من الضروري أن يتولى جزائريون ترجمة أدب آسيا جبار
أكد كتاب وأساتذة مختصون في مجال الأدب والترجمة وعلم الاجتماع وكذا السينما, أمس السبت بالجزائر العاصمة, أن السيرة الأدبية للكاتبة الجزائرية الراحلة آسيا جبار هي بمثابة بوابة مفتوحة على البعد الإنساني والفني والفكري للشخصية الجزائرية وأنها قلم بارع متعدد الاختصاصات والهوايات عبّر عن مواضيع هامة.
وخلال ندوة نظمتها المؤسسة الوطنية للاتصال والنشر والإشهار, تكريما للروائية فاطمة الزهراء إملحاين المعروفة بالاسم الأدبي آسيا جبار (1936-2015), قالت السيدة فاطمة الزهراء مبطوش نجاي, مختصة في اللسانيات الاجتماعية وأستاذة في مدرسة الفنون الجميلة بالعاصمة, أن جبار «كانت لها الشجاعة لإبراز قيمة الإنسان في كل حالاته, وذلك عبر منح الرجال والنساء معا اللغة التي تليق بهم والخطاب الأنسب لهم ليظهروا تفوقهم في الحياة ويثبتوا آثارهم فيها».
وقدمت نجاي نماذج ومن خلال بعض نصوص آسيا جبار مثل رواية «العطش» (1957) و»القبرات الساذجات» (1967) و»لا مكان لي في بيت أبي» (2007), عن الشخصيات النسائية التي روت الفقيدة جبار بعضا من حياتهن وكيف أظهرن قوة وقدرة على المقاومة خلال الثورة التحريرية وبعدها.
وتحدثت الأستاذة نجاي عن قدرة جبار في استشراف المستقبل وكيف عبرت عن مفهومها للدولة من خلال الأفراد الذين التفوا متحمسين حول ثورة التحرير وانتفضوا ضد الاستعمار الفرنسي.
ويرى المختص في اللسانيات ورئيس لجنة تحكيم النسخة السادسة من «الجائزة الكبرى آسيا جبار للرواية», عبد الحميد بورايو, في هذا الباب أيضا, أن أدب جبار «عبر عن جوانب من الحياة الخاصة ككاتبة ومفكرة وعن حياة مجتمعها وقضيته مع الآخر بحيث طرحت موضوعات هامة يمكن أن تكون محل نقاش واسع».
ونجد في أعمال الراحلة, وفق المتحدث, الحس الذاتي بحيث تظهر المكبوتات الجماعية والجانب النفسي ومراحل التحول من مجتمع ريفي إلى مجتمع قروي ثم إلى مجتمع المدينة, وأشار في الصدد, إلى أن جبار «عبرت عن معاناة الإنسان التواق إلى الانعتاق».
هذه الكاتبة التي نالت عدة تشريفات وجوائز ورشحت لجائزة نوبل في 2009, تجاوزت, في نظر بورايو, «النمطية المعتادة في الانتاجات الفنية, ذلك أنها أثارت أسئلة مهمة تحتاج إلى تأمل لأنها لم تقدم أجوبة جاهزة».
من جهته أثار الكاتب الصحفي محمد بلحي, إشكالية ترجمة الرواية الجزائرية المكتوبة باللغة الفرنسية إلى اللغة العربية, بما فيها روايات آسيا جبار التي تستحق -يقول- أن يشرف على ترجمتها جزائريون لأنهم يفهمون الدلالات اللغوية التي يستعملها كتابنا خاصة تلك المستوحاة من الدارجة الجزائرية والتي لا يمكن فهمها إلا في سياقها الاجتماعي والتاريخي.
أما أحمد بجاوي, أكاديمي منتج وناقد سينمائي, فسلط الضوء على تجربة آسيا جبار السينمائية من خلال أفلامها «نوبة نساء جبل شنوة» (1977) و «الزردة وأغاني النسيان» (1978), مضيفا أنها كانت «عاشقة للسينما ومن أشد المهتمين والمعجبين بفلسفة وإحساس الأدبيين والسينمائيين والفنانين إنغمار برغمان وبيير باولو بازوليني وتأثرت بقدرتهما على جعل الرواية مساحة للتصوير السينمائي والمسرحي». لهذا كان اكتشافها للسينما «حافلا بالصور والخيال», يردف بجاوي, وقد تزودت بمعارفها في حياتها الخاصة وثقافتها المحلية ورغبتها في سرد جزء من الذاكرة الجماعية بلغة جديدة مطعمة بحسها الفني المرهف ومعرفتها لأصول الموسيقى الأندلسية. كذلك قالت الأستاذة نجاة خدة, إن آسيا جبار كانت تملك ثقافة تشكيلية واسعة وقدرة على الغوص في تفاصيل مثيرة مثلما فعلت في مجموعتها القصصية «نساء الجزائر في شققهن» (1980) حيث اقترحت حوارا بين الصورة والنص انطلاقا من لوحة دولاكروا المشهورة.
وأج