لخص الفيلم الوثائقي «لو نحكي قسنطينة» لمخرجه حسين ناصف، تاريخ سيرتا التي حاول الاستعمار الفرنسي طمس معالمها المعمارية والثقافية من خلال استبدالها بأحياء أوروبية، بنيت على أنقاض حضارات عريقة منها النوميدية والبونية والرومانية و البيزنطية والإسلامية. في مدة لا تقل عن 72دقيقة جابت كاميرا حسين ناصف بين معالم قسنطينة العريقة و تحفها المعمارية المغرية، مسلطا الضوء من خلالها على ذاكرة المكان و الزمان، و الذي لخصه أساتذة جامعيون مهتمون بتاريخ المدينة منهم الدكتور عبد الله حمادي و عبد السلام يخلف وكذا مديرة المتحف الوطني سيرتا، المختصة في علم الآثار كلثوم دحو، بطريقة سردية سهلة راقت الحضور على قلته ، لما احتواه الفيلم من صور مثيرة و شهادات قيّمة عن ماضي المدينة المجيد و أصولها النوميدية وخصوصياتها الجغرافية والتاريخية و الحضارية التي جعلتها منذ الأزل مطمعا للغزاة.وبين متحف سيرتا و المواقع الأثرية المهمة و على رأسها مدينة تيديس ، مرورا بقصر أحمد باي و بيوت الأزقة القديمة، وصولا إلى الأحياء الأوروبية، حاول المخرج إبراز ملامح التغيير التي طرأت على مدينة فقدت تدريجيا طابعها المعماري البربري الأصيل و الإسلامي الجميل، بعد استيلاء المستعمر الفرنسي على أرض الحضارات عام 1837 ، وسعيه لطمس المعالم المعمارية و الثقافية سيما الإسلامية منها، مستندا في ذلك إلى وثائق تاريخية و روائية مهمة و كذا شهادات مختصين في تاريخ المدينة، قدموا شروحات و توضيحات عن المراحل التي مرت بها قسنطينة و تحوّلها من مدينة نوميدية إلى مدينة فرنسية على الطراز الروماني والأوروبي عموما.الفيلم أنتج في إطار قسنطينة عاصمة الثقافة العربية بالتنسيق مع المركز الجزائري لتطوير السينما و كتب السيناريو الخاص به حسني كيتوني.
مريم/ب