احتدم النقاش حول مفهوم العلوم الإسلامية بين الأساتذة والباحثين، بين محافظ على المفهوم التقليدي له، وموسع له ليشمل مختلف العلوم والمعارف التي ظهرت في الحضارة الإسلامية؛ في الوقت الذي ثمن فيه الجميع الامتداد الأفقي لهذا التخصص بتعميم تدريسه على مستوى الكثير من الجامعات الجزائرية.
وخلال أشغال ملتقى وطني اختتم مساء أمس الأول بادرت إلى تنظيمه كلية الشريعة والاقتصاد بجامعة الأمير عبد القادر بقسنطينة، حول مستقبل العلوم الإسلامية بمؤسسات التعليم العالي؛ قام باحثون وأساتذة من مختلف جامعات الوطن بتشريح واقع العلوم الإسلامية في بعض الأقسام والكليات، من حيث الموقع البيداغوجي والمنهج والموضوع والمضمون ووسائل وطرائق التدريس، مقدمين عروضا عن تجارب التجديد الفقهي، ومدى إمكانية الموائمة بين الأصالة والمعاصرة؛
بيد أن الإشكال الذي طرح وظل مطروحا على مدى يومي الملتقى هو مدلول مصطلح العلوم الإسلامية؛إذ دافعت الدكتورة وسيلة خليفي عن المفهوم الخاص للعوم الإسلامية الذي يعني بالأساس علوم الشريعة وما يخدمها من علوم الآلة، مشيرة في عرض كرونولجي تاريخي إلى أن المصطلحات المتداولة تاريخيا للدلالة على هذا المفهوم هي بالخصوص: علوم الديانة، العلوم الشرعية، وذلك في استعمالات مدوني اصطلاحات العلوم والفنون القدامى على غرار الكندي والفارابي وابن سينا وحاجي خليفة وغيرهم؛ لكن الأستاذ عبد الله بوخلخال الرئيس السابق لجامعة الأمير لم يشأ الانسياق مع هذا الرأي مقدما مفهوما جديدا للعلوم الإسلامية يدخل في مساحته الدلالية كل العلوم التي ظهرت في الحضارة الإسلامية، سواء تلك التي أنتجها المسلمون أو أثروها بعد أن تلقوها من الحضارات المجاورة، بل ذهب بعيدا عندما قال إن جامعات إسلامية كثيرة عبر العالم تدرس إلى جانب علوم الشريعة علوم طبيعية وكونية وتقنية دون أن ترى في ذلك تناف مع رسالتها وتخصصها العلمي.
هذا الموقف من بوخلخال لم يجد الإجماع حيث اعترض البعض على هذا التوسع في المدلول؛ فرأى الدكتور محمد بوركاب أن للعلوم الإسلامية معناها الخاص الذي يقتصر على علوم الشريعة الدائرة في فلك الكتاب والسنة والعلوم الخادمة لها؛ أما غيرها من العلوم كالطب والهندسة وغيرهما فإنه وإن كانت دراستها واجبة على المسلمين فإنها لا تنضوي تحت مسمى العلوم الإسلامية.رئيس الجامعة اكتفى بالدعوة إلى العمل من أجل تعميم العلوم الإسلامية والرقي بها وضمان جودتها وحضورها أفقيا.
الجدل حول مدلول العلوم الإسلامية له أبعاد حول مستقبل جامعة الأمير، بين من يدعو لتوسيعها للآداب والعلوم الإنسانية والطبيعية والأخرى، ومن يطالب بإبقائها في فلكها الذي أنشئت من أجله بداية الثمانينات؛ كمؤسسة تعليمية تعنى بالدراسات الشرعية بما يضمن للجزائر تكوين إطارات تغطي هذا الجانب من الحياة الثقافية والتعليمية والتربوية.
ع/خ