تنظم الجمعيّة الجزائريّة للدراسات الفلسفيّة بالتعاون مع مكتبة الحامة بالجزائر العاصمة، يوم غدا الثلاثاء 9 فبراير، ندوة تكريمية وبحثية تستحضر فيها الباحثة والعالمة السوسيولوجية، المغربية فاطمة المرنيسي التي رحلت يوم 30 نوفمبر 2015.
الندوة التي تنشطها الكاتبة والدكتورة ربيعة جلطي والدكتورة خديجة زتيلي، ستُكرم الراحلة وتناقش أعمالها وفكرها ومواقفها. وفيها تتطرق أولا، الكاتبة ربيعة جلطي للحديث عن التحديات التي خاضتها المرنيسي في اشتغالها الفكري والفلسفي والأدبي، ومن خلال ورقتها المعنونة بـــ»فاطمة المرنيسي/صوت التحدي العالِم»، تحاول تفكيك ما يميز صاحبة «سلطانات منسيات» باحثة ومناضلة وكاتبة ومثقفة ميدان ومنتجة قيم فكرية جديدة مرتبطة بفضاء المرأة والمواطنة التشاركية.
جلطي، تقول في هذا السياق، أن ما يتميز فاطمة المرنيسي عن غيرها من الباحثين الذين اشتغلوا على فضاء المرأة أو الفضاء المؤنث في كونها باحثة تجمع ما بين التفكير النظري والعمل الميداني، وتجع ما بين الرؤية السوسيولوجية والرؤية الفلسفية، وما بين الاعتماد على الترسانة الفقهية التراثية والترسانة الحقوقية المعاصرة.
وهي ترى أن كل هذا جعل من كتاباتها مثيرة للجدل. لكنه من جهة أخرى كما تضيف جدل معرفي وليس جدل أيديولوجيا، بمعنى أنها ظلت محط نقاش لدى النُخب دون أن تتبسط أطروحاتها أو تبتذل على المستوى السياسوي أو الإعلامي.
ما يميز الباحثة فاطمة المرنيسي أيضا حسب الدكتورة جلطي دائما، أنها تدخل البحث وفق مناهج حديثة دون السقوط في الاغترابية المفاهيمية، فهي تحاول أن تجمع ما بين المرجعيات التراثية والمرجعيات المعاصرة في جميع مقارباتها لعالم المرأة المغربية أو العربية أو المسلمة.جلطي ترى أن المرنيسي ورغم شهرتها في العالم ظلت بعيدة عن ظاهرة «النجم» كما حدث مثلا مع الباحثة المصرية نوال السعداوي، إذ أنها ظلت بعيدة عن الاستهلاك السياسي والأيديولوجي وذكية في التعامل مع الإعلامي. وأنها أبدا لم تستثمر «الكليشيهات» الفكرية المعروفة عن المرأة المسلمة والتي كثيرا ما يجري خلفها تجار الثقافة الاستهلاكية، والإعلام الباحث عن ثقافة «المكبوت».
في المداخلة الثانية المعنونة بـــ»حفريات فاطمة المرنيسي في التراث الاسلامي/ محاولة لتفكيك البُنى الفكرية القديمة وإعادة كتابة التاريخ»، تغوص الدكتورة والباحثة خديجة زتيلي في سياقات رؤية متفحصة تدقق في أمور المرنيسي الفكرية والبحثية، في محاولة لتفكيك بعض البُنى والمعطيات الفكرية،
ومن خلال أطروحتها تحاول الدكتورة زتيلي استدعاء موقف المرنيسي من قضايا التراث الديني في العالم العربي الإسلامي في إطار مشروعها الفكري الذي يتعلّق بإماطة اللثام عن الحقيقة الإنسانيّة وتصحيح مسار التاريخ ونفض الغبار عن زواياه المعتّمة المنسيّة. وتذهب الدكتورة زتيلي، إلى أن «الكاتبة وعالمة الاجتماع فاطمة المرنيسي كانت ترُاهن دائما على الكتابة والنقد لتفكيك أشكال السُلَط المتجذّرة في المجتمعات العربيّة الإسلاميّة، فاضحة بذلك الرِياء الموجود في عالمنا العربي والذي بَسط نفوذه منذ قرون طويلة من الزمن. وتفْضح كما تقول الدكتورة زتيلي في مؤلّفاتها، وبواسطة دراسات فكريّة واجتماعيّة عميقة، كلّ أشكال الهيمنة التي تُمارس ضدّ المرأة من خلال الديني والسياسيّ والاجتماعي».
زتيلي ترى أيضا أن المرنيسي، تتوسّل بداية بالتراث الإسلامي، وتنكبُّ على قراءته وتحليله بشجاعة نادرة في سياق تقديم قراءة نقديّة جديدة له، وهي تعتمد على صعيد أوّل على السياق التاريخي المعقّد للمرأة وعلاقتها بالمجتمع والسلطة. كما تميطُ اللثام عن المسألة النسويّة ومظاهر الهيمنة وتؤكّد في مُنْجزها الفكري أنّ أساس المشكلة هو سياسي على صعيد مبدئيّ. كما تعتمدُ لعرض وجهة نظرها، في الجدل القائم، على النصوص التراثيّة من جهة والنصوص الغربيّة الحديثة من جهة أخرى، إذ لا يستقيم النقد المرنيسي بدونهما معاً.
نوّارة/ل