الحركة الأدبية الجزائرية غير مسيّسة و الشعر يتوهج بالالتزام
شاعر يؤمن في جميع حالاته الشعرية بقداسة الكلمة، و يسعى إلى تجويدها بلا تصنع، بل بتحسس مواضع الجمال و ترصد حالات التوهج عند الناس، لذا تكون مصادفة اللفظ حينئذٍ هي الأبلغ، ومشافهة الإبداع هي الأوثق، يسير بمنهج يبلغ مداخل الوجدان الجزائري بكل تجلياته ،هو منهج:”ما يخرج من القلب يدخل إلى القلب دون تأشيرة”، الشعر عنده محاولة لإرساء قيم الحب والجمال في الناس، لإيمانه أن الشعر يؤخذ منهم ويجب أن يرد إليهم، إنه الشاعر الجزائري ابن مدينة تبسة علي مناصرية الذي يفتح قلبه للنصر في هذا الحوار و يجيب فيه عن الكثير من القضايا
النصر : ما الّذي يَدعو علي مناصرية إلى كتابة الشعر؟
علي مناصرية : تدعوني القضايا الكبرى للأمة ويدعوني جمال الكون وآيات الله الحسية فيه للبوح بقصائد تكتبني لا أكتبها ،مستهدية بمعالم تكتنف مخيالي الشعري وإحساسي المرهف ، فأقول ما يثير الدهشة في المتلقي بصور متجددة ..وهاجة.. نبيلة سامقة بالشريف من القول مترفعة عن سففه .
هل تفكّر بتأثير كتابتك في القارئ أثناء الكتابة؟
أنا متأكد من تأثيرها في المتلقي إلى حد السحر لصدق أحاسيسي وثراء لغتي وسحر بياني! والكلام الصادق ينطلق من القلب ليصل إلى القلب!!
عرف علي مناصرية منذ عقود مِنَ الزّمنِ، مُستترا وراءَ «سحر الكلمات» في قوقعةٍ، سرعانَ ما انطلق منها ، فكيفَ كان ذلك؟
ـ لم أكن متقوقعا كما تقول أو تعتقد ! بل كنت أتحفظ في أكثر الأحايين على نشر قصائدي في الصحف المتداولة عندنا ،لذلك فاعتقادك مبرر باعتبارك صحافي و مهتم بما ينشر في الصحف أكثر من اهتمامك بالقنوات الأخرى ، وإن كنت قد نشرت بعضا من أعمالي على يومية النصر في1980 والنبأ والعقيدة والقلاع في التسعينيات ،وأذيع بعضها في مغرب الشعوب في1982 ،ولسنوات من ثمانينيات القرن الماضي ،وفي حصة متلفزة في التسعينيات كان يخرجها المخرج البارع محمد حازرلي،ومنذ التسعينيات وأنا أشارك في الملتقيات الوطنية والدولية وأقيم الأماسي الشعرية عبر دور الثقافة بالوطن، إضافة إلى اللقاءات الإذاعية المتعددة بتبسة وسوق أهراس وعنابة وقالمة وتيارت وخنشلة وبسكرة.
. ما هي القضايا الّتي يحاول علي مناصرية مُعالجتَها في كتاباتِه دونَ سِواها؟
ـ قضايا الأمة الكبرى متمثلة في ثوابتها من دين ولغة وتاريخ وقيم حضارية إضافة إلى قضايا المرأة والمجتمع.
. هل يجبُ أنْ يَكونَ الأدبُ هادِفا ومُلتزما، أم أنَّ الالتزامَ يُفقِدُ الأدبَ الفنّيَّةَ والإبداعَ؟
ـ بل الالتزام هو ما يزيده توهجا وإبداعا إذا كنا نفهم من الالتزام احترام قيم الأمة والمجتمع في كتاباتنا !
. كيف ينظر الشاعر مناصرية للحركة الأدبية في الجزائر مقارنة بالدول العربية ؟
ـ الحركة الأدبية أفضل بكثير مما هي عليه أغلب الدول العربية لأنها غير مسيسة! ولاتجاه أغلبية المبدعين إلى الكتابة في القصيدة الفراهيدية ، رغم تهميشها إعلاميا ضمن مخطط يهدف إلى تدمير كل ما هو أصيل وجاد ، تقف وراءه دوائر معروفة بولائها للاستدمار ؟! وهي للأسف المسيطرة على أغلب وسائل الأعلام عندنا بمختلف قنواته الخفيفة والثقيلة ، مما يدفع للإبداع أكثر لاتسام عقلية الجزائري بالتحدي الذي صنع ويصنع المعجزات.
من من الشعراء الجزائريين والعرب تأثرت بهم وتقرأ لهم ؟ ولماذا ؟
من العرب متأثر بالمتنبي وأقرأ له على الدوام ،وللبحتري، وأبي تمام، وللأخطل الصغير ، وشوقي ، ونزار قباني ، وعبد الله الباردوني ، وأحمد مطر ، ودرويش ، ولعبد الحميد بريك ، وأبي القاسم الثليجاني من تونس ، ومحمد شنوف من المغرب ، وليحيى السماوي من العراق وآخرين لا أذكرهم الآن؟ وأقرأ للجزائريين: عثمان لوصيف ،وبوزيد حرزالله ، و عز الدين ميهوبي، وإبراهيم صديقي ، وصلاح طبة ،وأحمد سعود يونس ،وعيسى لحيلح ،ومصطفى محمد الغماري ،والزبير دردوخ ، وجمال رميلي ، ويوسف بلغيت ألباز ، وعبد الرحمن بوزربة ،وصالح سويعد ، ونور الدين درويش ، وعبد الله حمادي ،ومحمد شايطة ، ومعمر بالراحلة ، والسعيد المثردي ، ولزهر عجيري ،و عبد الكريم العيداني ، والدكتور عبايسة ،والصديق بوغورة، ولحسن أبي مهدي الواحدي ، ومحمد لوكال ببوش ،وكلهم من جيلي كما اقرأ لبعض الشباب من أمثال عبد الحليم مخالفة ،وعبد اللطيف علافي ، وطارق خلف الله،وآخرين لا أذكرهم.
لمن يكتب الشاعر مناصرية؟
أكتب للقضايا الكبرى في الوطنين العربي والإسلامي عامة ، وفي للجزائر خاصة وللمرأة والمجتمع.
ما مفهومك للتجديد من جهة وللحداثة من جهة أخرى؟
الحداثة عندي أن أتشبث بجذوري ولا أحيد عنها ،وأن ألتزم الثوابت ممثلة في ضوابط الكتابة مجددا على مستوى الصورة واللفظة المعبرة عن العصر الذي أعيشه، فتراث عظمائنا العلمي الذي أنجز على مدار ألف وخمسمائة عاما كفيل بإغنائنا عن تسول غيرنا واستجدائه، والتفريط فيه عقوق وانعدام مروءة ونكران للجميل!.
ماجديد الشاعر مناصرية ؟
مجموعات شعرية أعتزم جمعها وطبعها منها قصائد مشفرة ، والشرق أنت والمحرقة واحد، وإعادة طبع ديواني: حنين إلى الزمن الأخضر ، وصلوات في محراب عقبة ،بعد مراجعة لما اكتنفهما من أخطاء كثيرة ومتعددة ارتكبت أثناء الكتابة على الحاسوب ودراسات نقدية بعنوان المحرقة.
كيف كانت مشاركتك مؤخرا في الملتقى العربي بالمنستير التونسية ؟ ولماذا انسحبت من المسابقة بعد مشاركتك فيها ؟
شاركت بقوة ومثلت بلدي أحسن تمثيل بثلاثية أثنى عليها الجميع : صلوات في محراب عقبة ،والشرق أنت ،وصورتي ، أما انسحابي من المسابقة فكان بدافع تشجيع الشباب المقبل على القصيدة العمودية الذين شاركوا بكثرة في المسابقة فرأيت أن فسح المجال لهم ،وتمكينهم من الفوز بجوائزها سيدفعهم ويحفزهم أكثر على التشبث بالقصيدة العمودية والإيداع فيها وهو أهم هدف من أهداف الملتقى العربي للشعر العمودي ،وبالتالي تفويت الفرصة على من يتربص بهم لجرهم إلى الهجين الذي يسمونه القصيدة النثرية.
كلمة أخيرة
أشكر جريدة النصر الغراء التي كانت أول جريدة انتصرت للعربية ورجعت إلى أصلها ،بعد أن كانت مفرنسة والرجوع إلى الأصل فضيلة والسلام عليكم ورحمة الله.
حاوره: ع.نصيب