غيّب الموت أمس الثلاثاء الفنان جعفر بك ، أحد رواد السكاتشات الجزائرية و العروض الموسيقية الترفيهية ، عن عمر ناهز 90 عاما، بعد معاناة طويلة مع المرض. الفقيد عبد القادر شروق، الشهير باسم جعفر بك، ولد بحي القصبة عام 1927،و ولج عالم الفن في نهاية خمسينيات القرن الماضي، حيث لم يتوان عن كتابة سكاتشات و التمثيل فيها كما كان يكتب كلمات الأغاني الفكاهية، لاقتناعه بأهمية الفكاهة و الضحك لتلقين الناس أساليب التحضر، مثلما كان يرّدد.
كانت حياة الفنان مفعمة بالنضال، حيث التحق بصفوف جيش التحرير الوطني، كممرض، قبل أن ينضم إلى الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني، تحت إشراف و تسيير الراحل المخرج و الممثل المسرحي مصطفى كاتب. و قد تقمص جعفر بك عدة أدوار درامية في أعمال مسرحية كثيرة إبان الاستعمار الفرنسي وكانت تحرض في مضمونها الشعب الجزائري على مناهضة الاحتلال و المطالبة بالاستقلال و من بينها "أطفال نوفمبر" و "الخالدون"، قبل التحاقه بالإذاعة الوطنية عام 1962.
ومن بين العروض التي قدمها الراحل بعد الاستقلال "البيروقراطية"، فضلا عن تنشيطه لحصص إذاعية و تلفزيونية عديدة منها "البشاشة" و "منكم و إليكم".
و لا يزال جمهور الكوميدي الراحل يتذكر بعض أغانيه الفكاهية المتميّزة على غرار "هيا يا ديغول"، "اديناها"، "يا جلول اروكينرول"، "ألف الباء و التا"، "مسكين اللي ما قراش"،" أنا مليت"..و غيرها من الألحان التي صنعت البهجة و رسمت الضحكة على وجوه معجبيه مع تمرير رسائل توعوية و تحسيسية، سواء اجتماعية أو ثقافية، كالحث على طلب العلم و محو الأمية و التحضر و التمسك بمكارم الأخلاق و غيرها. يذكر أن الفنان الراحل نشأ بحي القصبة ببيت كان ملكا للمطربة مريم فكاي، مما منحه حظ الالتقاء بالكثير من الفنانين و الاحتكاك بهم و من بينهم الفنان رشيد القسنطيني الذي كان له تأثير واضح على شخصيته الفنية، كما عمل جعفر بك بالميناء، قبل انخراطه في صفوف الكشافة الإسلامية، أين تعلّم حب الوطن والمثابرة والصبر، لكن ولعه بالفن حمله إلى تجريب حظه مع الفرقة الإذاعية الخاصة بالأطفال، تحت إشراف رضا فلكي الذي منحه فرصة الانضمام إلى فرقته المسرحية"مسرح الغد" مدشنا بذلك أولى خطواته نحو عالم الفنّ و الإبداع.
ق/م
