"شكرا على الحضارة" يوثق جرائم فرنسا سينمائيا
اعتبر المخرجان السينمائيان نزيم سويسي و زينب مرزوق عنوان فيلمهما "شكرا على الحضارة" ، بمثابة رد الاستهزاء بالاستهزاء الذي بدأ من الجانب الفرنسي الذي كان يعتقد بأن الاستعمار طريقة لجلب الحضارة وجسد هذا الاعتقاد في إستراتيجيته و رؤاه التي انعكست عبر مناهجه التعليمية وخطابته السياسية وحتى أعماله السينمائية.
الفيلم الوثائقي الجديد "شكرا على الحضارة " الذي يحمل عنوانا تهكميا ساخرا،و مضمونا يعري جرائم فرنسا في الجزائر وهي تدعي نقل الحضارة إليها ، أنتج بميزانية ضئيلة جدا لا تتجاوز 50000دج، حيث أنه يسلط الضوء على نقاط الظل التي لم تذكر في التاريخ كثيرا و قد تميزت المرحلة الأولى من الاحتلال بارتكاب مجازر في حق السكان، كما حدث سنة 1832 بقبيلة العوفية بأبواب العاصمة، بالإضافة إلى التخريب الممنهج لمؤسسات العلم والتربية، كما حصل لمكتبة الجزائر، و كذا الترحيل الإجباري وحرق الحقول وغيرها من الممارسات التي ذكرتها شهادات المستشرقين الفرنسيين وحتى المستكشفين الأوروبيين، مثل جان ميشال فينشر دي باراديس، في حين جمع الفيلم ما بين الصور الأرشيفية والتحليل المعرفي، حيث يظهر أستاذة ومختصون في الفيلم على غرار الأستاذ الجامعي دحو جربال، والباحث في التاريخ فؤاد سوفي، والكاتب التاريخي كمال بوشامة.
المخرجان تحدثا عن غياب البحث التاريخي الجاد ،لأن الوثائق موجودة، حسبهما، لكن لا يوجد من يجمعها ويربطها ببعضها البعض، فمن خلال بحثهما في أزيد من 70 كتابا يتضمن شهادات وروايات تاريخية و بعض ما كتبه الفرنسيون أنفسهم، وبالرجوع إلى أرشيف بعض الدول التي تذكر في وثائقها احتلال الجزائر استطاع السينيمائيان أن يجمعا الكثير من المعلومات ويقدماها من خلال فيلمهما الوثائقي.
نزيم سويسي اعتبر بأن الفيلم يفتح بابا جديدا في تاريخ الجزائر ،من خلال رصد السنوات الأولى لدخول فرنسا للجزائر ،حيث أن هذا العمل السينمائي تدور جل الوثائق المعروضة فيه والشهادات في الفترة بين 1830-1834 ،وهي فترة مهمة .و يعد هذا الوثائقي الوحيد الذي ركز عليها بهذا الشكل، إذ أن كل الأعمال التي قدمت تركز على الاقتحام الفرنسي للجزائر ،ثم تنتقل إلى مراحل تاريخية أخرى، لكن فيلم "شكرا فرنسا على الحضارة" يتتبع خطوات التهديم الحضاري والتعليمي والفني الذي مورس على الجزائريين ، و هو بمثابة دعوة لكل الناس لنشر الوعي الحقيقي التاريخي بين أوساط الجيل الجديد، حيث أن الثورة هي تتمة ل 130 سنة من الكفاح .
نزيم سويسي بين بأن وسائل الإعلام كثيرا ما تتحدث عن الثورة التحريرية وكأنها النقطة الوحيدة للانطلاقة النضال الجزائري ،لكنه و زميلته زينب مرزوق حاولا من خلال العمل التوثيقي، رصد مراحل النضال في مرحلة دخول فرنسا مباشرة إلى الجزائر ، فعبر أربع سنوات فقط سنكتشف هول التدمير الحضاري الذي قامت به فرنسا في الجزائر ونقف على مدى بسالة النضال الجزائري.
الفيلم الذي عرض أول أمس بقاعة العروض الصغرى بقصر الثقافة مالك حداد من تنظيم جمعية نوميديا فنون ، ضمن برنامج "مجانين السينما" بمناسبة إحياء الذكرى 61لاندلاع الثورة التحريرية في إطار أيام "السينما والذاكرة".
حمزة.د