الإسلام الوراثي أصبح يحرم و يحلل بالاحتكام إلى العرف و ليس الشرع
اعتبر المنشد المغربي رشيد غلام بأن الحديث عن تحريم الفن بمفهومه الشامل بما في ذلك الموسيقى الروحانية، أمر يحتاج إلى بحث و دراسة فقهية معمقة، لأن الكثير من الأصوات التي تنادي بالتحريم، تحاول الترويج لفكر جامد، كرس له الإسلام الوراثي، الذي يستمد أحكامه من العرف و التقاليد و مسلمات غير حقيقية، و ليس من الشرع و الأصول، خصوصا ما تعلق بالقضايا التي تتطلب بحثا و اجتهادا.الفنان، بين للنصر،على هامش مشاركته مؤخرا في فعاليات المهرجان الثقافي الدولي للإنشاد بقسنطينة، بأنه ورغم تخصصه في الموسيقي الروحانية و أدائه النشيد الملتزم، إلا أنه يحترم الموسيقى بكل طبوعها كنوع من أنواع الحضارة، و كتربية تهدف إلى تهذيب الفرد، مستشهدا في ذلك بكوكب الشرق أم كلثوم، التي قال بأن أداءها لأغاني الحب و العشق لم يسقط عنها الحق في أداء المديح، فغنت «ولد الهدى» ، و جودت القرآن الكريم ، خلاصة القول، كما عبر هي أن الفن لا يعني الغناء بل مفهومه أشمل من ذلك بكثير، لأن الإنسان اكتشفه خلال رحلته للتأمل و البحث عن الذات الإلهية.
الفنان المثير للجدل، قال بأن التزامه بالدفاع عن الفن، وضعه في صراع مع العديد من الشيوخ و رجال الدين الوهابيين الذين يصرون على حصر الإسلام في خانة ضيقة لا تليق به، كما قال، مشيرا إلى أنه لا يزال إلى غاية الآن ممنوعا من الغناء في المغرب و عدد من الدول العربية، خصوصا دول الخليج بسبب مواقفه، معلقا على مقاطعته فنيا بسبب انتمائه السياسي، بأنه يرحب بالأمر ما دام لا يتناقض مع قناعاته. وبذات الشأن علق بأن فنه ليس سياسيا بالمطلق، لأنه يرتقي عن السياسة و يرتبط بالسيرورة الإنسانية، مضيفا: « الفن الحقيقي يرتبط بالتربية و الأخلاق والسمو و التطلعات الإنسانية الممتدة عبر التاريخ، أما السياسة فهي مقيدة بحيز زمني و جغرافي معين و بحالة تبسيطية صغيرة» ، و استطرد قائلا:» فني ليس ممارسة نقابية، فأنا لا أغني عن الهم اليومي، كما أنني لا أغني لأدعو لحركة معينة، أنا أنتمي لجماعة بعينها، ولكنني لا أغني لأدعو لها،في غنائي دعوة للإسلام بصورته الحقيقية، والإسلام أكبر من أي إنتماء سياسي، أنا أدعو إلى الرحمة الإلهية المبثوثة في الإنسانية». من جهة أخرى، أعاب الفنان على المنشدين الجدد، انسياقهم خلف التسويق التجاري لهذا الفن، من خلال استغلال المديح و صفته الملتزمة، معبرا بأنهم حولوا بذلك الإنشاد إلى فلكلور و أفرغوه من محتواه و روحانيته.
و اغتنم المنشد الفرصة لدعوة الفنانين الجزائريين إلى الاستثمار أكثر في طبوعهم الموسيقية المتنوعة، مؤكدا بأنهم يجهلون إلى غاية الآن الوصفة الصحيحة لتسويق زخمهم الموسيقي الحضاري الكبير للعالم، بالرغم من أن هذا التنوع قادر على أن يحدث ثورة حقيقية في عالم الموسيقى، داعيا إلى ضبط سياسة ثقافية جادة، تأخذ مهمة تجميع الطبوع و ترقيتها و التعريف بها مأخذ الجد.
نور الهدى طابي