لن أعود إلى الشاشة بأعمال دون المستوى
قالت الفنانة بهية راشدي، بأنها تلقت عروضا للمشاركة في أعمال فنية فرفضتها، لأنها لم تكن في المستوى ولا تناسبها وانتقدت أعمالا لم تحترم حسبها، خصوصية المجتمع المحافظ، مشيرة إلى أن هناك إنتاجات لفقت تهما للشعب الجزائري.
و قدمت الفنانة في هذا الحوار الذي خصت به النصر على هامش حملة للتبرع بالدم نظمت مؤخرا بالبليدة، بعض أسرار النجاح في المجال الفني، مؤكدة على ضرورة أن يضاعف الفنان رصيده الثقافي و يتعلم اللغات في أوقات الفراغ ويشاهد الأفلام العالمية، ويتابع النجوم و ينهل من تجاربهم المهنية وكيف يكسبون قلوب الجماهير واحترامها.
حاورها : نورالدين عراب
أعمال لفقت تهمة للشعب الجزائري
النصر: متى ستطلين مجددا على جمهورك بأعمال درامية أو سينمائية جديدة؟
الفنانة بهية راشدي: تلقيت عروضا ورفضتها لأنها لا تناسبني لا من حيث الموضوع ولا من حيث الحوار، لكن هناك برنامج جديد للتلفزيون العمومي الجزائري، قد أشارك فيه بحول الله، البرنامج للمخرج بشير سلامي، لكن عنوانه لم يتحدد بعد.
ـ كنت من سيّدات الدراما الجزائرية، لكنك غبت عن الشاشة في السنوات الأخيرة، فهل تتابعين المسلسلات الجديدة و ما رأيك فيها؟
ـ تابعت بعض الأعمال الفنية، وقد لمست تحسنا إخراجيا رغم النزعة العنيفة لبعض المشاهد، أعتقد أن العائلات الجزائرية تفضل القصص التي تتحدث عنها وعن واقعها المعيش، وليس الأعمال التي تجمع صورا مختلفة ومفككة تشكل لوحة مختلطة لا تعبر عن الحقيقة.
هناك أعمال لفقت تهمة للشعب الجزائري، بسبب ما قدمته من صور مغلوطة، ولحد اليوم لم أشاهد نصا جيدا بحوار مناسب يحمل قصة وقضية و رسالة فعلية، يعكسها تمثيل عالي المستوى، وآسف فعلا لقولي هكذا كلام وأنا في هذا العمر.
في السنوات الماضية كانت هناك أعمال بسيطة قدمها ممثلون وممثلات سبقوني في هذا المجال، بميزانية شبه معدومة لكنها كانت تحمل رسالة واحتراما للجمهور واحتراما للقيم و لمجتمعنا الإسلامي.
ـ ما تعليقك على الأعمال الفنيّة التي صنعت ضجة على مواقع التواصل خلال رمضان، و قوبل بعضها بانتقادات كبيرة؟
ـ للجمهور الحق في تقييم الأعمال، لأن له خبرة وتجربة وكلمته يقولها، بعض الأعمال الرمضانية كانت دون المستوى و مخلة بالحياء للأسف، كما عرضت أعمال لا بأس بها وأخرى جميلة إلى حد ما، و المشكل ليس في المخرج ولا في الممثلين ولا في القصة، لكن في تسيير الميزانيات و اختيار الوجوه و تكريس مشاهد الضرب والعنف.
لا أنتقد كل ما قدم في رمضان، لأننا شاهدنا مسلسلات جميلة جدا بل و ممتازة، عالجت مواضيع جادة و قدمت في قوالب فنية رائعة أمتعتنا طيلة الشهر الفضيل.
هكذا يكون النجاح فنيا
ـ هناك جيل جديد من الفنانين الشباب الذين برزوا عبر الشاشة، ما هي نصائحك أو رسالتك إليهم؟
ـ أنا لست هنا لتقديم النصائح، لكن أقول لهم من باب تجربتي أن الفنان لابد عليه أولا وقبل شيء أن يثقف نفسه ويتعلم اللغات في أوقات الفراغ ويشاهد أفلام عالمية ويتابع قصص الممثلين الكبار و كيف برزوا و تربعوا على عرش النجاح و في قلوب الجماهير التي تبنتهم واحترمتهم.
على الفنان أيضا، أن يأخذ الأشياء الجمالية ويتبناها بدوره ويحاول توظيفها، كما يجب عليه التعلم من الفنانين الذين سبقوه، وأن يستمر في التكوين داخل المدارس و أن يستمع إلى التجارب السابقة و يتعلم.
ـ غيّب المرض زميلك صالح أوقروت، وافتقدنا جرعة المرح التي اعتاد تقديمها في رمضان، فما هي رسالتك إليه؟
ـ الفنان صالح أوقروت لم يترك فراغا فقط، فغيابه بمثابة خسارة لمدرسة كبيرة في الفن، جميعنا نحبه لتربيته وأخلاقه وحيائه وتمثيله، فهو الممثل الوحيد الذي برز بطريقته التلقائية و العصامي الذي حقق النجاح انطلاقا مما تتعلمه من والديه، لقد حباه الله بموهبة كبيرة و متفردة و أتمنى له الشفاء ليعود إلى الفن و إلى جمهوره، كما أشكر الصديقة ورفيقة دربه المخرجة والممثلة الرائعة فطيمة بلحاج، على وقوفها إلى جانبه و أدعو لها بالقوة و بجميل الجزاء لأنها أحبته و لا تزال تحبه.
ـ احتفلت الجزائر منذ أيام قليلة بعيد الفنان الذي يجري العمل لضبط قانون ينظم نشاطه، كيف تقيّمين واقع الفن في بلادنا اليوم و ما الذي تتطلعون إليه؟
ـ لا بد أن نعلم أنفسنا كيف نأخذ ونعطي، الفنان الجزائري عانى الأمرين طوال سنوات بسبب الفراغ القانوني و غياب نقابة تدافع عنه، فضلا عن أنه لا يمكن أن يخرج إلى الشارع ويطالب بحقوقه بطريقة فوضوية لأنه قدوة ورمز.
وزيرة الثقافة الحالية جاءت بحزمة من المشاريع و تعمل على دفع قانون الفنان، وهي خطوة مهمة وقد عبر الفنانون عن ذلك خلال الحفل الذي أقيم بمناسبة عيدهم، و بكى الكثيرون تأثرا، هناك أيضا مشاريع واعدة مثل مشروع المدينة السينمائية ومدرسة تكوين الفنانين ومصحة الفنانين كل هذه الأشياء رائعة ونتمنى المزيد، بداية بفتح مسارح وأماكن أو نواد للفنانين لأجل اللقاء.
نحتاج إلى مكتبة ونواد نتحدث فيها لغة الفن و نقرأ عن أعمال من سبقونا و عن الأدب، لابد كذلك أن يكون هناك احتكاك ومرافقة بيننا وبين المجتمع المدني، وبيننا وبين الجمهور، لذلك نتمنى فعليا أن تتجسد المشاريع على أرض الواقع.
بالنسبة لقانون الفنان، أعتقد أنه ليس أمرا سهلا أن نستحدث آلية منظمة ودقيقة بين ليلة و ضحاها، بل وجب العمل بجد وبشكل معمق لتحقيق هذا المقترح الذي جاء به المجلس الوطني للفنون والآداب، والذي نتمنى أن يثمر نصوصا جيدة و أن يتعزز ببنود أخرى تخدم واقع الفن في بلادنا.
العمل الإنساني جزء من مهمتي
ـ إلى أي حد يمكن للفنانين أن يثـروا مضامين هذا القانون؟
ـ الفنان على دراية بكل صغيرة وكبيرة تخص مجاله وهو وحده يدرك ما يحتاجه وكيف تؤثر الظروف عليه، فكيف مثلا لممثل أن يبدع وهو مستغل لمدة أسبوعين بعدما أمضى عقد عمل مدته ثلاثة أيام فقط، وكيف يستمر شغفه وهو يفكر في اللباس والنقل والتمويل ومع من يعمل وتوقيت إنهاء العمل. كل هذه الأشياء تؤثر على قدرته على العطاء.
اعتقد أن وجود قانون يصاغ انطلاقا من معطيات واقعية من شأنه أن ينظم القطاع، فعندما يظلم الفنان مستقبلا سيكون قادرا على التوجه إلى النقابة لتدافع عنه، وهو في رأيي طريق نعبده اليوم للأجيال القادمة من الفنانين.
ـ أنت اليوم سفيرة لمبادرة إنسانية للتبرع بالدم حدثينا عن هذا الجانب من شخصيتك و عن دور الفنان في النشاط التطوعــي ؟
ـ أولا أشكر جمعيات الرياحين على اختيار شخصي المتواضع لهذه المهمة، بعدما كان الحديث عن أسماء كبيرة لتمثيل المبادرة، أنا لست أفضل من أحد لكني أميل كثيرا للجانب الإنساني ومستعدة للعمل تطوعا لأنه جزء من مهمتي كفنانة وقدوة، وقد فضلت المشاركة في حملة للتبرع بالدم بإذاعة البليدة الجهوية،على حساب ومضة إشهارية قيمتها مليون دينار، وأجلت سفري إلى تونس لأكون موجودة رفقة المنظمين والمتبرعين لأنني أختار نفسي ومبادئي وقيمي في كل مرة.
ن ع