نقود أثريــة نهـبت مـن الجــزائر في الثمانينيـــات تعـرض بمتاحـف أوروبيـــة
أفادت مديرة المتحف الجهوي سيرتا بقسنطينة بأن مجموعة كبيرة من النقود الأثرية التي تعود إلى الفترة ما قبل الرومانية قد سرقت من الجزائر في الثمانينيات وتعرض اليوم بمتاحف أوروبية، كما تحدثت عن العراقيل التي سُجلت عند استرجاع بعض القطع بسبب غياب الجرد.
وذكرت مديرة المرفق أمال سلطاني، خلال النقاش الذي أعقب المحاضرة التي ألقتها نهاية الأربعاء الماضي بالمتحف حول النقود ما قبل الرومانية بالجزائر وشمال إفريقيا، بأن مجموعة كبيرة من النقود الجزائرية ما قبل الرومانية التي أجريت عليها دراسات من قبل قد سرقت بشكل كلي خلال ثمانينيات القرن الماضي من متحف شرشال وتُعرض اليوم بالمتحف الملكي الدانمركي، كما أشارت إلى أن تهريب النقود الأثرية والاتجار غير الشرعي بها من النشاطات الكبيرة، خصوصا وأن بعض النقود تباع بمبالغ مالية خيالية لندرتها، على غرار نقود الإمبراطور الروماني ذو الأصول الإفريقية غورديان الأول الذي لم يحكم إلا ثلاثة أشهر ولم يضرب منها كميات كبيرة ما جعلها اليوم تباع بملايين اليوروهات، فضلا عن نقود الإمبراطور جستينيان التي يقتنيها اليهود بأغلى الأثمان، لأن المعني أباد أتباع هذا الدين وأصدر نقودا تصور جنديا بيزنطيا يقتل شخصا كتبت كلمة “يهودا” أسفله.
وأضافت المُحاضرة بأن نقود ماسينيسا والملوك النوميديين ذات قيمة كبيرة أيضا، حيث يوجد منهم بعض الملوك الذين لم يدم حكمهم طويلا وأصبحت نقودهم نادرة الوجود على غرار عذربعل، فضلا عن النقود البونيقية، في حين تساءل متدخلون عن سبب عدم استرجاع الآثار الجزائرية المنهوبة خلال الفترة الاستعمارية والمعروضة اليوم بمتاحف متعددة على رأسها متحف اللوفر، لكن مديرة المتحف قالت إنها قضية سياسية وواقعة خارج صلاحيات المتحف أو المختصين.وتحدثت المسؤولة عن الصعوبات التي عرفتها عملية استرجاع رأس الإمبراطور الروماني ماركوس أوريليوس من الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن سُرق من الجزائر وكاد يباع في المزاد العلني قبل حوالي أربع سنوات بسبب غياب الجرد، حيث رفض المدعي العام أن يتم المزاد بعدما لم يقدم الراغبون في بيعه وثيقة تثبت ملكيتهم له، ليتم حجزه بعد ذلك ومراسلة جميع السفارات بشأنه لمعرفة البلد الذي سرق منه، وكانت الجزائر الوحيدة التي قالت بأنه يعود لها، لكنها كادت أن تفقده مجددا بسبب عدم وجود وثيقة جرد في أرشيف متاحفها تثبت ملكيتها له، ولم ينقذ الموقف حينها إلا صورة صغيرة للرأس من أرشيف ما كان يعرف سابقا بالوكالة الأركيولوجية. وقد قالت المتحدثة إن عمليات الجرد مهمة جدا لحماية الآثار.
وعرضت المديرة صورة لوجهي عملة مدينة سيرتا في الفترة النوميدية، حيث كانت تحمل على إحدى جهتيها نقشا لبوابة سيرتا، التي ما زال المختصون يبحثون عنها إلى اليوم بحسبها، في حين أشارت إلى أن مدينة قسنطينة تملك اليوم واحدة من أكبر مجموعات النقود الأثرية في العالم معربة عن تطلع المتحف إلى إنشاء دليل يشملها جميعا، فضلا عن مدينة بجاية التي عثر فيها خلال الفترة الاستعمارية على كنز أثري يتكون من أكثر من ثلاثة آلاف عملة نقدية يعود تاريخها إلى الحرب البونيقية الثانية، وتحمل كل واحدة منها نقشا لرأس آلهة الأمومة والخصوبة تانيت لكنها لا تشبه بعضها. وقد قالت المحاضرة إنها أعدت دراسة حول تسريحة شعر تانيت في العملات النقدية الأثرية المذكورة ووجدت بأن شكلها تدهور تدريجيا مع تراجع مستوى الممالك التي ضربتها على مر الزمن.وتطرقت الباحثة أمال سلطاني إلى العديد من النقاط الأخرى، حيث قدمت عرضا عن النقود الأثرية المختلفة، واختلاف حجمها بحسب الوضعية الاقتصادية التي تصدر فيها، فضلا عن علاقة سكها بالحروب المختلفة التي عرفها سكان شمال إفريقيا خلال الفترة ما قبل الرومانية وظهور النقود منذ القرن الثالث ما قبل الميلاد والرموز الميثولوجية التي ضُمنت فيها، لكنها نبهت أيضا إلى أن المتاحف الجزائرية ما تزال مغلقة أمام الباحثين ولا تساهم بشكل كبير في دفعه إلى الأمام لمعرفة المزيد من المعلومات حولها.
سامي .ح