مذكرات محمد قديد تقدم الشهادة الوحيدة عن نشاط و تنقلات ديدوش مراد
قدم مساء أمس الأول، الكاتبان علاوة عمارة ورياض شروانة، كتاب «مذكرات المجاهد الراحل محمد قديد»، عضو القيادة الأولى لمنطقة الشمال القسنطيني، في جلسة ثقافية احتضنتها المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية مصطفى نطور، بمناسبة إحياء الذكرى 69 لاستشهاد القائد ديدوش مراد، كما قاما في الختام ببيع بالتوقيع لإصدارهما.
احتضنت المكتبة العمومية، في إطار نشاطات منتدى الكتاب للعدد العاشر، جلسة ثقافية تناولت مذكرات المجاهد محمد قديد، والتي تعتبر بحسب الباحثين من أهم الشهادات المباشرة عن تحضيرات وتفجير الثورة في الشمال القسنطيني، الولاية الثانية، بل يمكن القول بأنها، حسب ما أفاد به الكاتبان، الوحيدة من حيث الدقة والتفاصيل باعتبار صاحبها عضو أول قيادة للمنطقة في عهد مسؤولها مراد ديدوش المدعو آنداك باسم «سي عبد القادر، وسي مسعود» أول مسؤول للنظام الثوري بقسمة - ناحية الحروش.
كما أن هذه المذكرات، يضيف الأستاذان، تقدم الشهادة الوحيدة عن النشاط الثوري وعن تنقلات مراد ديدوش في الشمال القسنطيني بعد اندلاع الثورة بحكم مرافقة صاحبها له إلى غاية 25 ديسمبر 1954، وبالتالي فهي توفر شهادة في غاية الأهمية عن بدايات الثورة وما سبقها، كما تقدم معلومات هامة جدا عن النشاط الحزبي الطلابي في مدينة قسنطينة في نهاية الأربعينيات وبداية الخمسينيات، وأيضا عن أوضاع المساجين الجزائريين خلال الثورة، ومعلومات مفصلة ودقيقة جدا عن جيش التحرير الوطني والمجالس الشعبية والعمليات الفدائية والهجمات العسكرية في مدينة سكيكدة ونواحيها، خلال السنوات الأخيرة للثورة.
وأوضح الكاتب رياض شروانة، بأن مذكرات المجاهد الراحل محمد قديد، مزدوجة في مضمونها لاحتوائها على مسار الشهيد ديدوش مراد خاصة، وأنه كان مرافقا له أثناء الثورة التحريرية بداية من تفجيرها وصولا إلى إقناع الشعب بالانضمام إليها، مؤكدا، بأن المذكرات كتبها المجاهد قديد بنفسه، ولم يستعن بوسيط لكتابتها عكس ما كان يفعله مجاهدون آخرون، وذلك بفضل تكوينه بالكتانية، الذي أهله لكتابة مذكراته بخط يديه تجنبا للأخطاء التي قد يقع فيها الوسيط.
وقال الدكتور شروانة، بأن المجاهد محمد قديد انتقل في كتابة مذكراته من شاهد إلى راوي، سرد تفاصيل مهمة حدثت وقت الثروة وبمصداقية، تتطابق مع الوثائق التي تم جمعها عند تصفحهما للأرشيف الفرنسي، ومع شهادات من الدرجة الأولى للمسؤولين في الحركة الوطنية بقسمات السمندو والخروب وقسنطينة في حزب الشعب الجزائري « حركة انتصار الحريات الديمقراطية».
ووصف رياض شروانة، المجاهد محمد قديد، بالصادق الصدوق فيما يقوله، بدليل صحة شهادته التي يسردها لهم بكل موضوعية، مؤكدا بأن علاقته بالمجاهد تعود إلى سنوات اشتغالهم على تاريخ الحركة الوطنية والثورة التحريرية في ناحية السمندو التاريخية، وتحديدا أثناء إنجاز علاوة عمار لدراستين عن الشهداء القادة محمد الصالح ميهوبي المعروف ببلميهوب وعمار بوضرسة وعلاوة بوضرسة.
حفيدته نفّذت وصيته ونشرت مذكراته
وأضاف المتحدث، أن المجاهد قبل وفاته سنة 2021، بسبب مضاعفات كورونا، ترك وصية لعائلته من أجل نشر مذكراته التي تركها مركونة بعدما سهر كثيرا على تحريرها ومراجعتها، وهي العملية التي لعبت فيها حفيدته الدور الأساسي في مراجعتها وتنظيمها قبل تسليمها لهما، مضيفا بأنه وبناء على طلبه تم الاتفاق مع عائلته على تنفيذ وصيته مع زميله علاوة عمارة، على نشرها بعد مراجعة وتدقيق النص المركون خصوصا من حيث ضبط كتابة أسماء الأعلام والأماكن وتصحيح الهفوات المطبعية، متابعا بالقول « هي الأمانة التي حملناها بكل فخر وسرور نظرا للعلاقة الخاصة التي جمعتنا به كما تشهد على ذلك عائلته».
من جهته قال الدكتور علاوة عمارة، بأن علاقة صداقة وطيدة جمعته بالمجاهد محمد قديد، بحيث أفاده كثيرا في دراسته، مشيرا إلى صدقه وموضوعيته في سرد الأحداث التاريخية، مؤكدا بأن المجاهد كان يتحداه بالرجوع إلى الوثائق والمصادر الأخرى، من أجل التأكد من صحة ما يقوله.
ويتوفر الكتاب بحسب المتحدث على 14 فصلا، فمن الناحية الزمنية تم تناول الأحداث التاريخية بدءا من الحرب العالمية الثانية وصولا إلى عام 1962، أما من جهة الإطار المكاني فتم تسليط الضوء على العديد من المناطق.
وبحسب المتحدث، ففي الفصل الأول تم التطرق إلى مولد ونشأة المجاهد، سنوات طفولته، الالتحاق بالكتاب القرآني، بوادر الحرب والتعبئة لها، تطوراتها وبروز الأحزاب، المشاركة في احتفال عيد النصر يوم 8 ماي 1954، حزب الشعب إثر انهيار تجمع أحباب البيان والحرية، وكذا إكمال حفظ القرآن.
أما في الفصل الثاني، الموسوم بالدراسة والممارسة النضالية، ففيه تم التطرق إلى الالتحاق بالمعاهد العلمية والنضال في حزب الشعب، الانخراط فيه، حزب الشعب يقاطع الانتخابات ثم يشارك فيها، الممارسة النضالية وتطورها، نشاط الطلبة في العطل الصيفية، حادثة تبسة، سفر الطلبة إلى مصر، انتخابات المجلس الجزائري، اهتمام مناضلي الحزب بأحداث المغرب وتونس، العودة إلى القسمات، زيارة مصالي إلى الشرق الجزائري، انعقاد المؤتمر الثاني لحزب الشعب، امتحان الشهادة الأهلية.
وفي الفصل الثالث، تم عرض التنظيم الهيكلي لحزب الشعب والتحاقه بقسمة الحروش، روى خلاله المجاهد معلومات في غاية الأهمية عن اتصال يوسف زيغود المتابع أمنيا في إطار المنظمة الخاصة وفراره من سجن عناية في 1953، عبر وساطة صهره عمار بوضرسة، وهذا لطلب مساعدة قسمة الحروش في التكفل بالمناضلين المطاردين.
لينة دلول