قدم مساء أمس الأول، بالمسرح الجهوي كاتب ياسين لمدينة تيزي وزو، العرض الشرفي لمسرحية «سفينة كاليدونيا» التي أخرجها أسعد عبد النور وكتب نصها الدكتور مغزوشن بلقاسم، وذلك في إطار الاحتفال بالذكرى 70 لاندلاع الثورة التحريرية المجيدة 1954.
وتدور أحداث هذه المسرحية التي قدمت باللغة الأمازيغية وحضرها جمهور اكتظت به قاعة كاتب ياسين، في منطقة القبائل في القرن التاسع عشر، وتروي بطولات وانتفاضة الأهالي ضد المستعمر الفرنسي، في سلسلة مقاومات استشهد خلالها مجاهدين رفضوا هيمنة الاستعمار وضحوا من أجل أن تحيا الجزائر، بعد أن كبدوا المستعمر خسائر فادحة، والذي لم يجد حلا لإخماد نار المقاومات والثورات سوى تغريب الزعماء والرؤوس المدبرة لها، ونفي الكثير من المقاومين إلى كاليدونيا انتقاما منهم.
وتم عرض هذه المسرحية الجديدة التي أنتجها المسرح الجهوي كاتب ياسين، على مدار 120 دقيقة، واستمتع خلالها الجمهور بعرض متكامل أداه الممثلون الذين تقمصوا الشخصيات التاريخية على الخشبة بحركاتهم المتوازنة، وكان الجمهور يصفق كثيرا عند كل مقطع، تعبيرا عن إعجابه بمضمون المسرحية وحسن تجسيد الممثلين لأدوارهم، وعند نهاية العرض وقف الجميع وصفق مطولا مبديا تأثره الكبير بهذا العمل الفني المتناسق الذي يروي أحداث عن الذاكرة التاريخية وقصة كفاح شعب.
وتمكن أبطال المسرحية وعددهم 35 ممثلا من بينهم توفيق سي عمور، وصورية نايت عبد الرحمان، ومصباح نسيم، وعبدي أعمر، ونور الدين علي حمدان، ونصيرة بن يوسف وغيرهم، من تجسيد لوحات فنية وتقديم عرض ثوري في غاية الجمال ومشاهد قتالية تاريخية مباشرة على الركح، مع ديكور مميز، وموسيقى أبدع في تأليفها إسماعيل خالدي، فيما وفق الدكتور حمزة جاب الله في السينوغرافيا.
وقال الأمين العام للمحافظة السامية للأمازيغية سي الهاشمي عصاد، الذي تابع أحداث المسرحية إلى جانب شخصيات فنية وثقافية، «يعود نجاح هذا العرض المسرحي، للكاتب الدكتور مغزوشن بلقاسم الذي أبدع في نسج خيوط النص «، مؤكدا أن النص المسرحي عندما يكون في المستوى فإن المسرحية ستكون ناجحة، مبديا إعجابه بتأثر الجمهور الذي أنغمس مع أحداث المسرحية وتجاوب مع حركات الممثلين على الخشبة، مشيرا إلى أن هذه المسرحية تستحق أن تعرض خارج تيزي وزو وتجوب مختلف ولايات الوطن، مبرزا أهمية المسرح الناطق بالامازيغية الذي يجب أن يستمر دائما.
من جهته، عبر المخرج عمر فطموش عن إعجابه الكبير بهذا العمل المسرحي الذي أكد بأنه متناسق ومتكامل من مختلف النواحي، مؤكدا أن المخرج مبدع وعرف كيف يدمج جميع عناصر العرض ليقدم عملا رائعا رفقة ممثلين بارعين، فبالرغم من عددهم الكبير، إلا أنهم تمكنوا من جذب الجمهور بفضل الانسجام فيما بينهم وتقديم أداء جميل.
وأكد مخرج المسرحية عبد النور اسعد، أن هذا العمل هو بمثابة رسالة تاريخية لإبراز التراجيديا التي وقعت في بلادنا خلال الثورات الشعبية في القرن التاسع عشر بعد الغزو الفرنسي للجزائر، وتتويج لمسار طويل لمختلف المراحل التاريخية من المقاومة، والاعتراف بالدور البطولي الذي خاضه الشعب الجزائري ضد المستعمر، مع التأكيد على أن تاريخ الجزائر تجاوز الحدود ووصل إلى كاليدونيا الجديدة، مشيرا إلى أن انتفاضة 1871 أسفرت عن استشهاد وسجن العديد من الجزائريين ونفي آخرين إلى كاليدونيا ويتوجب علينا اليوم تكريمهم مع تذكير الأجيال بتضحياتهم.
وكشف مساعد المخرج الممثل ماليك فلاق في تصريح «للنصر»، أن هذه المسرحية «سفينة كاليدونيا» تعد من الأعمال الفنية الجديدة للمسرح الجهوي كاتب ياسين، وستعرف جولات فنية في مختلف ربوع الوطن خلال الأيام القليلة القادمة، ما سيسمح لعشاق الفن المسرحي بمشاهدتها عن قرب. سامية إخليف