باشر مجموعة من الفاعلين الثقافيين الجزائريين، من فنانين و كتاب و إعلاميين منضوين تحت لواء ما يسمى بـ "مجموعة العمل حول السياسة الثقافية في الجزائر" التي تأسست سنة 2011، العمل على مشروع خارطة رقمية للقطاع، تكون بمثابة واجهة معلوماتية تعرف بالمبدعين الجزائريين في مختلف القطاعات، بما في ذلك الموسيقى و الأدب و الفنون الجميلة و المسرح و التراث، و ينتظر أن تعمل الواجهة المقرر إطلاقها رسميا عبر شبكة الانترنت نهاية السنة الجارية، كدليل ثقافي يؤسس لخطوة مستقبلية هدفها ضبط سياسة ثقافية ناجعة.
العمل على الخارطة الرقمية التي تعد ثاني تجربة عربية و افريقية من هذا النوع، بعد تجربة المغرب، انطلق في ديسمبر الماضي و بلغ نسبة 50 في المائة إلى غاية الآن، كما أكده عضو مجموعة العمل حول السياسة الثقافية، عزيز حمدي، مؤكدا بأنه تم إلى غاية الآن جمع عدد معتبر من البيانات المتعلقة بمختلف الفاعلين الثقافيين في الجزائر و في شتى المجالات، فضلا عن جرد نسبة كبيرة من المعلومات حول ممثلي المجتمع المدني و الجمعيات الثقافية، إضافة إلى المنشآت القاعدية الثقافية و الهياكل التي تندرج في خانة التراث المادي، و كذا المهرجانات و المناسبات الشعبية.
و ينتظر أن تحمل الخارطة الرقمية صورة الخارطة الجغرافية للجزائر، لكن بتقسيم ثقافي منظم، يسمح لمتصفحها بالإبحار عبر مختلف ربوع الوطن و التعرف على المادة الثقافية و الفنية و الحرفية و الأدبية التي تزخر بها كل منطقة، كما سيوفر موقع الواجهة المعلوماتية، دليلا شاملا عن مبدعيها مع توفير إمكانية التواصل معهم. و تعد المبادرة خطوة تمهيدية هدفها خلق سياسة ثقافية فعلية مستقلة،في الجزائر يشرف عليها أفراد ناشطون في المجال بتأطير من وزارة الثقافة التي سبق و أن استلمت مسودة عن المشروع سنة 2013، تضمنت كافة التفاصيل الخاصة بمخطط العمل الرامي الى تحقيق لا مركزية الفعل الثقافي و التحرر من التبعية المطلقة للقطاع العمومي،و إيجاد قوى موازية من شأنها إعادة بعث الحركية الثقافية و الفكرية و الفنية في مدن و مناطق الجزائر العميقة. و كانت المجموعة التي يتبنى نشاطاتها إعلاميون و باحثون و مثقفون قد عقدت ثلاثة لقاءات وطنية تكوينية و توعوية بكل من وهران و العاصمة و قسنطينة في العام الماضي، وتعتزم عقد لقاءين قريبين بكل من بجاية و ورقلة، للتعريف بمشروع السياسة الثقافية، و شحذ الهمم لإشراك أكبر عدد من الفاعلين الميدانيين من أجل إنجاح المبادرة التي ستعرف في مرحلة قادمة برمجة « جلسات ثقافية»، مع جمعيات المجتمع المدني و فناني و مبدعي كل ولايات الوطن للتعرف عليهم و إحصائهم و خلق شبكة تواصل في ما بينهم، و تكريس أهمية الاقتصاد الثقافي في أذهانهم، بالاستعانة بخبراء و مختصين مهمتهم شرح المفهوم التنموي للمحرك الثقافي.و يتوقع أصحاب المبادرة، بأن يساهم مسعى خلق سياسة ثقافية جزائرية ناجعة، و تحريك المبادرات الفردية و الجماعية و تحرير الأذهان،و إصلاح هشاشة القطاع، فضلا عن تقديم حلول ثقافية يمكنها أن تعوض الحل السياسي في مناطق كغرداية و القبائل ، كونها قادرة على كسر الخلفيات الصدئة و إخراج كل منطقة من عزلتها الثقافية، و دفعها إلى المشاركة أكثر في الفعاليات الوطنية على اختلافها و الكينونة كجزء من كل.
نور الهدى طابي
