رحل أوّل أمس الجمعة 16 سبتمبر بمستشفى مدينة الجلفة، الباحث الأكاديمي والشاعر الجزائري المعروف الدكتور حميد ناصر خوجة، عن عمر يناهز 63 سنة، وهذا بعد معاناة مع المرض. الرّاحل من مواليد 25 جانفي عام 1953 بمدينة الأخضرية ولاية البويرة، متخرج من المدرسة الوطنية للإدارة عام1977، رفقة العديد من الإطارات الذين تقلدوا مناصب سامية في الدولة. أما هو فبقيّ لفترة موظفا بسيطا في الإدارة المحلية بولاية الجلفة، قبل أن يقترح عليه والي المدينة، ترأس ملحقة المكتبة الوطنية في الجلفة، بعدها بمدة عمل في الجامعة حيث تم تعيينه على رأس معهد الأدب واللغات بالمركز الجامعي للجلفة، وهي المدينة التي تدرج فيها في مختلف الوظائف وكتب فيها وعاش واستقر.
الراحل ورغم عمله وتدرجه في الإدارة، إلا أنّ اهتمامه الأدبي كان يكبر ويزداد مع الأيام. وقد سافر خوجة إلى فرنسا لمتابعة دراسته، حيث تحصل على ماجستير في الأدب من جامعة السوربون، برسالته حول سيناك وكامو والعلاقة بينهما. بعدها بخمس سنوات حصل على دكتوراه من الجامعة ذاتها بدراسة حملت عنوان «جان سيناك،، ناقدا». وقد أورد في نص دراسته شهادة عن جاك سيناك مفادها: «لا أحد يعرف أن سيناك كان ناقدا، الكلّ كان يعتبره شاعرا أو مذيعا وكفى، ولا أحد يتذكر أنّ سيناك هو أوّل من لفت الانتباه لمولود فرعون عام 1946، ولكاتب ياسين ومحمد ديب عام 1948».
ومن كُتب حميد ناصر خوجة «ألبير كامو، جان سيناك، أو الابن المتمرّد»، الذي بيعت منه حوالي 2500 نسخة في الجزائر وحدها، وأحدث ضجة كبيرة في فرنسا. وقال الدكتور خوجة عن كتابه هذا وعن سياقات إنجازه: «هذا الكتاب هو مذكرة ماجستير، أي ديبلوم الدراسات المعمقة في الأدب الفرنسي من جامعة السوربون، والهدف الأساسي من كتابتي له، كان هو الكشف عن اللبس وتصحيح الأخطاء التي وقع فيها الكثير ممن كتبوا عن العلاقة بين ألبير كامو وجان سيناك بطريقة سطحية غير موثّقة، وقد اعتمدت في دراستي هذه على المراسلات التي كانت بينهما، ونقّبت أيضا في أرشيف سيناك في المكتبة الوطنية، وفي مكتبة مرساي بفرنسا، وقد تحدثت عن علاقة الأديبين والصداقة التي كانت تجمعهما، والتي كانت في بدايتها أدبية، ثم تحوّلت بعد ذلك إلى أن أصبحت عائلية إن صح التعبير، بحيث أصبح كامو ينادي سيناك قائلا: (يا ولدي).. وقد أثّرت هذه العبارة كثيرا في سيناك. الخلاف الوحيد الذي كان بينهما، كان حول الجزائر، والثورة الجزائرية، ففي الوقت الذي كان يؤمن فيه ألبير كامو بأنّ الجزائر فرنسية كان سيناك على عكسه يردد إن الجزائر جزائرية».
ناصر خوجة لديه أيضا عدة كتب أخرى حول جون سيناك. إذ قام أيضا بجمع وطبع مجموعة شعرية كاملة سيناك وقدّم لها رفقة رونيه دوستياتي في مطبعة Act Sud ، كما جمع عام 1999 كلّ دواوين سيناك غير المطبوعة ونصوصا أخرى غير منشورة، ومقالات سياسية ونقدية في مجلد واحد، وقدّم للعمل ونشره تحت عنوان «من أجل أرض ممكنة pour une terre possible « ، وكتاب آخر بعنوان «وجوه الجزائر..نظريات في الفن»، وهو حول الفن التشكيلي وعلاقة سيناك به، حيث كان حسبما قال ناصر منشطا كبيرا للحياة الفنية الجزائرية باعتراف المؤرخين والمهتمين.
كان أكثر المهتمين بأعمال الشاعر جان سيناك، حيث خصص له الكثير من إصداراته ومؤلفاته ودراساته، من بينها «موسوعة الشعر الجزائري الجديد» التي ساهم في انجازها معه كلّ من الراحلين يوسف سبتي وحميد سكيف، وبإشراف من جان سيناك نفسه عام 1971.
يذكر أن الرّاحل حميد ناصر خوجة، كان شاعرا أيضا، فقد كتب شعرا كثيرا باللغة الفرنسية التي كتب بها كلّ مؤلفاته. ولحد الآن لا أحد اقترب من شعره وترجمه ونقله إلى اللغة العربية.
نوّارة/ ل