أجمعت العديد من الشخصيات البارزة في مجال الإعلام العربي خلال ملتقى انعقد بجامعة الأمير عبد القادر بقسنطينة أول أمس، أن الصحافة العربية لعبت دورا فاعلا في دعم استقلال الجزائر و إيصال صوت الشعب الجزائري إلى العالم، و واكبت التطور و التنمية التي عاشها الجزائريون بعد سنة 1962.
الملتقى الذي نظمه الأرشيف الوطني الجزائري بمناسبة الذكرى 59 لإنشاء الإذاعة الجزائرية السرية، استضاف مجموعة من أبرز الشخصيات الإعلامية العربية من مديرين و رؤساء تحرير لجرائد كتبت عن الثورة الجزائرية، من مصر و سوريا و تونس و لبنان و السودان و فلسطين.و اتخذ الملتقى جريدة الأهرام المصرية كنموذج، بالنظر إلى مساهمتها الفاعلة في دعم الثورة الجزائرية منذ تأسيسها سنة 1875، و تجلى ذلك على وجه الخصوص في نشر نداءات الوفد الجزائري بالقاهرة، و كذا العديد من المقالات التي تعالج الأوضاع الاجتماعية و السياسية للجزائر، إضافة إلى نشر أخبار عن مقاومة و بسالة جيش التحرير الجزائري.
أبرز الأستاذ مسعود حسناوي مدير عام مركز الأهرام للتنظيم و تكنولوجيا المعلومات من خلال مداخلته «كيفية تغطية الأهرام لأحداث ثورة الجزائر في الفترة من 1954 إلى 1965»، موضحا بأن أرشيف الأهرام يحوي 140 سنة من القضايا المصرية والعربية و العالمية، و قام الدكتور بعرض مجموعة من الأخبار التي أوردتها الأهرام خلال الثورة الجزائرية و حتى قبلها و بعدها، مؤكدا بأن علاقة الأهرام بالجزائر تعود إلى تاريخ إنشائها حيث احتلت الجزائر مكانا على صفحاتها، و عرض نماذج منذ سنة 1888، حيث نقلت الصحيفة ثورة الأمير عبد القادر، و زلزال في الجزائر سنة 1891، و اشتداد المجاعة في الجزائر سنة 1893.و بعد اندلاع الثورة، خصصت صفحات أولى بالكامل للجزائر و هو شيء نادر تماما لا يحدث حتى مع بعض القضايا المصرية، كما يقول، حيث كانت الأهرام معنية بالقضية الجزائرية، و نقلت أولى أخبار الثورة منذ 1954، حيث تطور مصطلح الوطنيون إلى الثوار، و أبرز المتدخل نماذج عناوين نقلت أخبارا على مدى سنوات الثورة إلى حين إعلان الاستقلال، و من أبرز العناوين في 8 نوفمبر 1954 «القوات الفرنسية تحتل مراكز للوطنيين في الجزائر، اعتقال كثيرين و تفتيش منزل الزعيم مصالي الحاج في منفاه».كما قدم عناوين عن مقالات تحليلية لكتاب مصريين حول الثورة الجزائرية، أين يظهر المضمون تعاطفا كبيرا مع الجزائر، مثل الكاتب محمد حسنين هيكل، و من بعض مقالاته «غيوم فوق الجزائر» و «أسرار الأزمة في الجزائر»، و «استفتاء بالقوة» و كذا «الفجر يطرق أبواب الجزائر و الظلام يزحف على قصر الايليزيه»، كما تحدث المتدخل عن سلسلة من المقالات كانت تصدر بشكل منتظم من قبل الدكتور لطفي الخولي تحت عنوان «أضواء على الجزائر».و قدمت الأستاذة سهير عبد الحميد مداخلة حول «جميلة بوحيرد في الأهرام و الصحافة المصرية»، مؤكدة بأنها من خلال ما اكتشفته على صفحات الجرائد المصرية، فإن جميلة بوحيرد كانت مرادف للثورة الجزائرية و رمزا للمرأة العربية، فالأهرام كانت تكتب أخبارا عن جميلة بوحيرد ، ففي 5 مارس 1958 كتبت «الجزائر تهدد بإعدام الأسرى الفرنسيين إذا أعدمت فرنسا المجاهدة جميلة» و في نفس العدد «سوريا تناشد الأمم المتحدة بالتدخل لوقف إعدام جميلة» و في ذات السنة «شيخ الأزهر و الأمين العام لجامعة الدول العربية يبرقان برسائل للأمين العام للأمم المتحدة لمطالبته بالتدخل لدى الرئيس الفرنسي لمنع إعدام جميلة». كما قدم الدكتور محمد فايز فرحات محمود، مدير مؤسسة الأهرام المصرية، مداخلة حول «الثورة الجزائرية و الجزائر في إنتاج مركز الأهرام للدراسات السياسية و الاستراتيجية»، و الذي تأسس عام 1968، مشيرا إلى أن إصدارات المركز دعمت الجزائر في مراحل ما بعد الاستقلال و قدمت تحليلات حول القضايا التي كانت تشغل الدولة الجزائرية بعد سنة 1962، و المتعلقة أساسا بالتنمية. و تحدث الدكتور عبد اللطيف عمران، مدير عام و رئيس هيئة تحرير دار البعث السورية عن «الجزائر في الصحافة السورية»، بأن نشأة الجريدة تعود إلى سنة 1946 و هي تضم صحافيين من جميع الأقطار العربية إلى اليوم، مؤكدا بأن مؤسسته أبرزت في افتتاحياتها العديدة حول الثورة الجزائرية، أن هذه الأخيرة كانت أحد الحركات التحررية العربية الرائدة، و كانت الجريدة تطالب بتأييد و دعم الثورة في الجزائر كما كانت ترى فيها قدوة لثورة الفلاحين في سوريا و مصر. أما الدكتور عيسى عبد الحفيظ من فلسطين، فقدم مداخلة بعنوان «الثورة الجزائرية في صحافة المشرق العربي»، مؤكدا بأن أكثر الدول العربية دعما للثورة الجزائرية كانتا مصر و سوريا.
عبد الرزاق.م
رئيس تحرير جريدة الصباح التونسية، كمال بن يونس
الإعلام التونسي كان طرفا في الثورة الجزائرية وليس داعما فقط
أوضح رئيس تحرير مجلة الصباح التونسية، كمال بن يونس، بأن الإعلام التونسي لم يدعم الثورة الجزائرية فقط وإنما كان طرفا فيها، وأشار إلى أن الحكومة التونسية تعرضت لضغوطات من فرنسا بسبب تأييد وسائل إعلامها للمجاهدين بالجزائر.وأفاد كمال بن يونس، رئيس تحرير جريدة الصباح التونسية في تصريح خص به النصر، بأن وسائل الإعلام التونسية كانت طرفا في الثورة الجزائرية وليس مجرد داعم، ودعمت حركة التحرر الوطني الجزائري بعد الحرب العالمية الثانية، مشيرا إلى صحيفة الصباح التونسية التي تأسست عام 1951، كانت تخصص في العدد الواحد الذي يتكون من أربع صفحات، ما لا يقل عن خمس مقالات عن القضية الجزائرية، فضلا عن أن بعض المواضيع الخاصة بالجزائر كانت تمثل افتتاحية الجريدة، كما قال بأن طاقم تحرير الجريدة كان يضم إعلاميين جزائريين، على غرار محمد الميلي الابراهيمي، الذي شغل منصب رئيس تحرير ثان لصحيفة الصباح، بالإضافة إلى 15 صحفيا جزائريا آخر. وذكر نفس المصدر بأن الحكومة التونسية تعرضت لضغوطات كبيرة من فرنسا بسبب اتخاذ وسائل الإعلام التونسية مواقف داعمة للثورة الجزائرية، وحركات التحرر الوطني في المغرب العربي بشكل عام، كما أن جريدة الصباح حسبه، كانت توزع بشكل سري في الجزائر، بعد أن منعتها السلطات الفرنسية وكانت تعتقل كل من يقبض عليه في حالة حيازة للجريدة، التي اهتمت بنقل أخبار الثورة الجزائرية باستمرار، أما على الأراضي التونسية فكانت جريدة المجاهد، حسب المتحدث، تملك مطبعة خاصة وتقوم بطبع نسخها هناك، حيث شدد محدثنا على أن الإعلام التونسي في فترة الثورة الجزائرية كان نضاليا، ولم يكن مبنيا على الجانب الخبري فحسب، فضلا عن اهتمامه بنقل الأخبار من الإذاعات والوكالات الأجنبية، ومتابعة حركة المعارضة ضد الجنرال ديغول داخل فرنسا، ومقاومة الاستعماريين لقضية استقلال الجزائر.
رئيس الأرشيف الوطني الفلسطيني محمد بحيص عرامين
أخبار الثورة الجزائرية حفزت الفلسطينيين على مكافحة الاحتلال الإسرائيلي
اعتبر رئيس الأرشيف الوطني الفلسطيني، محمد بحيص عرامين، أن الأخبار التي كانت تتداولها الصحف عن الثورة الجزائرية، حفزت الفلسطينيين على مكافحة الاحتلال الإسرائيلي، وأشار إلى أن صداها لا يزال إلى اليوم.وأشار الدكتور في تصريح للنصر، بأن الصحف الفلسطينية كانت تواكب باستمرار أخبار الثورة الجزائرية وما يقوم به المجاهدون ضد الاستعمار الفرنسي، ما شحذ همم الفلسطينيين وجعلهم يفكرون بشكل جدي في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، خصوصا وأنها تزامنت مع فترة قريبة من النكبة الفلسطينية عام 1948، موضحا بأن أهم طرق وصول الأخبار كان عن طريق إذاعات الدول المجاورة، على غرار مصر وسوريا، فضلا عن أحاديث الناس وأسماء مجاهدين كبار باتت تتداول يوميا في الشارع الفلسطيني آنذاك.كما ساهمت تعليقات كتاب وأدباء عبر وسائل الإعلام في نشر أخبار ثورة الجزائر في فلسطين حسب محدثنا، الذي اعتبر بأن صداها لا يزال إلى اليوم، ويتجلى حسبه في الحب الكبير الذي يكنه الفلسطينيون للجزائر، وتعلمهم الكثير منها.
رئيس تحرير مجلة حواس السودانية، طارق شريف
ثورة الجزائر علامة فارقة في تاريخ الدول العربية
اعتبر رئيس تحرير مجلة حواس الاقتصادية والصحفي بجريدة الرأي العام السودانية، طارق الشريف، بأن الثورة الجزائرية كانت في الصحافة السودانية علامة فارقة في تاريخ العرب، وأشار إلى أن شعراء ألفوا قصائد تتغنى بها. وأوضح طارق الشريف، في تصريح للنصر بأن الصحافة السودانية كانت تتابع الثورة الجزائرية بشكل كبير ما بين 1954 وحتى الاستقلال، مشيرا إلى أنها كانت تعتبرها علامة فارقة في تاريخ القومية العربية، كما أن الشارع السوداني كان متأثرا بها كثيرا، حيث كان الرأي العام يتوجه إلى تأييدها والحديث عن أبطالها، فضلا عن أن الإذاعة السودانية كانت تبث أناشيدها المختلفة.كما ألف عدد من الشعراء السوادنيين قصائد موضوعها ثورة الجزائر وقضيتها، على غرار الشاعر تاج السر الحسن الذي كتب قصيدة بعنوان افريقيا وآسيا، بالإضافة إلى دخولها في التراث الشعبي في أوجه مختلفة على غرار بعض الأمثال.
نائب رئيس تحرير مجلة الأهرام العربي، سهير عبد الحميد
قضية جميلة بوحيرد أثرت في الجمعيات النسوية المصرية
ذكرت نائب رئيس تحرير مجلة الأهرام العربي سهير عبد الحميد، بأن قضية المجاهدة الجزائرية جميلة بوحيرد قد أثرت بشكل كبير في الجمعيات النسوية المصرية، كما أولتها جريدة الأهرام اهتماما بالغا. وأوضحت سهير عبد الحميد، في تصريح للنصر، بأن الجمعيات النسوية المصرية خلال فترة الثورة الجزائرية قد وجهت العديد من البرقيات ورسائل المطالبة بإطلاق سراح المجاهدة الجزائرية جميلة بوحيرد من السجن الفرنسي، إلى الأمم المتحدة والرئيس الفرنسي، فيما منحت جريدة الأهرام اهتماما بالغا لقضيتها وصل إلى حد الكتابة عنها بشكل يومي تقريبا، فضلا عن الاحتفال بزيارتها إلى مصر في سنة 1962، كما أن أخبارها كانت تحتل الصفحة الأولى من الجريدة تقريبا، بالإضافة إلى تخصيص كتاب كبار من أمثال حسنين هيكل وكمال الملاخ، لمقالات كاملة حول هذه المرأة، ما ساهم في تدويل قضيتها وفضح وحشية الاستعمار الفرنسي.وأشارت محدثتنا بأن التزام جريدة الأهرام بالقضية الجزائرية لم يكن مهنيا، وإنما يندرج في اهتمام كبير بالقضايا العربية، خصوصا وأن الثورة الجزائرية تزامنت مع المد القومي العربي في كامل المنطقة العربية. أما المدير العام لمؤسسة الأهرام، محمد فايز فرحات، فأوضح بأن جريدة الأهرام رصدت الثورة الجزائرية بمجرد ظهور ملامحها الأولى، كما أنها أثرت في الصحف العربية الأخرى وجعلتها تسير في نفس الاتجاه المؤيد لها.
المدير العام للأرشيف الوطني الجزائري، عبد المجيد شيخي
وسائل الإعلام العربية جعلت صحفا فرنسية تستنكر جرائم فرنسا في الجزائر إبان الثورة
أوضح المدير العام للأرشيف الوطني الجزائري، عبد المجيد شيخي، بأن أخبار وسائل الإعلام العربية المتداولة عن الثورة الجزائرية قد جعلت من بعض الصحف الفرنسية تستنكر جرائم التعذيب التي ارتكبتها فرنسا بالجزائر، وأشار إلى أن المجاهدين اعتمدوا على كلام الشارع للترويج لأنفسهم إعلاميا. وقال مدير الأرشيف في تصريح للصحافة، بأن الجرائد والإذاعات العربية ساهمت في نقل صدى الثورة إلى الخارج، بفضل المادة الإعلامية الأولية التي كانت توفرها لهم الثورة من خلال مكاتبها بالعواصم العربية، التي كانت تتلقى تعليمات صارمة بنشر معلومات صحيحة، على عكس بعض الجرائد الاستعمارية التي كانت تنشر معلومات مبالغ فيها وإعطاء أرقام مضخمة من أجل التأثير على الثورة، مشيرا إلى أن صحفا فرنسية كانت تعتمد على الصحف العربية في نقل أخبارها، ما جعلها تنقلب ضد التوجهات الاستعمارية لفرنسا وتنشر أخبارا تميل للثورة الجزائرية، فضلا عن إبرازها لمقالات كتاب ومؤرخين استنكروا جرائم التعذيب التي كانت تمارسها السلطات الاستعمارية في الجزائر، ما جعل فرنسا حسب محدثنا، تخشى من الصحف العربية والحركات اليسارية والشيوعية الفرنسية، التي أثرت على الشأن السياسي الفرنسي الداخلي كثيرا، ونقل أخبار الثورة الجزائرية حتى إلى أمريكا اللاتينية. وقال عبد المجيد شيخي، بأن السلطات الفرنسية منعت بعد سنة 1955 الجرائد العربية من الدخول إلى الجزائر، ما دفع بالثورة إلى الاعتماد على إعادة نشر ما يبث من أخبار في الإذاعات التي يمكن التقاطها، ليتم توزيعها بشكل سري بعد ذلك في نشريات صغيرة يحررها المجاهدون في الجبال، لكن بطء العملية دفع بالثوار إلى الاعتماد على نشر الأخبار في الشارع، وقد اعتبرها محدثنا وسيلة ذات فعالية كبيرة وسرعة في الانتشار، كما ذكر بأن فرنسا لجأت إلى التشويش على بث الإذاعة السرية عن طريق استبدالها بأناشيد مموهة، ما جعل المجاهدين يغيرون الموجة باستمرار لمواصلة عملهم، الذي كان يتم من شاحنة خلف الحدود المغربية بتيطوان.
جمعها: سامي حباطي