أكد كل من المترجمين الدكتور فيصل الأحمر، والدكتور عبد السلام يخلف،أمس، على المكانة المهمة للترجمة كأداة لنشر الإنتاجات العلمية والثقافية لبلد معين، واعتبرا بأنها مازالت تؤدي وظيفتها في الحفاظ على ما خطه أدباء وشعراء خصوصا خلال ظروف الحرب، وكان ذلك خلال تدخلهما في ندوة حول واقع الترجمة وتطورها في الجزائر، التي جاءت ضمن الجلسات الثقافية والعلمية، المرافقة للمعرض الوطني للكتاب، بقصر الثقافة مالك حداد، المقام بقسنطينة.
وافتتح الجلسة المترجم الدكتور، فيصل الأحمر بعرض كرونولوجي لحركة الترجمة في الجزائر وتطورها منذ الاحتلال الفرنسي إلى الوقت الحالي، وأوضح بأن، الجزائر في هذه الفترة عرفت حركة محتشمة أغلبها كانت في مجال التعليم، مع المدارس الفرنكو-إسلامية، عندما فكروا في أن يأخذ الجزائري بعضا من لغته الأم أمام الكم الهائل من المعجم الفرنسي.
وذكر بأن بلدان عربية آنذاك لاسيما العراق، مصر، تونس وبالأخص سوريا، شهدت ترجمة روايات وأعمال شعرية لمبدعين جزائريين على غرار محمد ديب كنوع من الدعم للثورة التحريرية وحتى لا يضيع هذا الموروث الأدبي والثقافي أمام قوة سلاح الاحتلال.
وفي سياق آخر، يرى الدكتور، بأن الترجمة في الجزائر تُمارس كهواية فحسب مقتصرة على أدباء وكتاب وشعراء أو أساتذة أدب مع غياب مترجمين مختصين، مستغربا من عدم وضع برنامج واضح لهذا الفعل الثقافي منذ الاستقلال إلى اليوم.
يضيف الأحمر، بأن الجزائر منذ القدم لها استعداد للتعايش اللغوي، فهي أرض استضافت كثيرا من الأقوام والحضارات التي أثروا في لسان شعبها، لذلك فإن الفرد الجزائري، وفقا له، له استعداد فطري لتعددية الألسن، واستدل على ذلك، بقدرته على نطق لغات أجنبية بطريقة صحيحة، ويسر تعلمها دون أن يجد مشكلة حتى مع الحروف صعبة النطق على عكس باقي الدول العربية.
من جهته اعتبر الدكتورعبد السلام يخلف، الترجمة أداة مهمة لنقل المعارف بين اللغات، وواحدة من المواضيع التي تشغل بال العالم خصوصا في ظل الأزمات والحروب التي يواجهها العالم، والتي دفعته للبحث عن أساليب يحافظ من خلالها على حاجاته المعرفية، فضلا عن ظهور الترجمة الميكانيكية من خلال الذكاء الاصطناعي والمواقع المجانية.
وأردف بأن عملية تحويل كتاب من لغة إلى أخرى، عبارة عن مسألة معرفية أيضا، وتطرح كثيرا من الإشكاليات سواء على مستوى المضمون، أو اللغة اللسانية ولغة المصدر، إلى جانب المعنى الحقيقي المراد إبلاغه كما جاء في المؤلف الأصلي والدافع الذي جعل الكاتب يخط بالقلم ما جادت به قريحته.
وعن تجربته مع ترجمة بعض المؤلفات من كتب وأعمال شعرية، يقول يخلف، بأنه استفاد منها على عدة أصعدة، عندما جعلته يتعرف على قصص من التراث مثل ما حصل معه مع مُؤلف «أحمد بومري»، وكذا تعرف على هواجس وأفكار الكُتاب عند ترجمته للمجموعة الشعرية «الشقاء في خطر» لمالك حداد، وعبر المترجم، بأن ترجمته للعمل كانت بمثابة لقاء تعرف فيه من جديد على شخص مالك حداد، حيث يرى بأن إجابات كثيرة انضوت عليها أبياته، كمنظوره للكتابة، ورده على ادعاءات ألصقوها به، فيما تأسف لبتر أبيات من قصائد لمالك حداد، من مترجمين مشارقة بسبب عدم قدرتهم على فهم لغته وتحويل كلماتها إلى اللغة العربية.
ونهى يخلف، في هذا السياق عن الترجمة الحرفية، داعيا، إلى الإبداع في الترجمة والغوص في شخصية الكاتب، وأفكاره، وتقلبات حاله، مع الأخذ بعين الاعتبار خصائص اللغة المصدر، ولغة الترجمة حتى لا يشوه المعنى وإيصاله بشكل صحيح.
إيناس.ك