قال الدكتور عبد الله حمادي، في محاضرة قدمها أول أمس، بالمكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية مصطفى نطور، في إطار فعاليات مهرجان المالوف الدولي بقسنطينة، بأن اصطلاح كلمة شيخ على مؤدي الفن القسنطيني و المغنيين عموما بدعة و خطأ وجب تصحيحه، مؤكدا بأن المصطلح يطلق على العلماء و الفقهاء و رجال الدين، كما قدم المعايير التي يتم على أساسها تحديد صفة الفنان.
قدم حمادي محاضرة في إطار فعاليات المهرجان الدولي لموسيقى المالوف، وجاءت بعنوان « نظرية الموسيقى الأندلسية عند التيفاشي السوق أهراسي من خلال كتابه «متعة الإسماع في علم السماع»، و تحدث عن بعض قصائد أبو العباس التيفاشي و فصل في سيرته الذاتية، مركزا على نزوعه الأدبي قائلا، بأنه ينتمي إلى عائلة أدبية علمية أبا عن جد، حيث كان والده من كبار علماء المعادن و الجواهر، و هو تخصص نادر جدا آنذاك، لذلك كان مقربا من الملوك و السلاطين و الأمراء في المشرق و المغرب.
و أردف المتحدث، بأن ما استخلصه من مضمون كتاب التيفاشي «متعة الإسماع في علم السماع»، هو أن الرجل لم يكن موسيقيا محترفا و إنما كان واسع الإطلاع على الطبوع الموسيقية المتداولة في عصره في القرن السابع هجري 13 ميلادي، كما أنه يفصل بين مولده و وفاة زرياب بقرطبة 327 سنة، و هذا يدل على أن التيفاشي جاء بعد زرياب، و أن الموسيقى من زمن هذا الأخير إلى اليتفاشي عرفت تطورا و تغيرا كبيرين، لذلك شهادة صاحب الكتاب بخصوص الموسيقى الأندلسية لا تجعلنا نقف حسبه، عند منجزات زرياب فقط و إنما تتعدى ذلك إلى معرفة دلالات عن تاريخ الموسيقى الأندلسية بعد أربعة قرون من موت زرياب، لذلك تعتبر مهمة جدا لفهم تطور الموسيقى العربية الإسلامية، التي لا نجد كتابا في تاريخ الأندلس يتعرض إليها و يبرز الطفرة التي حدثت فيها بعد زرياب.
و أشار الأستاذ المحاضر، إلى أن الكتاب تضمن 47 بابا، تتطرق للأوتار و العود بالتفصيل، كما تتحدث عن الهيئة التي يجب أن يكون عليها الفنان لما يعتلي المنصة و يغني، إذ يضع جملة من الشروط المتعلقة باللباس و كيفية استخدام تعابير و إيماءات الوجه، كما تطرق لما يجب أن يستهل به المغني كلامه عند أول جلوسه للغناء و ضبط صنعة التلاحين و غيرها، و في هذا الصدد انتقد المتحدث استخدام كلمة شيخ لوصف فنانين، مستدلا بما جاء في التراث العربي الإسلامي للموسيقى، حيث لا نجد حسبه، المغني يلقب بالشيخ إطلاقا، و قال بأنها بدعة جديدة في غير محلها، و الصفة مرتبطة في الأصل بالجانب العلمي و الديني و الفقهي، إلا أنها أصبحت منتشرة محليا و في إفريقيا الشمالية عموما للدلالة على بعض الفنانين و هي غير معروفة في التراث الأندلسي.
وأوضح، بأن أول من تسمى في التراث العربي الإسلامي بالشيخ، هما عمر بن الخطاب و أبو بكر الصديق، و في الحضارة العربية الإسلامية مصطلح الشيخ يطلق على العالم.
و يضع مؤلف الكتاب، حسب حمادي، قواعد يصنف على أساسها مستوى الغناء، هي أن يمتلك المؤدي صوتا جميلا متميزا و أن يكون ملحنا متمكنا يتمتع بجودة الشعر، مؤكدا بأنها عناصر ترتكز عليها الأغاني الجيدة، و يتم على أساسها اصطلاح كلمة فنانين على من يغنون.
أسماء بوقرن