المجاهــد والدبلوماسي محمد الربعي يونــس صانع لحن رائعـــة جزائرنا
يعتبر المجاهد والدبلوماسي الراحل محمد الربعي يونس ، ابن مدينة العقلة بولاية تبسة و تلميذ الشيخ العربي التبسي والكاتب الشخصي للشهيد شريط لزهر وحافظ أسراره، من الشخصيات الثورية و الثقافية التي لم تأخذ حقها من الاهتمام و التخليد ، رغم التضحيات الجسيمة التي قدمتها للوطن و مسارها النضالي الطويل.
محمد الربعي يونس من مجاهدي وعلماء العقلة بولاية تبسة، واسمه الثوري " القائد يونس" من مواليد 02مارس 1925 ببلدية العقلة و قد كان ملحنا و إعلاميا ، فقد ملحن رائعة نشيد "جزائرنا " للشيخ محمد الشبوكي و المسؤول عن التنشيط الثقافي في الولاية الأولى أوراس النمامشة ،بدأ مسيرته التعليمية في مرحلة الابتدائي بمدرسة التهذيب للبنين والبنات بتبسة التي أنشأها الشيخ العربي التبسي، الذي اعتبره محمد الربعي الأب الروحي له .
التحق بجامعة الزيتونة في تونس عام 1945 ، وبعد حصوله على شهادة التحصيل في العلوم ، تم تعيينه في نفس الجامعة التي كان يتعلم فيها كمعلم مدرس ، و تتلمذ على يديه جمع غفير من الطلبة الذين التحقوا بالثورة التحريرية في الولاية الأولى (أوراس النمامشة ) المنطقة السادسة (تبسة)، فكان من بينهم شهداء ضحوا بأرواحهم في سبيل الجزائر . في عام 1955 استجاب المجاهد محمد الربعي يونس لنداء الوطن ، والتحق بالثورة وخاض عدة معارك بالمنطقة، و كان يقوم بتنظيم الإدارة وتسجيل الأحداث والمعارك التي دارت رحاها بها ، إلى جانب المراسلات وتنظيم الأموال والحسابات وتكوين الخلايا الشعبية لربط العلاقة الدائمة مع الشعب وجيشه وكتابة وتحرير المناشير ، ولا يزال أول منشور للمجاهد الربعي يونس شاهد على تلك المناشير ، حيث كتبه وسحبه على "الرونيو" وقد قامت أول وحدات من جيش التحرير بتوزيعه في منطقة وادي سوف ،فاشتبكت هذه العناصر مع قوات المستعمر ، واستشهد اغلب عناصر المجموعة التي عاد منها 11جنديا من بين 116 مجاهدا ، وتعد من أكبر المعارك الأولى في الصحراء الجزائرية ، وقد اشتهرت تلك المعركة بعبارة قالها أحد المجاهدين "اليوم ندخل الجنة بالباطوقاز.. وهو عبارة عن حذاء خشن يلبسه العسكر . بالنسبة لنظم وتلحين نشيد "جزائرنا" سبق للمجاهد محمد الربعي و أن أوضح " أثناء تبادل الرأي مع القيادة الأولى أوراس النمامشة ، في ما يخص التنشيط الثقافي في وحدات جيش التحرير ، اتجه الرأي مع الشهيد عباس الغرور وعثمان التيجاني وسيدي حني، إلى اقتراح أن يطلب من الشيخ محمد الشبوكي بأن يؤلف نشيدا ثوريا تتغني به كتائب جيش التحرير في ربوع الوطن ، وكلف المجاهد محمد بعلوج بالاتصال بالشيخ الشبوكي ، الذي كتب تلك القصيدة الرائعة ". و تسلم النشيد يونس الربعي وبدأ في تلحينه وإنشاده وتلقينه لمجموعة من المجاهدين في منطقة "الخناق الأكحل"، بجنوب مدينة العقلة. وقد استجابت وحدات جيش التحرير في أوراس النمامشة حفظا وإنشادا و كان النشيد موضع اعتزاز الجميع ،وبعد الأحداث والتقلبات العميقة التي عرفتها الولاية الأولى أوراس النمامشة خلال سنتي 1956 ـ 1957 ، التحق المجاهد محمد الربعي يونس بالمشرق العربي ، حيث أشرف على برنامج إعلامي من إذاعة وتلفزيون بغداد إلى غاية استقلال الجزائر ،التي عاد إليها ليعين في عام 1962 في وزارة الشؤون الخارجية كسكرتير ثان ، فوزير مفوض في سفارة الجزائر بالخرطوم (السودان) لمدة خمس سنوات، ثم كقائم بالأعمال. بعد ذلك تم تعيين الربعي يونس كنائب قنصل عام في جينيف بسويسرا، وانتهى به المطاف إلى التقاعد في عام 1987، ليفارق الحياة قبل سنوات، بعد مسيرة حافلة بالبطولات والأمجاد أحيطت طويلا بالصمت، ما جعل المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية ملحقة العقلة بولاية تبسة تستعد هذه الأيام لتنظيم ملتقى وطنيا يتناول بالدراسة و النقاش هذه الشخصية الثورية و الثقافية.
ع.نصيب