغة من أجل تطويرها، مضيفة أن الترجمة مجرد آلية فقط ولا يمكن نسب القصور إليها.
وأوضحت الأستاذة مسيلي أن عدم احتواء اللغة العربية على ما يكفي من المكافئات لمصطلحات علمية يشير إلى أن متحدثي العربية لم يبذلوا ما يكفي من الجهد لتطويرها، مؤكدة أنها تختلف عن لغات أخرى. وقال الدكتور حسان حجاج إن الإنتاج الفكري المتعلق بالإعلام والاتصال في مدارس الولايات المتحدة، على غرار مدرسة شيكاغو، متعدد التخصصات، ولا يقتصر المشاركون به على تخصصات العلوم الإنسانية، مضيفا أن الخراج العلمي لأبحاثهم تكون من إنتاج جميع الباحثين، ما يجعل المصطلحات التي يقومون بنحتها تؤدي المعنى الوظيفي، وليس المعنى الأدبي أو العام، كما ضرب المثال بالثراء الذي اكتسبته اللغة الإنجليزية بفضل الترجمات التي قام بها الأمريكيون للتراث العلمي الألماني، بعد انهزام ألمانيا في الحرب العالمية الثانية، وقد راعوا فيها جانب الدراسة الوظيفية لمنتجات البحوث، ما جعلها لا تتميز بالاتصال التناقضي.
ونبه نفس المصدر أن عبارة "التغطية الإعلامية" المترجمة من اللغات الأجنبية، تعتبر خاطئة لغويا ودلاليا باللغة العربية، لأن العمل الإعلامي يستهدف الكشف وليس التغطية، مشيرا إلى أن علم اجتماع الاتصال هو من يستطيع تقديم الرؤى البحثية حول هذه الإشكاليات. من جهتها، أوضحت طالبة الدكتوراه وئام صاحب أن مداخلتها لا تقلل من شأن الترجمة، ولكنها اعتبرت أن للشعر خصوصيات مثل الجرس الموسيقي الخاص به والجانب الفني الذي يجعل أمر نقله في الترجمة صعبا، مدافعة عن استحالة ترجمة الشعر لأنها ستفقده الكثير من بعده الذوقي، كما شددت على أن نقل خصوصيات الشعر في اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية غير ممكنة، لكنها وافقت المتدخلين فيما ذهبوا إليه من عدم وجود إجماع حول ترجمة الكثير من المصطلحات.
وذهب متدخل آخر إلى أن مشكلة استحالة الترجمة تُطرح في نقل الشعر العربي القديم إلى لغات أخرى اليوم، لكنه اعتبر أن الأمر سيختلف عندما يتعلق بنقل الشعر المعاصر إلى لغات أجنبية، مضيفا أن أي نص من الماضي سيواجه مشكلة عدم تداول نفس المفاهيم التي أنتجته في الماضي، في العصر الحالي.
لغة الإعلام الجزائرية تستنسخ صيغ لغات أجنبية
وعرفت الجلسة الثالثة من الملتقى مداخلات ونقاشات حول التغيرات الدلالية للمصطلحات في الإعلام الجزائري، حيث قدمت الأستاذة خالصة غومازي من جامعة محمد لمين دباغين بسطيف مداخلة بعنوان "الترجمة الإعلامية: نعمة على اللغات أم نقمة؟"، وأكدت لنا على هامشها أن الترجمة الإعلامية في الجزائر تنعكس في جوانب إيجابية عندما يحترم فيها المعنى المستحدث عبقرية اللغة التي يستخدم فيها ومنطقها، مؤكدة أن المفترض في استحداث المعنى الجديد هو ضمان المقبولية لدى المتلقي. وقدمت محدثتنا مثالا عن عبارة "إرهاب الطرقات" الجزائرية الأصل، والمأخوذة من سياق جزائري بحت، لكنها صارت معتمدة من وسائل إعلام عربية أخرى، لكنها غير مترجمة إلى اللغة الفرنسية بشكل حرفي في وسائل إعلام ناطقة بالفرنسية عبر العالم، باستثناء بعض الوسائل الإعلامية الجزائرية الناطقة بالفرنسية التي وظفتها حرفيا بعبارة le terrorisme routier، مثلما قالت الباحثة.
ودافعت محدثتنا على ضرورة إنجاز قاموس جزائري يوضح تطور الدلالات الجديدة التي تكتسبها المصطلحات، في حين اعتبرت أن الإشكال في الجزائر يكمن في إهمال الترجمة والمترجمين، نافية أن يكون أي ثنائيّ لغة مترجما، كما شددت على ضرورة تشكل وعي ترجمي لدى الصحفي أو المترجم الذي يؤدي عملية الترجمة، لكنها أشارت إلى أنه لا يوجد في الوقت الحالي ما يؤكد إن كانت وسائل الإعلام والجرائد تعتمد على مترجمين. وأكدت نفس المصدر أن اللغة العربية تأثرت سلبا بسبب لغة الصحافة، التي أهملت الكثير من صيغ اللغة العربية، مثل "المفعول المطلق"، وعوضته بعبارات "بصورة" و"بشكل" و"بطريقة"، وهي صيغ مترجمة حرفيا من اللغات الأجنبية.
وناقش متدخلون، عقب مداخلة الأستاذة غومازي، مسألة التطور الدلالي للمصطلحات، حيث أعاب الأستاذ عثمان بحري من جامعة صالح بوبنيدر عدم الاستعانة بمختصين من أجل نحت المصطلحات والعبارات الجديدة التي تصف ظواهر أو مفاهيم من لغة الإدارة والواقع، بينما ذهب متدخل إلى ضرورة التنبه إلى أن التطور الدلالي يسبق الدراسات الأكاديمية التي تحصره في إطاره المفهومي، مؤكدا على ضرورة قيام الباحثين بدراسات لتوصيف التغيرات الدلالية نظريا وتوضيحها، لتوفير أرضية مفهومية لبناء جهود نحت المصطلحات الجديدة بما يتوافق مع اللغة. وقد قدمت الأستاذة غومازي في مداخلتها مثالا عن عبارة "طواف الجزائر" الذي يوظف مفردة "طواف" التي تعني الدوران وتحمل الدلالة الدينية، دون أي دلالة عن السباق، ناهيك عن أن الدراجات الهوائية لا تدور في سباقها.
أما طالبة الدكتوراه جيهان بن مرابط من جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية، فقد قدمت مداخلة بعنوان "واقع ممارسة الصحفيين الجزائريين للترجمة الإعلامية"، حيث أنجزت فيها دراسة ميدانية على عينة من صحفيي جريدة النصر، وخلصت في نتائجها إلى أن الصحفي في جريدة النصر هو المسؤول الوحيد عن ترجمة المضامين الصحفية التي يتلقاها من مختلف المصادر الأجنبية، فضلا عن قيامه بترجمة بعض المقالات الصحفية الأجنبية ومقالات محللين أجانب، كما أبرزت أن الصحفيين يقومون بترجمة مضامين باللغة الفرنسية والإنجليزية، فضلا عن أنهم يقومون بإعادة تحرير المضمون المترجم وفق قواعد وفنيات التحرير الصحفي، مع استبدال الكلمات الصعبة أو العلمية والسعي إلى تبسيطها إلى كلمات مفهومة باللغة الإعلامية.
وقد عرف الملتقى تقديم مداخلات باللغة الإنجليزية، على غرار الجلسة الثانية التي قدمت فيها الأستاذة سارة بولحية مداخلة حول الهوية الثقافية في الأفلام الجزائرية الناطقة بالدارجة في الترجمة السمعية البصرية، في حين خصصت الجلسة الرابعة للمداخلات بتقنية التحاضر المرئي عن طريق "غوغل ميت"، وقد شارك فيها أساتذة من عدة جامعات، على غرار الدكتور محمد ياسين يومبعي من جامعة الوادي، حيث قدم مداخل حول "تجلي نظرية "سكوبوس" في ترجمة الحدث الإعلامي".
سامي .ح

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com