«كل منا في غزة يبحث عن ذويه» بهذه العبارة ردت الصحفية بقطاع غزة، فوزية الشامي، عن سؤال لنا عن الوضع في غزة عقب دخول قرار وقف إطلاق النار حيز التطبيق قبل أيام والذي وصفته بالمأساوي، مؤكدة أن كل شبر بالمنطقة تعرض للتخريب والدمار، فيما فقدت المنطقة 6 بالمائة من سكانها ويعاني البقية من آثار سلبية تحتاج لسنوات من أجل التعافي، وجهود دولية ومحلية مكثفة، متحدثة أيضا عن معاناة الصحفيين إبان الحرب والمنظومة الصحية وأمور أخرى تتعلق بإعادة الإعمار.
حاورتها :إيمان زياري
النصر: كيف هي الأوضاع في غزة بعد دخول قرار وقف إطلاق النار حيز التطبيق؟
عقب سريان الاتفاق، عمت الفرحة أرجاء القطاع، حيث خرج المواطنون في مسيرات و احتفالات بانتهاء العدوان، في المقابل انطلقت عمليات إزالة الأنقاض والبحث عن المفقودين، وعلى الرغم من حجم الدمار الهائل، يبدي سكان غزة عزيمة قوية من أجل إعادة بناء حياتهم، وسط جهود متواصلة لتقديم المساعدات الإنسانية التي بدأت بالتدفق عبر المعابر، إلى جانب الدعم النفسي والاجتماعي للمتضررين.
الكل بعد القرار ذهب ليبحث عن ركام منزله، وزيارة قبور الشهداء، كل منا يبحث عن ذويه.
النصر: ما حجم الخراب الذي كشف عنه وقف إطلاق النار؟
الخراب كبير وكبير جدا، لكن تقديرات الأمم المتحدة تقول بتعرض حوالي 60 بالمائة من المباني في غزة للضرر أو الدمار الكامل، نتيجة للغارات الجوية والعمليات العسكرية الإسرائيلية، مما أدى إلى نزوح نحو 90 بالمائة من السكان، بالإضافة إلى ذلك تشير التقديرات إلى وجود آلاف الجثث التي لا تزال مدفونة تحت الركام، مما يشكل تحديا كبيرا لفرق الإنقاذ، كما أن تراكم أكثر من 50 مليون طن من الأنقاض، يهدد بانتشار الأوبئة ويتطلب جهودا دولية لإزالتها وإعادة الإعمار.
منظومة صحية منهارة وأوبئة بالجملة تحتاج تكفلا سريعا
النصر: بعد حرب استهدفت فيها المنظومة الصحية بشكل مباشر، هل يمكن لك أن تصفي لنا الوضع الصحي هناك؟
بعد أكثر من 15 شهرا من الصراع المستمر، يعاني القطاع الصحي في غزة من انهيار شبه كلي، فقد استهدفت الهجمات الإسرائيلية المستشفيات والمرافق الصحية، مما أدى إلى تدمير العديد منها وقتل الكوادر الطبية، على سبيل المثال تم تدمير مستشفى ناصر الذي كان يضم 512 سريرا، ويقدم خدماته في ظل أوضاع قاسية، ومع ذلك لا تزال التحديات كبيرة رغم وقف إطلاق النار، فتدهور النظام الصحي بشكل حاد أدى لانتشار الأمراض مثل شلل الأطفال و التهاب الكبد، كما انخفضت معدلات التطعيم للأطفال من 99 بالمائة إلى 89 بالمئة، مما أدى إلى ظهور أول حالة شلل منذ 25 عاما. بالإضافة إلى ذلك، يواجه السكان صعوبة في الحصول على مياه آمنة، مع توقف محطات المعالجة عن العمل بانتظام، مما أدى إلى أكثر من 400000 حالة إسهال حاد، بينما ساهم الاكتظاظ في الملاجئ والمستشفيات في انتشار الأمراض، مع تسجيل أكثر من 100000 حالة التهاب كبد نوع أ وآلاف الحالات من الأمراض المعدية الأخرى.
النصر: كيف تقيمين عمليات المساعدة الدولية وكيف يجري توزيعها؟
المنظمات الدولية والهيئات الاجتماعية المحلية تقوم بالمهمة، وذلك من خلال الأونروا والتنمية الاجتماعية والمؤسسات الدولية المنتشرة في جميع أنحاء غزة.
النصر: كيف تنظرون في غزة لمشاريع إعادة الإعمار ؟
الأمر صعب حقا، لكن هذه المرحلة الحساسة تشمل إنشاء مراكز لإيواء النازحين الذين فقدوا منازلهم خلال الحرب، وذلك عن طريق بناء ما لا يقل عن 60 ألف وحدة سكنية مؤقتة، بالإضافة إلى توفير 200 ألف خيمة لإيواء الأسر المشردة، وكل هذه الجهود تهدف إلى توفير مأوى آمن ومؤقت للنازحين، ريثما يتم إعادة بناء منازلهم.
النصر: عدد كبير من الصحفيين استشهدوا خلال الحرب، حدثينا عن حالكم كصحفيين تحدوا الموت لإيصال الحقيقة للعالم؟
منذ اندلاع الحرب على غزة قبل أكثر من 15 شهرا، واجه الصحفيون الفلسطينيون ظروفا استثنائية و خطيرة، حيث تحولوا إلى أهداف مباشرة خلال تغطيتهم للأحداث، فقد قتل مئات الصحفيين أثناء أداء واجبهم المهني، بينما واصل من تبقى منهم العمل في بيئة محفوفة بالمخاطر، مع علمهم بأن الموت قد يكون مصيرهم في أي لحظة.
فغزة أصبحت واحدة من أخطر الأماكن في العالم على الصحفيين، حيث فقد الكثير منهم حياتهم أثناء تغطيتهم للحرب، أو أثناء استهداف منازلهم ومقار عملهم، كما تعرضت المؤسسات الإعلامية للقصف والتدمير، مما أجبر الصحفيين على العمل في ظروف قاسية، دون معدات كافية أو أماكن أمنة لنقل الحقيقة، وعلى الرغم من كل هذه التحديات، واصل الصحفيون العمل على توثيق جرائم الحرب و الإنتهاكات بحق المدنيين، في محاولة لنقل صوت غزة للعالم، كثير منهم كانوا ينتقلون بين مواقع النزوح والملاجئ مع عائلاتهم، حاملين معهم كاميراتهم وأدواتهم البسيطة لتوثيق اللحظات الصعبة التي يعيشها سكان القطاع.
كما تعاني الصحفيات في غزة من تحديات مضاعفة، إذ يواجهن ظروفا معيشية قاسية و انعداما للموارد، إلى جانب التهديدات المباشرة التي يتعرضن لها خلال تأديتهن لعملهن، بعضهن فقدن أفرادا من عائلاتهن، ومع ذلك واصلن نقل الأخبار وسط الألم والخوف، وفي ظل كل هذه الأوضاع، لا تزال الدعوات تتزايد لحماية الصحفيين في غزة، ومحاسبة الجهات التي تستهدفهم بشكل متعمد، خاصة وأن الجرائم ضد الصحفيين تعد انتهاكا واضحا للقانون الدولي الإنساني. إ.ز