ودعت مدينة قسنطينة، نهار أمس، المرحوم سليم مزهود، آخر شيوخ الطريقة العيساوية، الذي رحل عن عمر ناهز 84 سنة وشيع في موكب مهيب انطلاقا من بيته في باب القنطرة نحو المقبرة المركزية وسط المدينة بحضور مريدي وفناني الطريقة والوسط الفني بكل أطيافه.
يعتبر الراحل من رجال الفن في المدينة، وأحد أبرز الشيوخ وأعمدة الطريقة العيساوية، وهو ابن حي السويقة العتيق، تربى وترعرع في زنقة الزلايقة، في دار الصباغ أو البياض، ودرس على يد والده الذي كان معلم القرآن بالزاوية التيجانية السفلى، وقد ورث عنه مخطوطات يتجاوز عمرها القرون، مدونة باليد والصمغ بمختلف ألوانه، تضم قصائد ونوبات المدرسة العيساوية الصوفية لشعراء ومؤلفين غير معروفين.
قال عنه قيم الزاوية الرحمانية، السيد محمد صالح، إنه تتلمذ على يد شيخ الطريقة العيساوية سي محمد بن جلول، والشيخ بلقاسم وغيرهم من أمثال الشيخ صالح داوود، والشيخ عبيد شارف، وفي المجال السمعي تعلم على يد الشيخ محمود بن جلول، وأكد أن سليم مزهود، من أتباع الطريقة الرحمانية التي تجمع كل المريدين بمن في ذلك أصحاب الطريقة العيساوية.
وحسب فنان العيساوة أحمد بن خلاف، فإن الراحل هو آخر كبار الطريقة بقسنطينة وتلميذ كبار مشايخها على مستوى الوطن، ساهم في تكوين الشباب المولوع بالطريقة وحافظ على الموروث الثقافي وكانت له بصمة خلال تظاهرة قسنطينة عاصمة للثقافة العربية وذلك بتسجيل طبوع العيساوة بمختلف أنواعها.
وأجمع من تحدثنا إليهم، على أن سليم مزهود، تحمل عبء الحفاظ على هذا الموروث الفني الشعبي ونقله إلى تلاميذه من أجل ضمان استمراريته عن طريق تعليم المريدين من فئة الشباب الذين سوف يحملون المشعل بعده، إضافة إلى المحافظة على التراث المادي للطريقة العيساوية، و كذا الموروث المدون مثل«السفاين السبع»، وهي عبارة عن قصائد خاصة «بالفدوى والبردة والنصيحة وسيف الذاكرينّ، وقد قيل أن أول سفينة دخلت الجزائر كانت بحوزته واشتراها من مواطن من سكيكدة، بمقابل مادي كبير في ذلك الوقت، من أجل معرفة أسرار الطريقة.
مثل سليم مزهود، الطريقة العيساوية على المستوى الوطني والدولي، وحافظ على رصيدها الهائل والموروث الثقافي للطريقة بقسنطينة، وتمكن من نقله إلى تلاميذه وعلى رأسهم عبد الجليل سمار.
ص-رضوان
