إيتيم حورية رفعت شأن مرجان القـــــالــة فتألقت عــالميــــا
تداعب يداها الناعمتان، واحدة من أمتن أنواع الأحجار الكريمة، فتصنع السيدة إيتيم حورية تحفا نادرة، محاولة المزج بين تخصص المحاسبة و حرفة تعلمتها عن حب، فكانت أول امرأة زاحمت الرجال فيها، لتنجح بذلك في صناعة تحف أبهرت العالم بأسره، و مكنت الجزائر من الفوز بالمراتب الأولى
في أشهر منافسة تجارية عالمية بشنغهاي، ليتألق مرجان القالة أمام أجود أنواع الأحجار و أجمل الحرف حول العالم.
ابنة مدينة القالة بالطارف، لم تكن قبل سنوات التسعينيات تمارس مهنة صقل المرجان و صناعة الحلي، فقد كانت منشغلة بالمحاسبة المهنة التي درست تخصصها، لكن حبها و عشقها للحرفة ظل يراودها، خصوصا وان زوجها كان يعمل في إحدى المؤسسات الحكومية المتخصصة في صقل المرجان، قبل أن يحال على البطالة بعد خوصصة المؤسسة، فوجدت العائلة نفسها أمام حتمية خلق نشاط خاص و البحث عن باب بديل للاسترزاق.
المحاسبة التي تحولت إلى أول حرفية للمرجان
بدأت قصة السيدة إيتيم مع مداعبة عروق المرجان الخام مباشرة بعد هذه المرحلة، فبين الحاجة وعشق المرجان، قررت تعلم كل حرف صقله و صناعة الحلي منه على يد زوجها، الذي لم يدخر جهدا في تعليمها، إلى درجة جعلتها تتألق، لتكون بذلك أول امرأة تتعلم هذه الحرفة في مدينتها المعروفة بجودة مرجانها محليا و دوليا، لتتحول بذلك من محاسبة إلى حرفية من طينة الكبار،إذ لاتزال تمارس نشاطها الذي باشرته سنة 1993 إلى غاية اليوم.
تعلم السيدة حورية، لهذه الحرفة ساهم في خلق نشاط عائلي، من استحداث شراكة بين الزوجين اللذين فتحا ورشة خاصة بهما، قبل أن تستفيد هي لاحقا من محل في إطار القرض المصغر، ما مكنهما من توسيع نشاطهما، و أتاح لهما الفرصة للتفنن في حرفة لا يمتهنها سوى 4 حرفيين على مستوى ولاية الطارف، بينما يتاجر فيها تاجران فقط، و تتقلد محدثتنا، اليوم منصب رئيسة جمعية الحرفيين لولاية الطارف.
تصاميم خاصة و أخرى
مستوحاة من التراث
و بالجمع بين شغف الحرفة و المهارة، نجحت السيدة حورية في صناعة قطع من الحلي تفرض نفسها في السوق الوطنية، هي نتاج ساعات و أيام من العمل على صقل و تدوير المرجان و الفضة داخل ورشة خاصة، من أجل الحصول على سلعة مميزة تفتك مكانة خاصة في سوق الحلي التقليدية محليا و خارج حدود الوطن، فالحرفية تمكنت اليوم من إيصال مرجان القالة الذي يعتبر الأجود من نوعه في منطقة شمال إفريقيا، إلى أقصى بقاع الأرض، و ذلك بفضل حرصها على إنجاز تصاميم خاصة، تقول بأنها تحمل بصمتها الخاصة، كما تستوحي بعض أفكارها من التراث الجزائري كالحلي البربرية، بينما تبقى سلاسل اللؤلؤ الأكثر طلبا بحسب الحرفية، التي قالت بأن منتجاتها تجاوزت حدود الجزائر بفضل زبائن دائمين يقصدون محلها ليبحثوا عن الجديد الجميل في كل مرة.
هذا و تسعى حورية إيتيم، إلى نقل الحرفة لبنات المنطقة، عبر تعليمهن أصولها داخل ورشتها الخاصة، بعد أن فتحت لهن الباب لولوج عالم صقل أحجار المرجان.
الجائزة الأولى في المعرض الدولي للواردات بشنغهاي
تمكن السيدة حورية من حرفتها و إتقانها لها، جعلها مطلوبة في مختلف المنافسات المحلية و الوطنية و الدولية، فبالإضافة إلى المشاركة في مختلف المعارض التي تقام في الجزائر، تشارك و زوجها في منافسات دولية أيضا، حيث سبق لهما أن عرضا منتوجهما في مناسبات خاصة في دبي و البحرين و فرنسا، أما آخر مشاركاتها فكانت خلال المعرض الدولي للواردات بشنغهاي، بدولة الصين الشهر الماضي، أين شاركا رفقة أزيد من 3 آلاف عارض، و تمكنا من افتكاك الجائزة الأولى تقديرا للفن الذي عكسته على عروق المرجان. و في انتظار توفير آلات تساعد السيدة حورية و أمثالها، على التخفيف من معاناة التعامل مع الأحجار الكريمة، يبقى هؤلاء يتفننون في الإبداع و صناعة حلي راقية يدوية الصنع. إ.زياري